تستعد الفنانة منى زكي لأحد أهم محطات حياتها الفنية، وذلك بتقديم فيلم سينمائي عن قصة حياة السيدة أم كلثوم، وهو الأمر الذي يمثل مغامرة فنية ربما تكون نورا يزيد لمعة صاحبه، أو نيرانا تلتهم العمل وتجعله فريسة الهجوم والنقد.
كوكب الشرق الغائب الحاضر والمعادلة الأصعب إنسانيًا وفنيًا
وتمثل أم كلثوم حالة فنية متفردة لم يسبق لها مثيل طوال التاريخ الفني المصري والعربي، ولها شعبية وجماهيرية ليست مجرد صوت طربي يشدو على مسامع الجمهور، وإنما تمثل حالة انتماء فني وإنساني لها، وهو ما يمثل الاقتراب والمساس بتلك المنطقة من المحاكاة الفنية، تمثل مخاطرة كبيرة لصناع العمل.
وتعيش الفنانة منى زكي حالة من النجاح الفني المتواصل خلال السنوات الأخيرة، وشكلت أعمالها السينمائية والدرامية جدارا من الثقة لدى الجمهور، وهو ما يمثل أحد حصون الأمان التي تستند عليها الفنانة منى ذكي في تلك التجربة، التي تمثل ترقبا كبيرا لكل أطراف الوسط الفني ما بين الجمهور والنقاد والفنانين.
ومع كل ما سبق تواجه الفنانة منى زكي 5 تحديات قبل عرض الفيلم السينمائي «الست»، نقدم لكم خلال السطور التالية رصدا لآراء النقاد وتحديات الفيلم.
حنان شومان: مسلسل أم كلثوم هو التحدي الأكبر.. وربما يكون المساهم الأول في الترويج للفيلم
من جانبها؛ أكدت الناقدة الفنية حنان شومان أن السيدة أم كلثوم تمثل تحديا كبيرا لأي فنان، رغم مرور سنوات على رحيلها، إلا أنها ما زالت تتواجد بسيرتها والحفلات الغنائية التي تعرض لها على القنوات، والأغاني التي ما زال الجيل الذي عاصرها يتمسك بسماعها، ولكنها أقل صعوبة في هذا الجانب، من شخصيات أخرى عايشها الجيل الحالي وتقدم من خلال عمل سيرة ذاتية.
وتابعت الناقدة الفنية حنان شومان في تصريحات خاصة ل «البوابة» أن الشباب يعتمد في الأصل على الحديث فيما بينهم ومواقع التواصل الاجتماعي، ولو كان العمل جيدا، سيكون الشباب طاقة نجاح وجذب بعضهم البعض وترشيح الفيلم فيما بينهم، ولو لم يكن بالمستوى المطلوب، لن ينجح، وأيضًا علينا ألا ننسى شعبية الفنانة منى زكي وجماهيريتها وهو عنصر جذب كبير للجمهور.
وأوضحت شومان أن التحدي الأكبر الذي يواجه منى زكي هو مسلسل أم كلثوم للمخرجة إنعام محمد علي والفنانة صابرين، لأن المخرجة إنعام محمد علي قدمت الشخصية وتفاصيل حياة أم كلثوم بشكل سردي رائع، ومخرجة تفاصيل وقدمت جوانب إنسانية ورحلة فنية بشكل عظيم، وهذا هو التحدي الأكبر للفيلم.
مها متبولي: الدعاية المتوقعة تخدم تحقيق الحضور الجماهيري.. والرهان أن يعيش العمل لسنوات
على صعيد آخر؛ أشارت الناقدة الفنية مها متبولي أن أعمال الإنتاج السعودي، تقدم شكلا دعائيا كبيرا، وتهتم بهذا البند بكثافة، وهو ما سيساعد الفيلم على التواجد والمنافسة خلال الموسم السينمائي بعد طرحه بدور العرض.
وأضافت الناقدة مها متبولي في تصريحات خاصة ل «البوابة»، أن العمل سيحقق إيرادات وسيحقق تفاعل الجمهور بشكل كبير، ولكن هل سيعيش الفيلم على مدار السنوات المقبلة، أم سيعتبر فيلما عابرا، لأن إيرادات شباك التذاكر السينمائي ليس معيارا لنجاح العمل الفني، استمرارية الفيلم في وجدان الجمهور هي الأبقى.
