حسب منشور متداول على مواقع التواصل الاجتماعي أقدم رجل على تطليق زوجته بعد أن نشرت صورة مركبة باستخدام الذكاء الاصطناعي تجمعها مع أحد الممثلين المشاهير، حبث رأى الزوج أن هذه الصورة تشكل انتهاكاً للحدود الشخصية والأخلاقية في العلاقة الزوجية، ما دفعه إلى إنهاء الزواج فوراً.
بداية الترند
انتشار الترند ارتبط مباشرة بميزات أطلقتها Google في تطبيق Gemini تحت مسمى Nano Banana Trend، وهي التقنية التي تتيح للمستخدم رفع صورة شخصية ثم طلب تحويلها إلى نسخة معدلة: إما بدمجها مع صورة لمشاهير، أو وضعها في مشاهد خيالية، أو تحويلها إلى تماثيل ثلاثية الأبعاد تبدو أقرب للواقع. ما عزز شعبية الظاهرة هو سهولة الاستخدام، حيث لا تحتاج إلى خبرة تقنية، بل بضع خطوات تضع المستخدم في صورة جديدة كلياً.
ولم يبق الترند محصوراً في أدوات Google فقط، بل سرعان ما ظهر عبر تطبيقات مثل Vidnoz وMergify، وهي أدوات مجانية تعمل على دمج الصور أو تعديل الخلفيات، وتنتج لقطات تكاد تخدع العين. ومع انتشارها بين المراهقين والشباب، باتت الصور المركبة مع النجوم جزءاً من موجة الترفيه الرقمي اليومي.
التأثير الاجتماعي للترند
بينما رأى البعض في الترند مجرد لعبة للمرح والتسلية، تم التعامل معه بطريقة أخرى بحساسية مفرطة خاصة أننا نعيش في مجتمعات محافظة، تضع حدودا أخلاقية لا يجب تجاوزها، لضمان سمعة الفرد والعائلة، ما يجعل انتشار هذه الصور يفتح الباب أمام مشكلات أعمق.
ووفق خبراء الاجتماع فإن "المسألة لا تتعلق بالترفيه فحسب، بل بمدى قابلية هذه الصور للاستغلال في التنمر الإلكتروني أو في صناعة الشائعات، فنحن نتحدث عن تقنية قادرة على إنتاج صورة يصعب التمييز بينها وبين الحقيقة، وهذا يعني أن الأثر النفسي والاجتماعي قد يكون مدمراً إذا استخدمت ضد شخص ما".
قوانين وتشريعات
المخاوف لم تقتصر على الجوانب الاجتماعية، بل تجاوزتها إلى الإطار القانوني. في السعودية مثلاً، يُعتبر استخدام تقنيات "التزييف العميق" لأغراض مسيئة أو للتشهير جريمة معلوماتية يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة قد تصل إلى عام، أو غرامة تصل إلى نصف مليون ريال، أو بكلتا العقوبتين. وإذا استُخدمت الصور المزيفة في سياق رسمي، مثل الوثائق أو العقود، فقد تندرج تحت أحكام التزوير التي تصل عقوبتها إلى عشر سنوات.
وفي الإمارات، تنص التشريعات الرقمية على معاقبة كل من ينشر محتوى مسيئاً أو مضللاً باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بالسجن أو الغرامة، فيما أصدرت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في السعودية إرشادات خاصة لاستخدام تقنيات التزييف العميق، شددت فيها على ضرورة الشفافية والحصول على موافقة صريحة قبل إنشاء أو مشاركة أي محتوى يعتمد على هذه التقنيات.
حدود الإبداع وخطر الخصوصية
رغم كل التحذيرات، لا يزال الترند يملك جاذبية واضحة. أدوات مثل Canva وAdobe Firefly وسعت من نطاق الاستخدام، حيث أصبح بالإمكان إنشاء صور احترافية بالكامل من مجرد وصف نصي، أو تعديل الإضاءة والخلفية والعناصر بمرونة فائقة، وهذه القدرات تفتح الباب لإبداعات بصرية غير مسبوقة، لكنها في الوقت نفسه تجعل من الصعب ضبط الحدود الفاصلة بين المسموح والممنوع.
والخطورة تكمن في أن هذه الأدوات غالباً ما تعتمد على صور حقيقية مأخوذة من الإنترنت لتدريب خوارزمياتها، وهذا يعني أن الصور التي يرفعها المستخدم قد تُخزن وتُستخدم في عمليات لاحقة دون علمه، مما يزيد من احتمالات تسرب البيانات أو استغلالها في إنشاء محتوى مسيء، ولهذا السبب يحذر خبراء التقنية من رفع صور شخصية أو عائلية حساسة، ويوصون بالاكتفاء بالصور التي لا تمانع مشاركتها علناً.
ويمكن تلخيص أخطار الذكاء الاصطناعي المترتبة على الترند في النقاط التالية:
• الاستخدامُ بدون موافقة قد يُسبب أذى نفسي، إحراجاً، تهميشاً، تشويهاً للسمعة.
• الصور المركبة قد تُستخدم لاحقاً لأغراض خبيثة: إعلانات زائفة، محتوى مخل يُنسب إلى شخص لا علاقة له به، أو تشهير.
• خطر استغلال البيانات الشخصية:ط الصور التي تُرفع قد تُستخدم لتدريب نماذج ذكاء اصطناعي بدون إذن، أو تُخزن في خوادم معرضة للاختراق.
• التعرفُ على الشخص من الصورة المولدة قد يجلب مشكلة حقوقية إذا استخدمت الصورة في مجال تجاري أو في سياق يعرض الشخص للضرر.