حذّر تحليل حديث من مخاطر بدأت تلوح بالأفق أمام صناعة الغاز المسال الأميركي، ليس بسبب عوامل خارجية، وإنما بسبب توسُّعها "المذهل".
ويومًا بعد يوم، يكتسب القطاع زخمًا بدعم من الدعم السياسي للرئيس الأميركي دونالد ترمب، والنمو السريع على مستوى النطاق والأهمية، والطفرة التي غيّرت ملامح الصناعة العالمية خلال العقد الماضي.
وعلاوة على كونها أكبر مصدر للغاز المسال عالميًا حتى النصف الأول من 2025 الجاري، من المتوقع أن تشكّل الولايات المتحدة نحو نصف إضافات السعة العالمية بحلول عام 2030، وفق أحدث البيانات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ذلك النمو يحمل في طيّاته خطر حدوث تخمة للمعروض العالمي في الوقت الذي لا يكون فيه الطلب على وتيرة النمو نفسها بما يهدد المنتجين المحليين.
ومحليًا، من المتوقع ارتفاع أسعار الكهرباء نتيجة زيادة الطلب على الغاز الطبيعي لأغراض التوليد مع تراجع الطاقة المتجددة، ما يضع قطاعي الكهرباء والغاز المسال في "منافسة مباشرة" على إمدادات الغاز.
أهمية قطاع الغاز المسال الأميركي
يقول الكاتب المتخصص في أسواق الطاقة رون بوسو، إن صادرات الغاز المسال الأميركي قد شهدت توسعًا مذهلًا خلال العقد الماضي، كما تنمو الصناعة بسرعة من ناحية النطاق والأهمية على حدّ سواء، بدعم من نقاط القوة التالية:
- وفرة الغاز الصخري البري الذي جعل من الولايات المتحدة أكبر مصدر للغاز المسال في العالم.
- تسارع بناء محطات تسييل الغاز في أميركا في السنوات الأخيرة.
- يتوقع وزير الطاقة كريس رايت أن يتجاوز الغاز المسال النفط ليكون أكبر الصادرات الأميركية في السنوات المقبلة.
- ترى إدارة الرئيس دونالد ترمب شراء الدول الأخرى للغاز المسال الأميركي بوصفه أفضل السبل لتقليل العجز التجاري مع الولايات المتحدة.
- الدور الرئيس لصادرات الغاز المسال الأميركي إلى أوروبا في إنهاء الاعتماد على الواردات من روسيا.
- أصبح لصادرات الغاز المسال الأميركي دور سياسي حاسم وقوة اقتصادية ساحقة.
- من المتوقع أن تشكّل الولايات المتحدة نصف نمو سعة صادرات الغاز المسال العالمية التي ستزداد بنسبة 60% بحلول نهاية العقد الجاري (من 559 مليار متر مكعب في 2024 إلى 890 مليار متر مكعب في 2030).

لكن تلك القدرات المتنامية قد تصطدم بالواقع القاسي للسوق خلال السنوات المقبلة، بحسب الكاتب رون بوسو الذي عزا الأمر إلى سببين رئيسين، أولهما تخمة المعروض العالمي، وهو ما يهدد بأن تسقط صناعة الغاز المسال الأميركي ضحية لنجاحها الخاص.
وإجمالًا، من المتوقع أن يتسبب النمو السريع للقدرات الأميركية في فائض معروض بسوق الغاز المسال العالمية.
وشبّه الكاتب الوتيرة السريعة لبناء محطات تسييل الغاز الأميركية بارتفاع إنتاج النفط الصخري الأميركي خلال العقد الماضي إلى حدّ كبير، وهو ما تسبَّب في إحدى أكبر فترات التراجع بالقطاع.
وبناءً على توقعات تراجع الطلب ووفرة المعروض بدءًا من عام 2026 المقبل، من المرجّح أن تنخفض أسعار الغاز، وخاصة في قارّتي آسيا وأوروبا، وهو ما سيقلّص هوامش أرباح المنتجين.
ونظرًا لأن تكاليف الحصول على الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة أعلى من قطر، قد يضطر منتجو الغاز المسال في أميركا إلى تقليص بعض إنتاجهم، وكذلك خفض حصتهم بالسوق.
وبناءً على الفجوة بين المعروض وتراجع الطلب، ستتأثر بشدة صناعة الغاز المسال، لكن عُمق تخمة المعروض ومدة تأثيرها سيعتمدان على عاملين اثنين، هما: معدلات تناقص مشروعات التسييل وإستراتيجية قطر لتسويق غازها المسال.
ويوضح الرسم البياني التالي –من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- تصدُّر الولايات المتحدة وقطر قائمة أكبر مصدري الغاز المسال عالميًا في النصف الأول من 2025:
توقعات أسعار الغاز في أميركا
على العكس تمامًا من قطاع الغاز المسال، يتوقع الكاتب رون بوسو أن ترتفع أسعار الغاز في أميركا خلال السنوات المقبلة بِفعل نمو الطلب الذي سيضع مراكز البيانات في منافسة مباشرة مع محطات تصدير الغاز المسال.
وسيكون ارتفاع أسعار الغاز للسببين التاليين:
- بطء تطوير محطات توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وخاصة بعد إقرار ترمب القانون الكبير الجميل الذي حرم مشروعات الطاقة منخفضة الكربون من إعفاءات ضريبية بقيمة نصف تريليون دولار.
- ارتفاع الطلب على الكهرباء في العام المقبل (2026) بقيادة مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي، اللذين من المتوقع أن يشكّلا نحو نصف الطلب الأميركي على الكهرباء بحلول عام 2030 (وفق توقعات وكالة الطاقة الدولية).
يُشار هنا إلى أن إدارة معلومات الطاقة الأميركية تتوقع أيضًا ارتفاع أسعار الغاز وفق مؤشر "هنري هب" المرجعي في الولايات المتحدة (Henry Hub) من 2.94 دولارًا للمليون وحدة حرارية بريطانية في 2025 إلى 3.43 دولارًا للمليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2030.
وبناءً على ارتفاع أسعار الغاز، سترتفع أسعار الكهرباء في أميركا، وهو ما بدأ يظهر خلال النصف الأول من 2025 بنسبة 4.5% في المتوسط على أساس سنوي.
لكن النسبة كانت أكبر لتصل إلى 15% على الأقل في يوتاه ومين وكونيتيكت، وبلغت 3% في تكساس و7.5 في لويزيانا.
ورغم أن ارتفاع أسعار الغاز لا يشكّل قضية سياسية شائكة في الوقت الراهن، فإن إدارة الرئيس ترمب قد تلجأ إلى تقييد إمدادات الغاز المخصصة لمحطات تصدير الغاز المسال الأميركي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: