في زمن أصبحت فيه ضغطة زر كفيلة بتحويل شخص عادي إلى "نجم سوشيال ميديا"، سقطت الأقنعة سريعًا لتتكشف حقائق صادمة خلف الشاشات اللامعة. فخلف صور الرفاهية و"الترندات" المتصدّرة، تتوارى اتهامات خطيرة تتراوح بين الترويج للفسق، وغسيل الأموال، ونشر أخبار كاذبة تهدد السلم العام.
النيابة العامة تتحرك، والأجهزة الأمنية تنفذ ضربات متتالية أسقطت وجوهًا بارزة في عالم "التيك توك"، أبرزهم: مروة يسري، أم سجدة، أم مكة، وسوزي الأردنية، في قضايا تُثير تساؤلات كبرى عن أخلاقيات المحتوى، وحدود حرية النشر، ودور القانون في كبح جماح هذا الانفلات الرقمي.
- القبض على التيك توكر شاكر في القاهرة الجديدة

في مشهد بات يتكرر مع تصاعد ظاهرة "الترند بأي ثمن"، أُلقي القبض في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد على الـ«تيك توكر» الشهير شاكر، صاحب الحساب المعروف بـ"شاكر محظور دلوقتي"، وذلك بمنطقة القاهرة الجديدة، بعد سلسلة بلاغات تقدم بها مواطنون، تتهمه بنشر محتوى مخالف للآداب العامة والذوق العام.
القصة بدأت عندما لاحظ عدد من المتابعين تصاعد لهجة الإسفاف والتجاوز في مقاطع الفيديو التي ينشرها شاكر عبر حسابه على منصة "تيك توك"، حيث تعمّد تقديم محتوى ساخر يتضمن ألفاظًا وإيحاءات مسيئة تخالف القيم الاجتماعية، تحت ستار الكوميديا والترفيه.
البلاغات التي وصلت إلى الأجهزة الأمنية استندت إلى عشرات المقاطع التي وصفها مقدمو الشكاوى بأنها "خادشة للحياء العام" و"تحرّض على الانفلات السلوكي"، ما دفع فرق المباحث إلى تتبع نشاط المتهم إلكترونيًا، حتى جرى تحديد موقعه وشنّ مداهمة أمنية ناجحة فجر اليوم.
وخلال عملية الضبط، تم التحفّظ على هاتفه المحمول وأجهزة إلكترونية يُشتبه في استخدامها في إدارة المحتوى، وتم تحرير محضر رسمي بالواقعة، بينما أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق عاجل.
- القبض على مداهم.. «حشيش وأموال وفيديوهات خادشة»

البلوجر المعروف بـ«مداهم»، والذي كان يقدم محتوى ساخرًا و"خارجًا عن المألوف"، وجد نفسه متهمًا بتجاوز القانون بشكل صريح.
وخلال مداهمة في القناطر الخيرية، تم ضبطه وبحوزته:
* مبالغ مالية محلية وأجنبية
* مواد مخدرة (حشيش وأفيون)
* مشغولات ذهبية
* فيديوهات خادشة منشورة على حساباته
اعترف بأنه كان ينشر تلك المقاطع بهدف جلب المشاهدات وتحقيق أرباح من المنصات الرقمية، وأنه يتعاطى المخدرات بانتظام.
- سوزي الأردنية.. محتوى الإيحاءات مقابل الربح

في واقعة أخرى، ألقت قوات الأمن القبض على البلوجر المعروفة بـ"سوزي الأردنية" في القاهرة، بعد توالي بلاغات تتّهمها بنشر محتوى يتضمن إيحاءات جنسية وألفاظًا مسيئة للآداب.
وخلال التحقيق، أقرت أ
نها كانت تستهدف الربح من المنصات من خلال محتوى "مثير" لجذب المشاهدات.
تم التحفظ على أجهزتها، وجارٍ تحليل المحتوى الرقمي للتأكد من مخالفات قانونية إضافية محتملة.
- أم مكة وأم سجدة.. من «الروتين اليومي» إلى السجن

