تناول السمك .. صوم السيدة العذراء يعد من أصوام الدرجة الثانية في الكنيسة، ويُسمح خلاله بتناول السمك، وذلك مثل صومي الميلاد والرسل، باستثناء أيام الأربعاء والجمعة التي تتخلل هذه الأصوام. جاءت هذه الموافقة من الكنيسة كنوع من التخفيف على المؤمنين، خاصة المرضى وكبار السن والأطفال والحوامل والمرضعات، نظراً لكثرة الأصوام في السنة التي تصل إلى نحو سبعة أشهر.

سبب تناول السمك خلال صوم السيدة العذراء
صوم السيدة العذراء تتعدد الأسباب الروحية والصحية التي دعت الكنيسة للسماح بتناول السمك في هذه الأصوام، ومنها:
1. **رمزية البركة**:
يُعتبر السمك رمزا للبركة في المسيحية، حيث كان جزءاً من معجزات السيد المسيح لإشباع الجموع، عندما استخدم الخبز والسمك لإطعام الآلاف كما ورد في إنجيلي متى (14: 13-21) ولوقا (9: 10-17).
2. **طعام القيامة**:
بعد قيامة السيد المسيح وظهوره لتلاميذه في العلية، توجه إليهم بسؤال: “أعندكم ههنا طعام؟” فأعطوه قطعة من سمك مشوي وبعض شهد العسل وأكل أمامهم (لوقا 24: 41-43). كما شاركهم تناول السمك والخبز عند ظهوره على بحر طبرية (يوحنا 21)، ليؤكد أن قيامته كانت بجسده الذي صُلب به، رغم تحوله إلى جسد نوراني روحاني.

3. **رمزية الحياة**:
السمك يعيش وسط بحار واسعة، ولكنه يأخذ فقط ما يحتاجه من الأكسجين للبقاء حياً، مما يعكس ضرورة أن يعيش المؤمن المسيحي داخل العالم دون أن يصبح خاضعاً لسيطرته، في تناغم مع النص الذي ورد في (1 يوحنا 2: 15-17): “لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم.”
4. **رمز للمسيحيين**:
في أزمنة الاضطهاد، كانت السمكة رمزاً سرياً بين المسيحيين، كما هو الحال مع علامة الصليب. ولا تزال رمز السمكة تُرسم على حامل الأيقونات في معظم الكنائس الأثرية.
5. **خاصية الدم البارد**:
السمك يمتلك دماً بارداً لا يؤدي إلى إثارة الغرائز البشرية مثل الغضب أو الشهوة، بل يساعد الإنسان على التوازن والهدوء.
6. **سهولة الهضم وقيمته الغذائية**:
السمك يحتوي على بروتين حيواني خفيف لا يعادل الموجود في لحوم الحيوانات الأخرى. كما أنه سهل الهضم ومفيد للمعدة.
7. **السمك غني بالفسفور**:
الذي يعزز صحة الجسم عامةً، خصوصاً المخ والنظر.
8. **التكاثر بدون شهوة**:
تتم عملية تكاثر السمك بشكل بسيط؛ حيث تضع الأنثى البيض في المياه الهادئة، ثم يأتي الذكر ليقوم بإتمام عملية التلقيح.

9. **معنى السمك الاسم وفق اللغة اليونانية**:
إسم السمكة يشير إلى السيد المسيح ابن الله المخلص. فكلمة *إخثيس* (ΙΧΘΥΣ) تتكون من الحروف الأولى لعبارات يونانية تعني:
– I (إيسوس): يسوع
– Χ (إخريستوس): المسيح
– Θ (ثيؤس): الله
– Υ (ئيوس): ابن
– Σ (سوتير): المخلص
تُظهر هذه الأسباب الروحية والمعاني الرمزية كيف أن تناول السمك خلال أصوام معينة يحمل دلالات عميقة وقيمًا تربوية مستمدة من تعاليم الكتاب المقدس ومن تراث الكنيسة العريق.