أعلن علي لاريجاني، رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن طهران رفضت بشكل قاطع شرطاً وضعته الولايات المتحدة الأمريكية يتعلق ببرنامجها الصاروخي. واشترطت واشنطن أن يكون مدى الصواريخ الإيرانية أقل من 500 كيلومتر، وهو ما اعتبره لاريجاني انتقاصاً من سيادة بلاده وقدرتها الدفاعية، مؤكداً أن "أي إنسان غيور لا يمكن أن يقبل بمثل هذا الشرط".
الدفاع في مواجهة إسرائيل
لاريجاني أوضح أن إصرار إيران على تطوير برنامجها الصاروخي لا يأتي من فراغ، بل ينبع من اعتبارات استراتيجية تتعلق بالأمن القومي، مشيراً إلى أن تحديد مدى الصواريخ تحت 500 كيلومتر يعني عملياً التخلي عن القدرة الدفاعية أمام إسرائيل، وهو أمر غير مطروح للنقاش من وجهة النظر الإيرانية.
المفاوضات والرد الإيراني
المسؤول الإيراني شدد على أن "الأمن القومي ليس مجالاً للمساومة"، رافضاً اتهامات واشنطن بأن طهران غير مستعدة للحوار. وقال: "كنا نتفاوض عندما تعرضنا لهجوم عسكري، وإذا قُدِّم اقتراح عقلاني وعادل يحافظ على مصالح إيران فسندرسه بجدية".
موقف أوروبي متباين
وفي سياق متصل، كشف لاريجاني أن فرنسا بعثت برسالة إلى إيران جاء فيها أن "الترويكا الأوروبية" (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا) قد تسحب طلب تفعيل آلية "سناب باك" الخاصة بإعادة فرض العقوبات الدولية، إذا توصلت طهران إلى اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
يأتي هذا الموقف بينما تواصل إيران مشاوراتها مع الأوروبيين بشأن العقوبات، وفق ما أكده وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عقب اجتماعه مع نظرائه من الدول الأوروبية الثلاث في نيويورك.
تصاعد الضغوط الغربية
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن فرص الحل الدبلوماسي باتت محدودة للغاية، متهماً إيران بالمماطلة على مدى سنوات وانتهاك التزاماتها في الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بفيينا. وأضاف أن استمرار طهران في تخصيب اليورانيوم بمستويات تتجاوز الاستخدامات المدنية يضع المجتمع الدولي أمام خيارات صعبة.
عودة العقوبات الدولية
تأتي هذه التطورات بعد أن صوّت مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار كان يهدف إلى تمديد إعفاء إيران من العقوبات. وبموجب ذلك، ستتم إعادة فرض الإجراءات العقابية التي فُرضت بين عامي 2006 و2010 اعتباراً من الأحد المقبل، وهو ما يعني عودة الضغوط الاقتصادية والسياسية على طهران.
الاتفاق النووي بين التمسك والانهيار
تجدر الإشارة إلى أن الدول الأوروبية الثلاث – ألمانيا وفرنسا وبريطانيا – كانت من أبرز الموقعين على الاتفاق النووي عام 2015، والذي نص على رفع العقوبات مقابل التزام إيران بتقييد أنشطتها النووية. غير أن هذه الدول أعلنت في أغسطس الماضي تفعيل آلية "العودة التلقائية" للعقوبات، معتبرة أن إيران خرقت الاتفاق بشكل جوهري، الأمر الذي يعيد الأزمة إلى نقطة الصفر تقريباً.
برفضها الشرط الأميركي، تعلن إيران تمسكها بقدراتها الدفاعية وتوجه رسالة واضحة بأنها لن تساوم على أمنها القومي. وفي المقابل، يبدو أن الغرب عازم على إعادة فرض العقوبات مع تضاؤل فرص الحلول الدبلوماسية. وبين المواقف المتشددة، يبقى مستقبل الاتفاق النووي معلَّقاً، فيما يتوقع أن تدخل المنطقة مرحلة جديدة من التوتر السياسي والدبلوماسي.