ظهر الثنائي «أم سجدة وأم مكة» كربتي منزل تقليديتين، يشاركن روتين الحياة اليومية. لكن شيئًا فشيئًا، بدأ المحتوى يأخذ منحى «صادمًا ومثيرًا للجدل».
تلقت النيابة بلاغات عدة تتهمهما بـ: نشر محتوى غير لائق، ألفاظ خادشة للحياء، التشكيك في مصادر ثرواتهما الفجائية.
تتبعت الأجهزة الأمنية نشاطهما الإلكتروني، وجمعت تسجيلات توثق مظاهر حياة مبالغ فيها تتناقض مع كونهما "ربتي منزل" بلا مصدر دخل معروف.
أُمرت الجهات المختصة بحبسهما 4 أيام على ذمة التحقيق، وسط استكمال الفحص بشأن مصادر الدخل، والاشتباه في غسل أموال أو كسب غير مشروع.
- مروة يسري.. "بنت مبارك"

أغرب القصص وأكثرها ضجيجًا كانت من نصيب «مروة يسري»، التي لقّبها المتابعون بـ"بنت مبارك"، بعد أن خرجت عبر فيديوهات تدّعي أنها “الابنة السرية للرئيس الأسبق حسني مبارك من الفنانة إيمان الطوخي”.
لكنها لم تكتفِ بادعاء نسب مثير، بل بدأت تروّج نظريات مؤامرة تتهم فيها فنانين وسياسيين بتجارة الأعضاء وغسيل الأموال.
التحقيقات بدأت ببلاغ رسمي من الفنانة وفاء عامر، أعقبه بلاغ قانوني من محامٍ يتهمها بـ"نشر أخبار كاذبة وتكدير الأمن العام".
وبعد عملية مداهمة أمنية في الإسكندرية، تم ضبطها وبحوزتها هاتفان، أحدهما يحتوي على محفظة إلكترونية تتلقى تحويلات مالية من الخارج.
وخلال التحقيقات، أقرت أنها **اختلقت الرواية بالكامل بهدف تحقيق شهرة سريعة وربح مادي من التفاعل على منصات التواصل.
- التهم الموجهة: بين الأخلاقي والجنائي
النيابة العامة واجهت المتهمين بتهم، تنوّعت ما بين:
*نشر أخبار كاذبة
* التحريض على الفسق والفجور
* إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
* حيازة مواد مخدرة
* الإضرار بالأمن الاجتماعي والاقتصادي
كما تستمر التحقيقات في مسارات الأموال المحصّلة، لمعرفة ما إذا كانت هناك شُبهات تتعلق بغسل الأموال أو التمويل المشبوه.
- المحتوى المسموم.. من المسؤول؟
القضية لم تعد تتعلق بعدد من البلوجرز فقط، بل **بمنظومة كاملة** تغذي هذا النوع من المحتوى، وتمنحه رواجًا مقابل الأرباح.
ما حدث يعكس **فشلًا أخلاقيًا لدى بعض صناع المحتوى**، وتقصيرًا في الرقابة الذاتية والمنصات الرقمية.
لكن التحرك الحاسم من وزارة الداخلية والنيابة العامة قد يكون **جرس إنذار** لوقف هذا الانفلات.
- من التريند إلى التوقيف
في عصر السرعة واللايك والشهرة الزائفة، تهاوى عدد من "البلوجرز" في قبضة العدالة، بعد أن ظنوا أن المحتوى الرخيص طريق سريع للثراء والشهرة.
ولكنّ ما جرى ليس نهاية لقصصهم فقط، بل رسالة واضحة من الدولة والمجتمع: لا تسامح مع من يتجاوز القانون باسم الترفيه.فالسوشيال ميديا لا تعني الفوضى.. والحرية الرقمية لا تعني الإسفاف.