أكد محمد فرغلي، عضو مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن من أعظم مظاهر التكريم الإلهي للإنسان أن حفظ الله كرامته وصان جسده وعِرضه، وجعل الاعتداء على هذه الكرامة ظلماً كبيراً.
وأوضح خلال حلقة برنامج "فكر"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن التطرف في جوهره يبدأ من كسر الحاجز النفسي تجاه العدوان، وأن التحرش يُعدّ صورة من صور هذا العدوان، وإذا تُرك بلا مواجهة فإنه يغذي عقلية الاستباحة التي ينطلق منها المتطرفون في فكرهم وسلوكهم، فكما يستبيح المتحرش كرامة الآخرين، يستبيح الإرهابي دماء الناس وأموالهم.
وأضاف فرغلي أن علم النفس يؤكد أن السلوكيات المنحرفة لا تبدأ فجأة، بل تسلك مساراً تصاعدياً يبدأ بتجريد الضحية من إنسانيتها والنظر إليها كجسد أو هدف، وهي الآلية نفسها التي يستخدمها المتطرف عندما يسقط عن الآخرين صفة الإسلام أو الوطنية ليستبيح دماءهم وحرماتهم.
وأشار إلى أن التحرش إذا تُرك بلا رادع قد يؤدي إلى تصعيد في السلوكيات المنحرفة وصولاً إلى ممارسة العنف والإرهاب، مستشهداً بحوادث واقعية تُظهر كيف يمكن للتحرش أن يتطور إلى جرائم أكبر.
وأوضح أن الآثار النفسية للتحرش قد تكون عميقة وطويلة المدى، وقد تدفع بعض الضحايا إلى الانتحار أو العنف، كما أن غياب العدالة والدعم قد يولد لدى الضحية شعوراً بالكراهية للمجتمع بأكمله، وهو الشعور الذي تستغله الجماعات المتطرفة لتجنيد هؤلاء الضحايا عبر وعود بالثأر أو "تطهير" المجتمع.
ولفت فرغلي إلى أن الجاني الذي لا يواجه عقاباً رادعاً أو إعادة تأهيل يشعر بالقوة والإفلات من العقاب، مما يقوده إلى توسيع دائرة انتهاكاته وصولاً إلى تهديد أمن الآخرين وربما الانضمام لاحقاً لجماعات تمنحه شرعية أيديولوجية لاستكمال مسيرة العنف والانحراف.
وبيّن أن الأرضية المشتركة بين المتحرش والمتطرف هي تعطيل التعاطف الإنساني، حيث يفقد كلاهما القدرة على الشعور بألم الآخرين. وأضاف أن من السمات المشتركة أيضاً التبرير الذاتي، إذ يبدأ المتحرش بتبرير فعلته لنفسه بإلقاء اللوم على الضحية، ثم تتطور هذه الآلية لتصبح أكثر عنفاً لدى المتطرف الذي يبرر القتل أو العنف بحجة فساد المجتمع.
وأكد على أن مواجهة التحرش ليست مجرد قضية أخلاقية أو اجتماعية، بل هي جزء أصيل من معركة المجتمع بأكمله ضد التطرف والإرهاب، موضحاً أن التجفيف الحقيقي لمنابع الإرهاب يبدأ من تجفيف منابع الانحرافات الصغيرة التي تبدو عابرة لكنها تحمل عوامل انهيار خطير في بنيان المجتمع.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.