ظلّت الطاقة النووية في جنوب شرق آسيا خيارًا مستبعدًا ضمن مزيج الكهرباء لعقود طويلة، مع اعتماد المنطقة على الفحم والغاز بصورة شبه كلّية.
ولا تمتلك جنوب شرق آسيا -حاليًا- أيّ قدرة نووية عاملة في قطاع الكهرباء، لكن دولها تخطط لبناء عشرات المفاعلات النووية خلال العقود المقبلة، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وبحسب الخطط المعلنة، من المتوقع أن تصل قدرة الطاقة النووية في جنوب شرق آسيا إلى 25 غيغاواط بحلول عام 2050، لكن ذلك سيتطلب استثمارات تتجاوز 208 مليارات دولار.
كما يرجَّح أن تكون المفاعلات النووية الصغيرة الخيار الأكثر تفضيلًا لدول المنطقة، رغم ارتفاع تكاليفها بصورة ملحوظة، مقارنة بنظيرتها الأكبر حجمًا.
توقعات الطاقة النووية في جنوب شرق آسيا
تقود فيتنام خطط الطاقة النووية في جنوب شرق آسيا، وسط توقعات بوصول إجمالي القدرة العاملة فيها إلى 9.6 غيغاواط بحلول عام 2050، بحسب السيناريو المتفائل لشركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي.
ومن المتوقع أن تكون فيتنام الدولة الوحيدة في جنوب شرق آسيا، التي ستنشر المفاعلات العاملة بالماء المضغوط ذات التكاليف الأقل في توليد الكهرباء، مقارنة بالغاز المسال.

على الجانب الآخر، يُتوقع وصول إجمالي القدرة النووية العاملة في إندونيسيا إلى 7.8 غيغاواط بحلول عام 2050، وأغلبها ستكون من المفاعلات المعيارية الصغيرة.
وتخطط إندونيسيا -حاليًا- لبناء محطتين من المفاعلات الصغيرة بقدرة إجمالية تصل إلى 0.5 غيغاواط بحلول عام 2034، بهدف توليد 5% من الكهرباء عبر الطاقة النووية بحلول عام 2040.
بينما يُتوقع وصول القدرة العاملة في تايلاند إلى 3 غيغاواط بحلول منتصف القرن، وتخطط البلاد -حاليًا- لتشغيل مفاعلات نووية بقدرة 0.6 غيغاواط بحلول عام 2037.
أمّا الفلبين، فمن المتوقع وصول إجمالي القدرة النووية العاملة فيها إلى 2.4 غيغاواط بحلول عام 2050، بينما يرجَّح وصولها في ماليزيا إلى 1.2 غيغاواط بحلول التاريخ نفسه.
ومن المرجَّح أن تضيف سنغافورة 0.8 غيغاواط من القدرة النووية إلى قطاع الكهرباء بحلول عام 2050، ما سيقلل اعتمادها على واردات الغاز المسال.
مزايا المفاعلات المعيارية الصغيرة
يعتمد أغلب خطط الطاقة النووية في جنوب شرق آسيا على تبنّي المفاعلات المعيارية الصغيرة رغم ارتفاع تكاليفها المحتملة إلى 220 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة بحلول عام 2050، مقارنة بنحو 101 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة لمحطات الطاقة النووية التقليدية الكبيرة.
ومع ذلك، تتميز هذه المفاعلات بصغر حجمها وسهولة نقلها وإمكان تركيب العديد منها في منشأة واحدة، إضافة إلى كونها أقل استهلاكًا لليورانيوم، كما يمكن تشغيلها في الأماكن النائية التي تصعب إقامة المفاعلات النووية التقليدية بها.
وتتميز -أيضًا- بسرعة بنائها في سنوات قليلة تتراوح بين عامين إلى 3 أعوام مقارنة بالمفاعلات التقليدية الأكبر التي تستغرق 10 سنوات أو أكثر، فضلًا عن كونها أقل عرضة لمخاطر الانصهار وتعطُّل مضخات التبريد، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ورغم ارتفاع التكاليف الأولية للمفاعلات المعيارية الصغيرة، فإنها قد تفتح آفاقًا جديدة في سوق اتفاقيات شراء الكهرباء طويلة الأجل مع الشركات في منطقة جنوب شرق آسيا.
كما يُتوقع أن تسهم هذه المفاعلات في خفض أسعار الكهرباء بالجملة في الأسواق الحرة ذات التكلفة الأعلى مثل سنغافورة والفلبين، فضلًا عن توفير كهرباء أكثر موثوقية من الطاقة المتجددة بالنسبة للشركات الكبرى، ومراكز البيانات، بحسب تحليل وود ماكنزي.
وعلاوة على ذلك، ستسهم الطاقة النووية بصورة كبيرة في خفض انبعاثات قطاع الكهرباء، إضافة إلى تقليل المخاوف المتعلقة بأمن الطاقة بين دول المنطقة.
ورغم ذلك، فإن الخبرة الفنية والتشغيلية المحدودة لمشروعات الطاقة النووية في جنوب شرق آسيا تثير مخاطر المعارضة السياسية، وارتفاع التكاليف، فضلًا عن مخاطر أمن الوقود ومشكلات النفايات النووية على المدى الطويل.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
خطط الطاقة النووية في جنوب شرق آسيا، من وود ماكنزي