واختتمت متبولي حديثها "إلى جانب أن الفيلم يحمل عوامل نجاح كبيرة، منها شعبية منى زكي التي تزداد بشكل كبير خاصةً مع السنوات الأخيرة، لأن الجمهور أدرك أنها أصبحت تختار أعمالا تمثله، مثل فيلم رحلة ٤٠٤.
وعلى مستوى الدراما قدمت أعمالا تخدم المجتمع والجمهور مثل تحت الوصاية ولعبة نيوتن، وأيضًا مخرج رائع مثل مروان حامد، كلها عوامل ومؤشرات لنجاح العمل جماهيريًا.
إلى جانب أن شريحة الجمهور السينمائي من الشباب تمثل تحديا كبيرا، ولكن ربما يلعب الفضول دورا في انجذاب الشباب لشخصية أم كلثوم، والشغف لمعرفة تفاصيل حياتها وأسباب نجاحها.
ماجدة خير الله: منى ذكي فنانة قديرة لكن التكوين الجسدي والصوتي لا يقنع
في سياق آخر؛ علقت الناقدة الفنية ماجدة خير الله عن اختيار الفنانة منى ذكي لتجسيد شخصية أم كلثوم، أنه تحد صعب خاصةً أن التكوين الجسدي وصوت أم كلثوم في الحديث العادي، بعيد كل البعد عن منى ذكي، وهذا له تأثير كبير سلبي خصوصًا على عشاق الست.
وتابعت الناقدة ماجدة خير الله في تصريحات خاصة لـ«البوابة» أن الفنان أحمد زكي بقدراته التمثيلية العظيمة، لم ينجح في تقديم عبدالحليم حافظ، لأنه لا يقاربه التكوين الجسدي ولا الصوت.
وأكملت خير الله حديثها "أضف إلى ذلك أن شريحة الشباب وهي المؤثرة بالنسبة للجمهور السينمائي، ربما لا تميل إلى مشاهدة عمل تجسيد عن سيرة ذاتية لأم كلثوم.
وأوضحت الناقدة ماجدة خير الله أن منى زكي نجحت على مدار سنوات في الوصول للنضج الفني، وتكوين شعبية كبيرة لا يمكن نكرانها، ولكن أم كلثوم شخصية لها أبعاد كثيرة وتعيش داخل وجدان الشعب المصري والعربي.
وحتى شباب الجيل الحالي ملم بطريقتها وصوتها في الغناء وحديثها، ولكن لو كان الفيلم معروضا على منصة ربما ينجح أكثر من العرض السينمائي، كلها تحديات تصعب من مهمة الفنانة منى زكي.
وأكدت خير الله أن مسلسل أم كلثوم قدم كل جوانب شخصية أم كلثوم، ونجح نجاحًا كبيرًا مع الجمهور، وهو من التحديات الصعبة التي تواجه العمل وتواجه منى زكي أيضًا في مقارنات الجمهور مع العمل الناجح.
منى زكي والتحديات الخمس
التحدي الأول “الأداء الفني”
يعد التحدي الأول الذي يواجه أي فنان مقدم على خطوة تقديم أعمال السيرة الذاتية والتجسيد، هو الأداء الفني للشخصية، وكيف سيستطيع أن يقنع الجمهور بحالة التماس الوجداني بينه وبين الشخصية التي يقدمها.
وهناك الكثير من الأخطاء، سقط فيها نجوم الفن كثيرًا وهي استغلال لزمة جسدية أو صوتية للشخصية المراد تقديمها، ويظل يحاكي من خلالها الأداء الفني طوال الوقت، وهي ما فشلت على مر تاريخ الشخصيات السابقة لكثير من النجوم.
التحدي الثاني "أعمال السيرة الذاتية وطبيعة جمهور السينما"
تعتبر الشريحة الأكثر غلبة للجمهور السينمائي هي شريحة الشباب، وأكثر الأعمال جذبا لها هي الأكشن والإثارة والكوميدي، وبعض الاستثناءات على مدار السنوات، وتعد أعمال السيرة الذاتية بشكل عام، عناوين لأعمال أقرب إلى الأعمال الدرامية.
فتجارب أعمال السيرة الذاتية سينمائيًا تعد قليلة بشكل كبير، ومع تطور صناعة السينما والذهاب لمنافسة الأفلام العالمية في أعمال الأكشن والإثارة، تتراجع نوعية أعمال السيرة الذاتية إلى حد كبير.
