أخبار عاجلة
رسامات جديدة بدير الشهيد مارجرجس في الخطاطبة -
زد يقدم شكوى مزدوجة لاتحاد الكرة ضد التحكيم -

حوار تليفزيوني مع بليغ حمدي ملك الموسيقى والتنوع والتجديد: المسرح الغنائى يحتاج إلى الأصوات الشابة

حوار تليفزيوني مع بليغ حمدي ملك الموسيقى والتنوع والتجديد: المسرح الغنائى يحتاج إلى الأصوات الشابة
حوار تليفزيوني مع بليغ حمدي ملك الموسيقى والتنوع والتجديد: المسرح الغنائى يحتاج إلى الأصوات الشابة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


* كان نفسى ألحن للسيدة العظيمة ليلى مراد.. لكن الحظ لم يسعدنى لتحقيق أمنيتى

 

*ليس صحيحًا أن أم كلثوم تفرض رأيها وتعدل فى الألحان.. مفيش حاجة زى كده حصلت معايا
 


*كلمات أغنية «حب إيه» عجبتنى ولحنتها وسمعتها ثومة بالصدفة فى سهرة بحضور محمد فوزى أكبر المشجعين لى فى حياتى الفنية


*المسرح الغنائى يحتاج إلى الأصوات الشابة ويمكن أن يحل مشكلة الأغنية العربية 

 

موسيقاه ليست مجرد نغمات عابرة، بل هى حكايات عاشت وتعيش فى وجدان أجيال، إنه الموسيقار الذى وُلد وفى يده مفتاح لحن فريد، مفتاح يفتح أبواب القلوب والأرواح، فى زمن كانت فيه الأغنية العربية تعيش أزهى عصورها، ظهر بليغ حمدي، ليضيف إليها بُعدًا جديدًا، يجمع بين الأصالة والمعاصرة، بين الشجن والفرح، بين قوة الكلمة وعمق النغمة، فلم يكن مجرد ملحن، بل كان كاتبًا للمشاعر، ومترجمًا للأحاسيس، وشاعرًا ينسج ألحانه من خيوط الحياة نفسها.
فى حديث مطول ومليء بالأسرار مع التليفزيون القطرى، ألقى الموسيقار الكبير بليغ حمدى الضوء على جوانب لم تُعرف من قبل فى حياته ومسيرته الفنية، وذلك خلال حوار شيق أُجرى معه فى الدوحة.

الحديث لم يقتصر على سرد الأحداث، بل كان غوصًا فى عمق تجربته الفنية، ورؤيته الثاقبة لعالم الموسيقى العربية.


تأملات شخصية حول الأصوات الغنائية


بدأ بليغ حديثه بتأملات شخصية حول الأصوات التى أثرت فيه، والتى تمنى أن يلحن لها قال: "كثير فى ناس اتمنيت ولحنت لهم، وفى ناس كنت بتمنى ألحن لهم وما لحقتهمش، زى مين؟ أسمهان، الأصوات العظيمة والجميلة اللى كان نفسى فعلًا ألحن لها."
وعبر عن سعادته البالغة بتحقيق حلم تلحينه للسيدة أم كلثوم، واعتبره إنجازًا عظيمًا فى مسيرته، لكنه كشف عن حلم آخر لا يزال يراوده، وهو التلحين للسيدة العظيمة ليلى مراد. "اللى كان نفسى فعلًا ألحن لها ومازال عندى الأمل إنى أسجل لها هى السيدة العظيمة ليلى مراد، لأنى برضه ما أسعدنيش الحظ إنى ألحن لها طول السنين اللى فاتت."
وعندما سُئل عما إذا كان يعتقد أن ليلى مراد ممكن أن تعود للغناء مرة أخرى، أجاب بأمل: "أتمنى إنى أقنعها أنها تسجل معي. هل سمعت صوتها أخيرًا يا أستاذ؟ صوت جميل جدًا صحيح، يعنى هى مسألة الظروف، مش إنه صوتها أصبح غير صالح... لا لا لا، مازالت ليلى مراد هى ليلى مراد، إنما هى يمكن ظروفها ما بتسمحش."
كانت العلاقة مع عمالقة الطرب مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ محورًا أساسيًا فى الحوار، وعندما سُئل بليغ عن حقيقة ما يُقال بأن أم كلثوم كانت تفرض رأيها وتعدل فى الألحان، أجاب بليغ بحسم: "بالعكس، أنا بالنسبة لى ما كانش فيه شيء من اللى بيتقال أبدًا الحقيقة، ويمكن ده كان أساس العلاقة اللى بينى وبينها"

