تدخل حرب غزة يومها الـ722 على التوالي في ظل تصاعد القصف الإسرائيلي العنيف على القطاع برًا وجوًا، واستمرار سقوط عشرات الشهداء يوميًا، ما يعمّق المأساة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين بين الدمار والجوع والأوبئة.
وبينما تتزايد الضغوط الدولية لوقف القتال، تتحرك الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب نحو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يتضمن انسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا مقابل الإفراج عن الرهائن وتسهيلات إنسانية، وسط تضارب في المواقف بين تل أبيب وحماس.
تصعيد دموي متواصل
واصلت الطائرات الحربية الإسرائيلية شن غاراتها المكثفة على مناطق متفرقة في قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد 54 فلسطينيًا منذ فجر السبت وفق مصادر طبية، في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال عملياتها البرية شمال ووسط القطاع، وتوسع دائرة الدمار والتهجير القسري.
كما شهد مخيم طولكرم ونور شمس في الضفة الغربية عدوانًا مماثلًا أدى إلى تدمير واسع في البنية التحتية ونزوح عشرات العائلات، في مشهد يؤكد اتساع رقعة التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية كافة.
خطة ترامب على طاولة المفاوضات
في خضم هذا المشهد المأساوي، كثّف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، تحركاته لإتمام صفقة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
وبحسب صحيفة هآرتس العبرية، فقد وافقت حماس من حيث المبدأ على الخطة الأمريكية التي تتضمن الإفراج الفوري عن جميع الرهائن الإسرائيليين مقابل انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، مع السماح بدخول المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار تحت إشراف دولي.
لكن مسؤولًا في حماس أكد في تصريح لقناة التلفزيون العربي أن الحركة لم تتسلم أي عروض رسمية بشأن وقف إطلاق النار حتى الآن، ما يعكس استمرار الغموض حول تفاصيل المبادرة الأمريكية التي تسعى إدارة ترامب لتسويقها عربيًا ودوليًا قبل الانتخابات الأمريكية المقبلة.
تحركات إقليمية ودولية مكثفة
وفي موازاة المساعي الأمريكية، تتواصل الجهود الإقليمية والدولية للضغط من أجل إنهاء الحرب.
حيث أعلن وزير الخارجية السعودي أن بلاده قدمت 141 مليار دولار كمساعدات إنسانية وتنموية في مختلف أنحاء العالم، مؤكدًا أن "ما يشهده الشعب الفلسطيني من مجاعة ومعاناة إنسانية يتنافى مع مبادئ القانون الدولي"، مشيدًا في الوقت ذاته بـ "الاعتراف الدولي المتزايد بالدولة الفلسطينية".
كما أعلنت جمهورية سان مارينو رسميًا الاعتراف بدولة فلسطين، لتنضم إلى قائمة الدول الأوروبية التي اتخذت هذا الموقف خلال الأشهر الأخيرة تضامنًا مع الشعب الفلسطيني.
المشهد الميداني: أسطول الصمود وقيود إسرائيلية جديدة
في تطور لافت، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن طائرة تركية تحلق فوق أسطول الصمود المتجه إلى غزة لليوم الثاني على التوالي، في إشارة رمزية إلى استمرار الجهود الشعبية والدولية لكسر الحصار البحري المفروض على القطاع منذ أكثر من 17 عامًا.
في المقابل، كشفت القناة 12 العبرية أن قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي تستعد لمرحلة جديدة من العمليات، تتضمن تقييد الحركة في جنوب القطاع وتشديد التفتيش على السكان لمنع عناصر حماس من الوصول إلى ما تصفه تل أبيب بـ "المناطق الإنسانية".
في النهاية بعد أكثر من 700 يوم من الحرب، تتضح ملامح مرحلة جديدة قد ترسمها خطة ترامب، لكنها لا تزال رهينة الحسابات الانتخابية الأمريكية والمصالح الإسرائيلية، مقابل واقع فلسطيني مأساوي يتدهور يومًا بعد يوم، وبينما تستمر الغارات والدمار، يظل وقف إطلاق النار الشامل هو الأمل الوحيد لإنقاذ ما تبقى من غزة المنكوبة.