مصر تضرب بيد من حديد.. مشاهير تيك توك خلف القضبان و"السوشيال ميديا" تحت المقصلة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في تطور لافت يعكس الحزم الأمني والتقني في ملاحقة المحتوى الهابط على وسائل التواصل الاجتماعي، واصلت الأجهزة المعنية بالدولة، وفي مقدمتها وزارة الداخلية، حملاتها المكثفة لضبط صانعي المحتوى غير الأخلاقي على تطبيق "تيك توك"، في إطار جهود متكاملة لحماية المجتمع من التفكك القيمي والانفلات السلوكي.

مداهمات دقيقة وضبط متهمين

خلال الأيام الماضية، تم ضبط عدد من مشاهير "التيك توك"، أبرزهم سوزي الأردنية، شاكر المعروف بلقب "شاكر محظور"، البلوجر محمد خالد الشهير بـ"مداهم"، وأيضًا البلوجرتين المعروفتين بأم مكة وأم سجدة.

تحريات الجهات المعنية رصدت عشرات الفيديوهات المتداولة عبر تطبيق تيك توك تتضمن ألفاظًا خادشة للحياء، ومضامين تحمل إيحاءات جنسية مباشرة أو مبطنة، فضلًا عن بث مقاطع تُروّج لسلوكيات لا تتوافق مع القيم والتقاليد المصرية.

تمكنت وزارة الداخلية من ضبط المتهمين بعد تتبع دقيق لتحركاتهم الإلكترونية، مستخدمة تقنيات متقدمة في الرصد والتحليل الرقمي، شملت الذكاء الاصطناعي وتقنيات التتبع الإلكتروني التي مكّنت فرق الأمن من تحديد أماكن البث والمحتوى المخالف بدقة عالية.

مضبوطات صادمة.. هواتف وأسلحة ومخدرات

لم تقتصر نتائج المداهمات على توقيف المتهمين فحسب، بل تم التحفظ على مجموعة من المضبوطات المهمة، التي كشفت عن حجم الانحراف والجرائم المتشابكة خلف الشاشات. الجهات المختصة عثرت بحوزة عدد من المتهمين على هواتف محمولة تحتوي على أرشيف من الفيديوهات الخادشة والرسائل المرسلة لمعلنين ومتابعين، تثبت تورطهم في استغلال المنصات الرقمية لأغراض تجارية غير مشروعة.

كما تم ضبط كاميرات تصوير احترافية، وإضاءات وأجهزة مونتاج، وأدوات بث مباشر، مما يعكس الإعداد المسبق لصناعة محتوى منظم بعيد كل البعد عن العفوية أو التلقائية.

ضبط "شاكر محظور".. سلاح ومخدرات داخل سيارته الخاصة

في حالة البلوجر المعروف بـ"شاكر محظور"، تم العثور على سلاح ناري غير مرخص، وكمية من المواد المخدرة داخل سيارته الخاصة، ما أثار شبهات إضافية بشأن نشاطه الإجرامي.

وتم التحفظ على كل الأجهزة الإلكترونية، وبدأت الجهات المعنية عملية فحص دقيق للهواتف وأجهزة الحاسوب الخاصة بالمتهمين، لتحليل البيانات والمحادثات وربطها بالمحتوى المنشور، ما سيسهم في كشف شركاء محتملين أو جهات تمويل خلف الكواليس.

تفاصيل التحقيقات مع المتهمين

جاء القبض على البلوجر سوزي الأردنية بعد سلسلة من البلاغات وردت إلى الجهات المعنية تتهمها بتقديم محتوى مبتذل وغير لائق، حيث جرى ضبطها داخل شقتها في القاهرة الجديدة، وتم التحفظ على هاتفها المحمول لفحصه جنائيًا.

تم ضبط البلوجر المعروف بـ"شاكر محظور"، صاحب الفيديوهات الجدلية، داخل أحد المقاهي وبحوزته مواد مخدرة وسلاح ناري غير مرخص. وكشفت التحقيقات الأولية استخدامه للمحتوى الخادش كوسيلة لتحقيق أرباح سريعة وجذب المشاهدات.

أما البلوجر "مداهم"، فتم ضبطه بعد ورود أكثر من 22 بلاغًا ضده، تضمنت اتهامات بنشر محتوى مسيء وتحريض على الانحراف الاجتماعي. الجهات المختصة فحصت حساباته، وتبيّن تكرار نشر مقاطع تُسيء للذوق العام.

وتم ضبط البلوجرتين المعروفتين بـ"أم مكة" و"أم سجدة"، عقب تقديم بلاغات تتهمهما ببث مقاطع فيديو تتضمن إيحاءات جنسية مباشرة وتجاوزات لفظية واضحة. وأظهرت التحقيقات الأولية تورطهما في استغلال الأطفال ضمن محتوى الفيديوهات، ما يُعد خرقًا صارخًا لأخلاقيات النشر.

القبض على قمر الوكالة

ضمن نفس الحملة الأمنية المكثفة، ألقت الأجهزة المعنية القبض على البلوجر المعروفة باسم "قمر الوكالة"، والتي اشتهرت بنشر محتوى جريء للغاية عبر حساباتها على تيك توك وإنستجرام. التحريات أثبتت تعمد المتهمة بث مقاطع تظهر فيها بأوضاع وإيحاءات غير أخلاقية، مع استخدام عبارات خادشة تتنافى مع الذوق العام.