وأوضح أن علاقتهما بدأت ببساطة واستمرت ببساطة، منذ لقائهما الأول.
وروى بليغ قصة أغنية "حب إيه" وكيف سمعتها أم كلثوم بالصدفة فى سهرة عادية "كنت ملحنها للكلام ده كلام عجبني، وكان المرحوم محمد فوزى أياميها متعاقد مع السيدة أم كلثوم عشان تسجل أسطوانات، والسهرة كانت فيها محمد فوزي، وفوزى كان من الناس اللى أنا بالنسبة لى كان من أكبر المشجعين لى فى حياتى الفنية، وهو اللى راح جاب لى العود فعلًا وهو اللى سمعها (حب إيه).

149.png
أثناء بروفة أغنية كلثومية


دفاع عن سيدة الغناء العربى


وأكد بليغ على وعى أم كلثوم الفنى وتقبلها للجديد، نافيًا بذلك التهمة التى كانت توجه لها أحيانًا بأنها سبب تأخر الأغنية المصرية لتمسكها بالقديم. "ما كانتش بتعترض على شيء تحس إنه جديد ممكن يكون جديد فى حياتها كفن". 

وأشار إلى أنه جلب لها عازف ساكسفون وعازف أكورديون، ورغم استغرابها فى البداية، إلا أنها تقبلت الفكرة بحماس بعد أن سمعت عزفهما. "مُعظم المقدمات الموسيقية كانت أم كلثوم بتسمعها لأول مرة مع الموسيقيين."
وعن تجربته الطويلة مع عبد الحليم حافظ، والتى بدأت بأغنية "تخونوه"، قال بليغ إن صداقتهما كانت أعمق من مجرد علاقة فنانين. "صداقتنا وعلاقتنا كإخوات وكناس اتقابلنا فى مراحل أولى فى التعليم وفى الصداقة... تقريبًا ما توقفتش."
وعن سر نجاح عبد الحليم حافظ الكبير رغم وجود أصوات قد تكون أقوى أو أحلى، أوضح بليغ أن الأمر ليس مسألة جمال صوت فحسب، بل هو "مسألة كيفية استغلال مناطق الجمال فى أى صوت، المسألة مغنى مسألة شخصية فنية تقدر تفرض وجودها بذكائها الفكرى وبأدائها اللى بأسلوب جديد وبسكة جديدة على ودن المجتمع". 

وأكد أن عبد الحليم كان يملك هذا الذكاء، لأنه كان دارسًا للموسيقى، وكان عازفًا فى أوركسترا الإذاعة فى بداية حياته.


الاهتمام بدراسة الأساليب الشعبية


كشف بليغ عن فلسفته فى التلحين، والتى تتلخص فى أن الكلمة هى التى تحكم الإحساس. "بتحط اللحن الأول وبعدين تشوف مين الصوت اللى ممكن يغنيه... مش العكس". ورفض فكرة أن الملحن يفصل اللحن على مقاس صوت المطرب.
كما تحدث عن اهتمامه بدراسة الأساليب الشعبية، لأنه يرى أن "الاستغراق فى المحلية وصول إلى العالمية". وأكد على ضرورة أن يعبر الفنان عن شعبه، وليس عن ذاته فقط.
وعن تجربته الحالية فى الدوحة، قال إنها "زيارة حب وعمل"، وأنه ينتهز الفرصة لكى يتعرف على الأصوات الخليجية. "أتمنى أن يجينى بقية المجموعة كلها عشان أحاول أنا أحط تخطيط كامل لكل الأصوات". وأوضح أنه سيسعى لمراعاة اللون الخليجى الأصيل فى ألحانه، معتبراً أن "الحلاوة إنك تحاول من نفس الأسلوب إنك تعمل حاجة جديدة."
وعن مشكلة الأغنية العربية ومحدودية انتشارها، نفى بليغ أن تكون المشكلة فى الفن نفسه، بل فى "كيفية خروج الموسيقى للعالم". واعتبر أن الفترة الحالية هى أعظم فرصة لخروج الموسيقى العربية للعالم، لأن الموسيقيين الغربيين أصبحوا منجذبين للموسيقى الشرقية.
ورفض فكرة أن "الربع نغمة" هى مشكلة تمنع انتشار الموسيقى الشرقية عالميًا، مؤكدًا أن الموسيقيين فى أوروبا أصبحوا يعزفونها بالفعل. "المهم إزاى تحط الأغنية فى شكل موسيقى مفهوم للعالم."
تناول بليغ أهمية المسرح الغنائي، مؤكدًا أنه يمكن أن يحل مشكلة الأغنية العربية. 