إضافة إلى كل ما سبق، يعد تقديم عمل لشخصية مثل السيدة أم كلثوم، مر عليها سنوات وغالبية الجيل الحالي لا يعلم عنها الكثير، ربما يمثل تحديا كبيرا لصناع العمل، وخاصة الكاتب والمخرج، وكيفية تقديم صياغة فنية تناسب الجيل الحالي، وتمثل لهم عناصر جذب وزوايا حكي تساعد على تحقيق النجاح.
التحدي الثالث "مسلسل أم كلثوم"
قدمت المخرجة إنعام محمد علي والفنانة صابرين، حالة فنية استثنائية في تقديم مسلسل أم كلثوم، عن سيرة كوكب الشرق الذاتية، وحقق المسلسل نجاحا كبيرا وما زال يحقق نجاحا ويعيش في قلوب الجمهور حتى وقتنا الحالي.
وبمجرد عرض المسلسل في أي قناة فضائية، تجد حالة من الالتفاف الجماهيري الكبير، لتقديمه بشكل ناجح على كل أركان معادلة العمل الفنية، بداية من طريقة الكتابة والتناول والسرد لسيرة السيدة أم كلثوم، مرورًا باختيار الممثلين في الشخصيات بنجاح كبير.
إضافة إلى أداء الفنانة صابرين للشخصية بشكل نال إعجاب الجميع من الجمهور والنقاد، وكل تلك المنظومة كانت تسير وفق رؤية مخرجة قديرة وهي إنعام محمد علي.
كل تلك الحالة من النجاح الكبير للمسلسل، تضع فيلم الست للفنانة منى زكي، بين ضغوط المقارنة، والتشبع الفني من المسلسل، وهو ما يجب مراعاته من خلال الابتعاد عن نمط الأداء المقدم في المسلسل، والأحداث التي طرحها العمل الدرامي.
التحدي الرابع "زمن العمل السينمائي.. شبح الاختصار والإخلال بالقصة"
تمثل سيرة السيدة أم كلثوم، حالة خاصة في الطرح الفني، لأنها أهم شخصية فنية على مدار التاريخ الفني المصري والعربي، وما لها من أهمية بالغة طيلة عطائها الفني، وما لها من جوانب كثيرة بين النشأة والبداية مع الفن والتحديات التي واجهتها في رحلتها الفنية، إضافة إلى مواقفها الوطنية، والجوانب الإنسانية.
يظل السؤال هل يفي الزمن في الفيلم السينمائي أن يغطي كل جوانب شخصية لها تاريخها وقيمتها الفنية، ويلجأ الصناع بسبب ذلك لزيادة مدة الفيلم ليمتد فيما يقترب من الثلاث ساعات، وهو ما يمثل صعوبة لقبول شريحة الشباب ذلك، أم يلجأ الصناع إلى زمن الفيلم العادي ساعة ونصف، ويصاب الفيلم بالاختصار الزائد وإهمال جوانب على حساب أخرى.
التحدي الخامس "لعنة السندريلا"
قدمت الفنانة منى زكي من قبل مسلسل سيرة ذاتية للفنانة الراحلة الرائعة سعاد حسني، وكان مسلسل السندريلا مثار نقد وانتقاد كبير للفنانة منى ذكي، والتي لم تنجح في تقديم أي حالة فنية سوى محاولات لتقليد ضحكات السندريلا فقط، وهو أبعد ما يكون عن أعمال تقديم السيرة الذاتية.
وتسبب العمل في تكوين انطباع لدى الجمهور أن أعمال السيرة الذاتية تحتاج فنانا بمواصفات خاصة، لتقديم حالة من المعايشة للشخصية وينقلها إلى الجمهور بصورة تصل التفاصيل والأدوات الخاصة، لتصبح الشخصية أقرب ما يكون على الشاشة.
وبعد الإخفاق الذي طال مسلسل السندريلا، وما تعرضت له الفنانة منى زكي من انتقادات لاذعة، هل يصبح الانطباع لدى الجماهير والصورة الذهنية عن تقديم الفنانة منى ذكي لأعمال التجسيد محكوما عليه بشكل انطباع مسبق والفشل يكون حليف العمل قبل المشاهدة والحكم، أم يشفع تاريخ منى زكي وتطور أدائها الفني المبهر خلال سنوات رحلتها الفنية والحكم على كل تجربة بشكل مستقل.
