يشهد سوق الذهب واحدة من أعنف موجات الصعود في تاريخه الحديث، بعدما قفزت أسعار الذهب عالميا بنسبة 44% منذ مطلع العام الجاري، لتنتقل الأونصة من حدود 2600 دولار إلى نحو 3800 دولار حاليًا، في مشهد يعكس حجم القلق الذي يسيطر على الأسواق العالمية.
أسباب صعود أسعار الذهب عالميا
ومع تزايد التوقعات بوصول أسعار الذهب إلى عتبة 4000 دولار للأونصة، يطرح سؤال جوهري نفسه: متى تتوقف هذه الموجة الجامحة؟ وهل ثمة عوامل قادرة على كسر صعود المعدن النفيس، أم أن السوق مقبل على مرحلة جديدة من الارتفاعات القياسية التي قد تعيد صياغة خريطة الاستثمار العالمية؟
متى يتوقف صعود أسعار الذهب؟
في هذا الإطار يرى تحليل حديث صادر عن وكالة بلومبرج أن هناك محورين أساسيين، إذا اجتمعا معا، قد يشكلان نقطة تحول توقف الصعود المفرط لـ أسعار الذهب وهما:
الانضباط المالي في الولايات المتحدة:
أي عودة حقيقية لضبط العجز المالي الأمريكي قد تكون بداية النهاية لموجة الارتفاع الحالية، فالقدرة على التحكم في الدين العام وإعادة الانضباط للموازنات من شأنها أن تعزز الثقة في الاقتصاد الأمريكي وتعيد للمستثمرين إقبالهم على السندات والدولار بدلا من الذهب.
انفراجة جيوسياسية عالمية:
تراجع التوترات الدولية، ولا سيما الحرب الروسية الأوكرانية والصراع في غزة، قد يخفف من حدة المخاوف التي تدفع نحو التحوط بالذهب، فالمشهد العالمي أكثر ما يحتاجه اليوم هو التهدئة السياسية وإعادة بناء الثقة بين القوى الكبرى، وهو ما سينعكس مباشرة على الأسواق.
غياب البديل النقدي:
ورغم أهمية هذين المحورين، يظل التحدي الأكبر في غياب عملة ورقية قادرة على منافسة الدولار عالميا، فالذهب يواصل لعب دور "خطة الطوارئ" في ظل محدودية الخيارات المتاحة أمام البنوك المركزية والمستثمرين الدوليين، مما يعزز موقعه كأداة تحوط أولى.
الحل في ظهور أصول أخرى أكثر جاذبية من الذهب
تحليل وكالة بلومبرج ذاته لم يستبعد ظهور أصول حقيقية قد تكون أكثر جاذبية من الذهب من حيث القيمة أو العائد، إلا أن هذه الفرضية لم تتحقق بعد بشكل ملموس، ولكن إذا ظهر أصل قادر على اجتذاب الاستثمارات بنفس قوة المعدن النفيس، فقد يسحب جزئيا البساط من تحت الذهب ويعيد التوازن للسوق.
ويمكن القول إن صعود الذهب اليوم يقوم على ثلاثة أعمدة مترابطة: الخوف المالي من أزمات الديون والتضخم، القلق الجيوسياسي الناتج عن الصراعات العالمية، وغياب البدائل النقدية والسلعية المنافسة، وبينما ينتظر المستثمرون تحولات قد توقف هذه الموجة، يبقى الذهب حتى اللحظة الراهنة اللاعب الأكثر هيمنة في المشهد الاقتصادي، وخط الدفاع الأول ضد تقلبات عالم لا يزال يبحث عن استقرار مفقود.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