وأوضح أن المسرح يحتاج إلى الأصوات الشابة، وأن قوة الصوت لم تعد المقياس الوحيد بفضل التكنولوجيا الحديثة. "الميكروفونات غير المباشرة فى العالم كله دلوقتى بيستعملوها.. الميكروفون دلوقتى حل حاجات كتير، أعطى فرصة لأصوات كويسة ممكن تعبر تعبير وتاخد دورها فى كل المجالات الغنائية."
فى ختام اللقاء، كشف بليغ عن آخر ألحانه "قد العالم حبيتك"، التى كان قد سجلها حديثًا للفنانة نجاة الصغيرة، متمنيًا أن يسمعها الجمهور قريبًا. وأكد أنه لا يحب الاستماع لأعماله بعد انتهائها، لأنه يرى أن الفنان يجب أن ينظر دائمًا إلى الأمام. "أحاول أبعد نفسى فورًا عن أى عمل عملته مهما كانت كمية نجاحه عشان أحاول أبص لبكره وأعمل حاجة تانية."
وعندما سُئل عما إذا كان يتوقع فى صغره أن يلحن لهؤلاء العمالقة، قال: "لا طبعًا، دى كلها حاجات بتاعت ربنا".

151.png
مع عبد الحليم حافظ


إرث موسيقى وثورة لحنية حقيقية


انتهى اللقاء التليفزيونى لكن الحديث عن بليغ حمدى لم ينته.. لقد استحق لقب "ملك الموسيقى" الذى أُطلق عليه، وهو لقب لم يأت من فراغ، بل من إرث موسيقى ضخم وثورة لحنية حقيقية أحدثها فى عالم الأغنية العربية، ففى منتصف القرن العشرين، كانت الساحة الموسيقية تسيطر عليها أسماء لامعة بحجم محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي، لكن بليغ لم يخش هذا التحدى بل دخل الساحة بشخصية فنية مستقلة، وقدرة فائقة على تقديم ألحان تحمل بصمته الخاصة، وألحان يمكن تمييزها من أول نوتة.. كانت موهبته الفطرية هى سلاحه، وفهمه العميق للمقام الشرقى هو بوصلته.
ما يميز بليغ حمدى عن غيره هو قدرته على التنوع والتجديد، لم يتقيد بلون موسيقى واحد، بل كان فنانًا شاملًا، يلحن الأغنية العاطفية التى تلامس القلوب، والأغنية الوطنية التى تحرك المشاعر، والأغنية الشعبية التى تعبر عن نبض الشارع المصري، لحن لكوكب الشرق أم كلثوم روائع خالدة مثل "حب إيه" و"ألف ليلة وليلة"، ولعندليب الأغنية العربية عبد الحليم حافظ تحفًا فنية مثل "سواح" و"أنا كل ما أقول التوبة" و"جانا الهوا"، و"عدى النهار" و"الهوى هوايا" و"مداح القمر" و"حاول تفتكرني" و"أى دمعة حزن لا"، وقدم مع وردة الجزائرية أجمل أغانيها مثل "العيون السود" و"حكايتى مع الزمان"، وغيرها الكثير.
لم تقتصر ألحانه على الكبار فقط، بل كان بطلًا فى اكتشاف المواهب وتقديمها للجمهور. ولعل أشهر إكتشافاته هى الفنانة عفاف راضي، فقد أثارت اهتمامه منذ لحظة لقائهما الأول، ورأى فيها موهبة قادرة على العطاء وتقديم فن جديد، وألحّ عليها لكى تحترف الغناء، وقدم لها أولى أغنياتها "ردوا السلام" و"هوا يا هوا" فى عام ١٩٧٠، ثم لحن لها العديد من الأغنيات التى ساهمت فى نجاحها الكبير كما شاركها بطولة مسلسل إذاعي.