ضُبطت قمر داخل إحدى الوحدات السكنية بمنطقة حدائق القبة، وتم التحفظ على عدد من الهواتف المحمولة وأجهزة تصوير متطورة بحوزتها. وكشفت التحقيقات الأولية أنها كانت تتلقى مبالغ مالية من متابعين عرب نظير تقديم هذا النوع من المحتوى، وهو ما يُرجح تورطها في أنشطة مرتبطة بالإتجار الرقمي بالجسد.

علياء مناديل.. الابتذال المجاني تحت العدسة

وفي واقعة أخرى أثارت ضجة كبرى على منصات التواصل، تم ضبط البلوجر المعروفة بلقب "علياء مناديل"، بعد تداول واسع لفيديوهات ظهرت خلالها وهي تتحدث بألفاظ خارجة في بث مباشر، وتقوم بإيماءات تخدش الحياء، مع تصوير نفسها وهي تتجول في أماكن عامة دون مراعاة الآداب العامة.

الجهات الأمنية تعقبت حسابات المتهمة وتمكنت من تحديد مكان تواجدها في محافظة المنوفية، حيث جرى ضبطها داخل مسكنها. وأفادت التحقيقات أن المتهمة تعمدت إثارة الجدل وخلق "ترندات" قائمة على الصدمة لجذب مزيد من التفاعل، مستخدمة عبارات مسيئة ومقاطع تمثيلية تتضمن عنفًا لفظيًا.

خبراء القانون: حبس وغرامات مشددة

يقول المستشار القانوني الدكتور طارق منصور، إن الاتهامات الموجهة للمتهمين تدخل تحت طائلة قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، والذي يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة قد تصل إلى 300 ألف جنيه، لكل من ينشر محتوى يخل بالحياء العام أو ينتهك قيم المجتمع.

وأضاف في تصريحات صحفية: "في حال ثبوت وجود عناصر أخرى مثل حيازة المخدرات أو الأسلحة دون ترخيص، فإن العقوبة تتضاعف وقد تصل إلى السجن المشدد لسنوات، خصوصًا إذا اقترنت هذه الجرائم بجني أرباح مالية من وسائل إلكترونية مشبوهة".

خبراء الاجتماع: تهديد مباشر للأمن الثقافي

الخبير الاجتماعي الدكتور أيمن عبد الرؤوف يرى أن هؤلاء البلوجرز يمثلون ظاهرة خطيرة تُهدد الأمن الثقافي والنفسي للأجيال الجديدة، مؤكدًا أن الأطفال والمراهقين هم الفئة الأكثر تأثرًا بالمحتوى المتداول عبر تيك توك.

وأضاف في تصريحات إعلامية: "حينما تصبح الإباحية والسخرية المبتذلة وسيلة لجمع ملايين المشاهدات، فنحن أمام أزمة تربوية عميقة، تتطلب ليس فقط الردع القانوني، بل أيضًا تدخلًا ثقافيًا وتعليميًا عاجلًا".

حملات شعبية تطالب بحظر تيك توك

بالتزامن مع تصاعد التحقيقات، أطلق نشطاء وفاعليات سياسية وأسرية حملات تطالب بحظر التطبيق نهائيًا داخل مصر، تحت عناوين مثل "احمِ أولادك من تيك توك" و"تيك توك خطر قومي". وانتشرت تجارب لأسر تعرض أطفالها لانحرافات سلوكية نتيجة متابعة مقاطع البلوجرز المتهمين.

كما تم تدشين حملات توقيعات إلكترونية لرفعها إلى الجهات التشريعية للمطالبة بحظر التطبيق أو فرض رقابة صارمة عليه.

وزارة الداخلية.. درع الوطن الرقمي

اللافت في هذه الحملة هو الأداء المتميز لوزارة الداخلية، التي قامت بتطوير بنيتها التحتية التكنولوجية، وأطلقت وحدات جديدة متخصصة في مكافحة الجرائم الرقمية، تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة.

تعمل الوزارة  على مدار الساعة، ولا تكتفي بردود الأفعال، بل بدأت تعتمد آليات استباقية لرصد المحتوى المنحرف قبل انتشاره.

رسالة إلى الأسرة والمجتمع.. الرقابة تبدأ من البيت

وسط هذه المعركة الشرسة ضد الانحدار الأخلاقي الرقمي، تبقى الأسرة هي خط الدفاع الأول. 

على أولياء الأمور أن يدركوا أن كل هاتف محمول في يد طفل أو مراهق قد يكون بوابة مفتوحة على عالم من الانحراف إذا لم تكن هناك رقابة ووعي تربوي.

يشير الخبراء إلى أن المراهق يقضي في المتوسط أكثر من 4 ساعات يوميًا على تيك توك، يتعرض خلالها لما يقارب 300 مقطع فيديو، كثير منها يُروّج للسطحية والانحلال.

رسالتنا للمجتمع: أوقفوا الإعجاب بالمحتوى غير الأخلاقي، لا تتابعوا المسيئين، لا تدعموا بالصمت. كل "لايك" لمبتذل هو خنجر في خاصرة القيم.