
في وقت تشهد فيه الساحة السودانية تصاعدًا في التوترات الأمنية والإنسانية، تتجه الأنظار إلى شمال دارفور حيث رفعت القوات المسلحة والقوة المشتركة درجة الاستعداد القصوى، تحسبًا لهجوم محتمل للمليشيا المتمردة على الطينة وكرنوي، بالتزامن مع أزمة إنسانية متفاقمة بسبب السيول والفيضانات التي أضرت بثلاث عشرة ولاية وأغرقت آلاف الأسر.
تطورات المشهد السوداني تعكس استمرار حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد، وسط تحديات أمنية في الغرب، وأخرى بيئية وخدمية في ولايات الوسط والشمال، بينما يؤكد الاتحاد الإفريقي أن الحوار الشامل بين السودانيين يظل السبيل الوحيد نحو الحل المستدام.
الجيش والمشتركة في حالة تأهب قصوى بشمال دارفور
كشفت مصادر عسكرية بمدينة الطينة لـ "الفجر" أن الجيش والقوة المشتركة رفعا درجة الجاهزية بعد ورود تقارير عن حشود كبيرة للمليشيا المتمردة في جبل حتانة جنوب غرب الطينة، وبلدة كتم شمال غرب الفاشر، تمهيدًا لشن هجوم يستهدف مدينتي الطينة وكرنوي خلال الأيام المقبلة.
وأوضح مصدر عسكري أن المليشيا حشدت آليات قتالية وقوات ضخمة في جبل حتانة الواقع بين جرجيرة وكلبس، على بعد 50 كيلومترًا من الطينة، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة تلقت معلومات مؤكدة باعتزام المليشيا تنفيذ الهجوم خلال الأسبوع الجاري.
في السياق نفسه، أكد شهود عيان من مدينة كتم أنهم رصدوا استعدادات ميدانية مكثفة للمليشيا منذ يوم الخميس الماضي، وسط دعم من مجموعات مسلحة متحالفة معها.
وبحسب مقاطع مصوّرة بثها أفراد من القوة المشتركة، فقد تم تدمير عدد من المركبات القتالية التابعة للمليشيا في كردفان، في مؤشر على تصاعد حدة المواجهات العسكرية في الغرب السوداني.
السيول والفيضانات تضرب 13 ولاية وتضر بآلاف الأسر
وعلى الصعيد الإنساني، أعلنت اللجنة الفنية لطوارئ الخريف والفيضانات تضرر ثلاث ولايات جديدة هي الجزيرة، الشمالية، والنيل الأبيض خلال الأيام الأربعة الماضية، مؤكدة أن إجمالي الولايات المتأثرة منذ نهاية يونيو الماضي ارتفع إلى 13 ولاية.
وأوضحت اللجنة أن السيول والأمطار الأخيرة أضرت بـ 386 أسرة تضم نحو 1900 شخص في ست محليات وخمس عشرة منطقة، فيما بلغ العدد التراكمي منذ بداية الموسم أكثر من 25 ألف أسرة تضم نحو 125 ألف فرد.
وحذرت اللجنة من ارتفاع متوقع في مناسيب المياه خلال الأيام الثلاثة المقبلة، داعية السلطات المحلية إلى تعزيز جاهزيتها لمواجهة أي تطورات ميدانية.
مشاريع استراتيجية لتعزيز الأمن الدوائي في ولايتي الجزيرة ونهر النيل
في إطار الجهود الحكومية لدعم القطاع الصحي، وقع الصندوق القومي للإمدادات الطبية عقودًا لتشييد مخازن استراتيجية جديدة في ولايتي الجزيرة ونهر النيل، تهدف إلى تطوير البنية التحتية لتخزين الأدوية وضمان توزيعها العادل.
ومن المقرر أن يتم إنشاء مخزن الجزيرة على مساحة 13 ألف متر مربع بتكلفة 5.34 مليون دولار خلال ثمانية أشهر، بينما يقام مخزن نهر النيل على مساحة 6،600 متر مربع بتكلفة 7.76 مليون دولار خلال عشرة أشهر.
من جانبها، كشفت الإدارة العامة لشؤون مياه النيل بوزارة الزراعة والري عن ارتفاع خطير في مناسيب النيل بجميع الأحباس، محذّرة من احتمال وقوع فيضانات في المناطق المتاخمة لمجاري النهر والسيول.
وأشار التقرير إلى أن إيراد النيل الأزرق تجاوز 730 مليون متر مكعب يوميًا، في حين بلغ تصريف سد الروصيرص 670 مليون متر مكعب، وسد سنار 600 مليون متر مكعب، وسد مروي أكثر من 700 مليون متر مكعب.
ودعت الإدارة المواطنين في المناطق القريبة من النيل إلى توخي الحذر والابتعاد عن مجاري السيول خلال الأيام المقبلة.
الاتحاد الإفريقي يدعو لوقف القتال واستئناف الحوار
وفي السياق السياسي، شدد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف على أن الحوار الشامل بين السودانيين هو الطريق الوحيد نحو سلام دائم، داعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار وتهيئة الأجواء للحل السلمي.
وجاءت تصريحاته خلال الاجتماع الوزاري المشترك بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي بشأن السودان في نيويورك، حيث أكد التزام الاتحاد بتوحيد الجهود الدولية والإقليمية تحت مظلته لإنهاء الصراع.
من جانبه، عقد رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس اجتماعًا في بعثة السودان بالأمم المتحدة مع الباحث الأمريكي كاميرون هدسون، بحثا خلاله تطورات الأوضاع السياسية والإنسانية في البلاد، وسبل دعم جهود السلام.
بهذا المشهد المتشابك بين التصعيد العسكري والكارثة الإنسانية وتحديات البنية التحتية، يبدو أن السودان يعيش مرحلة حرجة تتطلب تكاتف الجهود المحلية والدولية، وإطلاق حوار وطني شامل يضع حدًا للحرب ويعيد للبلاد توازنها واستقرارها.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.