
شهدت بكين عرضًا عسكريًا تاريخيًا في الذكرى الثمانين لانتصار الصين على اليابان في الحرب العالمية الثانية، جمع الرئيس الصيني شي جين بينغ مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في أول ظهور علني مشترك لهم، وسط غياب لافت لقادة الغرب. أمام أكثر من 50 ألف متفرج، استعرضت الصين أحدث ترسانتها من صواريخ عابرة للقارات، مسيرات شبحية بالذكاء الاصطناعي، وروبوتات قتالية ميدانية، في رسالة مباشرة لواشنطن وحلفائها بأن ميزان القوة لم يعد أحاديًا.
تحالفات ما وراء العروض العسكرية
بوتين وكيم عقدا اجتماعًا مطولًا دام ساعتين ونصف، تطرقا خلاله إلى تعزيز التعاون العسكري والسياسي. تقارير استخباراتية غربية أكدت أن كوريا الشمالية أرسلت 15 ألف جندي وصواريخ بعيدة المدى لمساندة موسكو في أوكرانيا، مقابل مساعدات غذائية وتقنية روسية وصينية، رغم خسائر بشرية فادحة.

ترامب والاتهامات الأمريكية المباشرة
بالتوازي، اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الصين وروسيا وكوريا الشمالية بالتآمر ضد الولايات المتحدة، لكنه أطلق أيضًا رسومًا جمركية مرتفعة على الهند، ما دفع نيودلهي لإعادة صياغة أولوياتها الجيوسياسية نحو تحالفات أوسع مع بكين وموسكو.
آراء المحللين والصحف العالمية
وفي ذات السياق، رأت صحيفة الإيكونوميست البريطانية أن العرض العسكري والتحالف الثلاثي "بداية لولادة نظام عالمي متعدد الأقطاب يطوي حقبة الهيمنة الغربية"
فيما وصف الخبير الروسي ديمتري ترينين اللقاء الثلاثي بأنه "النسخة الآسيوية من مؤتمر يالطا الجديد"
ومن جانبه، حذر الخبير الأمريكي ريتشارد هاس في مقال بـ واشنطن بوست من أن "استمرار تقارب الصين وروسيا والهند، مع دعم كوريا الشمالية، سيجعل أي إدارة أمريكية مقبلة عاجزة عن فرض شروطها منفردة".
انعكاسات على القضية الفلسطينية
وفي سياق متصل، أكد عدد من المحللين العرب، بينهم الدكتور عبد الوهاب المسيري، إلى أن تبلور هذا التحالف قد يفتح الباب أمام موقف أكثر صرامة من السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط
وبدورها حذرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية من أن أي تنسيق صيني–روسي–هندي قد يضغط على واشنطن لتقليص دعمها المطلق لإسرائيل، خصوصًا في ظل الانتقادات الدولية المتزايدة لحكومة نتنياهو
وفي السياق نفسه، رأى محللون أوروبيون أن هذا التحالف قد يمنح الفلسطينيين "نافذة جديدة للدعم الدبلوماسي" داخل المؤسسات الدولية، مقابل التوازن الأمريكي المنحاز لإسرائيل.
نظام عالمي جديد يلوح في الأفق
بين الاستعراض العسكري، وتنامي التحالفات، والتغير في المواقف الدولية، يبدو أن العالم يقف أمام مفترق طرق تاريخي. تحالف بكين–موسكو–بيونج يانج، مع انفتاح الهند، يرسّخ نهاية قرون من الهيمنة الغربية، ويضع واشنطن أمام معادلة معقدة: إما الانخراط في نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، أو مواصلة الصدام الذي قد ينعكس سلبًا حتى على أقرب حلفائها، وعلى رأسهم نتنياهو وإسرائيل.