150.png
مع الفنانة وردة


التعامل مع النص الشعرى كلوحة فنية


كان بليغ حمدى يمتلك حسًا إنسانيًا وفنيًا استثنائيًا، جعله يتفاعل مع الكلمة ويغوص فى أعماقها، كان يرى فى النص الشعرى أو الغنائى لوحة فنية، ويقوم بتلوينها بالأصوات والأنغام، لم تكن عملية التلحين بالنسبة له مجرد ترتيب للنوتات، بل كانت رحلة عاطفية، يعيش فيها حالة الأغنية ويترجمها إلى لغة موسيقية يفهمها الجميع. هذا التناغم بين الشاعر والمغنى والملحن كان السر وراء نجاح أغانيه الخالدة.
تأثير بليغ حمدى لم يقتصر على جيله فقط، بل امتد ليشمل الأجيال اللاحقة من الملحنين والمغنين، ألحانه لا تزال تعزف وتغنى حتى اليوم، وتدرس فى المعاهد الموسيقية كنموذج للابتكار والعبقرية، وقد كان ثوريًا فى استخدامه للموسيقى، فمزج بين الآلات الشرقية التقليدية والآلات الغربية الحديثة، مما أعطى ألحانه طابعًا فريدًا وجديدًا، بليغ لم يخشَ كسر القواعد، بل كان يرى أن الموسيقى مثل الحياة، فى حركة وتجدد دائم.
لا نستطيع أن نتجاهل القيمة الفنية الهائلة التى تركها وراءه، إنه ليس مجرد اسم فى تاريخ الموسيقى العربية، بل هو فصل كامل من فصول هذا التاريخ، فصل مليء بالإبداع والجمال والخلود، بليغ حمدى لم يرحل، فموسيقاه باقية، وصوته لا يزال يتردد فى كل لحن شجي، وفى كل كلمة معبرة، لقد كان وسيظل أعظم ملحنين جيله، وشاهدًا على أن الفن الحقيقى لا يموت أبدًا.


عبقرية الألحان للابتهالات الدينية


ولنا فى حكاية تعاون بليغ حمدى مع الشيخ سيد النقشبندى حكاية، فبدأت القصة بأمر رئاسى من الرئيس أنور السادات، لأنه كان من أشد المعجبين بصوت النقشبندى كما كان يقدر عبقرية بليغ حمدي، وأراد أن يجمع بينهما فى عمل فنى واحد، فطلب من الإذاعى وجدى الحكيم، أن يدبر لقاءً بينهما، فى البداية، رفض النقشبندى الفكرة تمامًا، فلم يكن يتخيل أن يُنشد على ألحان بليغ حمدي، الذى كان يراه "بتاع الأغانى الراقصة" وكان النقشبندى حريصًا على أن يظل فنه فى إطار الإنشاد الدينى الخالص، بعيدًا عن أى لمسة عصرية أو موسيقية قد يراها غير لائقة، ومع ذلك لم يستسلم وجدى الحكيم، وأقنع الشيخ النقشبندى أن يستمع للحن أولًا قبل أن يرفض.
وبالفعل، اتفقا على لقاء فى الاستوديو، وكان بينهما اتفاق سري: إذا أعجب الشيخ النقشبندى باللحن، فسيخلع عمامته، ودخل النقشبندى إلى الاستوديو وهو يحمل فى داخله حذرًا وشكوكًا، لكن ما إن بدأ بليغ حمدى فى عزف لحن "مولاي" على العود، حتى تبدلت ملامح الشيخ تمامًا ووجد نفسه أمام لحن لا مثيل له، لحن يمتلك من الروحانية والعمق ما جعله ينسى كل ما كان يفكر فيه، والأمر بالنسبة لبليغ كان تحدياً لما يقدمه حيث الجمع بين الموسيقى والإنشاد أمر ليس بهين على شخص مثله.
استمع النقشبندى بتركيز شديد، ومع كل نغمة كانت تُعزف، كان يزداد إيمانه بعبقرية بليغ حمدي، وفى لحظة انغماس كامل، وقف النقشبندى ورفع يديه إلى السماء، وخلع العمامة والجبة، وهتف بصوت عالٍ: "بليغ ده جن! مش ممكن ده يكون بنى آدم عادي".
ولم يقتصر التعاون بينهما على "مولاي" فقط، بل نتج عنه مجموعة من الابتهالات الخالدة، التى ما زالت تُسمع حتى اليوم فى الإذاعات والمساجد والمنازل، خاصة فى شهر رمضان. ومن أشهر هذه الابتهالات: ياأيها الساهر، أشرق المعصوم.. وغيرهما الكثير.

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق "إيميكول" توسع نطاق أعمالها في دولة الإمارات العربية المتحدة عبر توقيع اتفاقية امتياز مع شركة "الريف للتبريد" في أبوظبي
التالى البنك الزراعي المصري يستعرض أحدث خدماته المصرفية والحلول التمويلية لتنمية القطاع الزراعي بمشاركة مميزة كراعي بلاتيني لمعرض صحارى