
في مشهد يتكرر بشكل مقلق، تتكشف يومًا بعد يوم فداحة الإهمال في محافظة سوهاج، حيث تتفشى ظاهرة غياب التراخيص القانونية للعديد من المحال التجارية، مما يحولها إلى قنابل موقوتة تهدد سلامة المواطنين وممتلكاتهم، وخصوصًا أن هذه الأزمة تعكس مشهدًا لتراخٍ صارخ من قبل الجهات المعنية بمحافظة سوهاج في متابعة وتطبيق الإجراءات اللازمة لترخيص هذه المنشآت، وهو ما يخلق بيئة خصبة للمخالفات الجسيمة وتجاهل معايير السلامة والصحة المهنية.
48 ساعة فضحت التقصير الإداري وتهديد الأرواح بمحافظة سوهاج
سلطت الأحداث الأخيرة خلال الـ48 ساعة الماضية الضوء بشكل قاسٍ على هذا التقصير الإداري، وكشفت عن تداعياته الخطيرة التي تصل إلى حد تهديد الأرواح، فشهدت مدينة سوهاج في خلال الـ48 ساعة الماضية، واقعتين متتاليتين فضحتا حجم الإهمال ونتائجه الكارثية، بدأت الواقعة الأولي بانفجار مطعم حصد عددًا من المصابين وخلف خسائر مادية كبيرة، في مساء يوم الجمعة الموافق 1 أغسطس 2025، انقلبت الأجواء الهادئة لمدينة سوهاج إلى فزع، إثر انفجار مروع لأسطوانة غاز داخل أحد المطاعم، لم يقتصر الأمر على ذلك، بل أسفر الانفجار عن إصابة عدد من المواطنين، ونشوب حريق هائل التهم المطعم وامتدت نيرانه إلى واجهات المحال المجاورة، مخلفًا خسائر مادية فادحة، وكشفت المعاينة الأولية لموقع الحادث عن حقائق صادمة؛ فالمطعم يقع في ممر ضيق لا تتوفر فيه الاشتراطات اللازمة لترخيص هذا النوع من الأنشطة، والأدهى من ذلك أن هذا الممر يضم عددًا كبيرًا من المحال التجارية الأخرى غير المرخصة.

وفور وقوع الحادث، تحركت النيابة الإدارية بسوهاج بسرعة، حيث باشرت التحقيقات وأوفدت فريقًا برئاسة المستشار عبد العال فرج، وعضوية كل من المستشار محمد عبد اللطيف البهنساوي ومحمد سيد البدري، رئيس النيابة، لمعاينة الموقع وتفريغ كاميرات المراقبة والاستماع لشهادة الشهود، وأكدت هذه التحقيقات على أن غياب التراخيص والتقصير في تطبيق معايير السلامة كانا السبب الرئيسي في تفاقم الكارثة.
الجهات الإدارية بمحافظة سوهاج، وبعد فوات الأوان، أصدرت قرارات غلق إداري لعدد من المحال الكائنة بالممر عقب الحادث مباشرة، في محاولة لامتصاص الغضب وتدارك الموقف.
أما الواقعة الثانية ألقت بظلالها من خلال مشاجرة في محلين بلا ترخيص لتكشف عن فوضى الإشغالات، فلم يكد يمر وقت طويل حتى شهدت المدينة حادثة أخرى لا تقل خطورة، تمثلت في وقوع مشاجرة عنيفة بين عاملين بعدد من المحال التجارية مساء الجمعة ذاتها، وكان السبب الظاهري للمشاجرة أنها بدأت بخلاف على أولوية وضع الطاولات في منطقة مشتركة يشغلها كلا المحلين دون ترخيص، لكن الأثر لم يقتصر على المتشاجرين فقط، بل أسفر الحادث عن إصابة عدد من المارة الأبرياء الذين تصادف مرورهم بموقع المشاجرة.

وكشفت المعاينة التي أجراها فريق التحقيق عن وجود إشغالات مخالفة كثيرة في هذا الطريق والأماكن الملاصقة لموقع المشاجرة، مما تسبب في إعاقة حركة المرور بشكل كبير، فضلًا عن انعدام الحماية المدنية واشتراطات الصحة والسلامة المهنية في هذه المحال، لتؤكد الواقعة على أنها مؤشر خطير على غياب الرقابة وفوضى الإشغالات التي تحول الشوارع إلى ساحات للمنازعات، وتهدد سلامة المواطنين.
ومن جهتها قررت النيابة استدعاء المختصين من الوحدات المحلية بحي شرق سوهاج ومركز ومدينة سوهاج، وديوان عام محافظة سوهاج ومديرية القوى العاملة بالمحافظة، وإدارة الحماية المدنية لتحديد المخالفات والمسؤولين عنها، تمهيدًا لاستكمال التحقيقات ومحاسبة المقصرين.

الأهالي: المواطن السوهاجي يدفع ثمن هذا الإهمال من صحته وسلامته ومن أمواله وممتلكاته
"البوابة نيوز" التقت عددًا من المواطنين بمدينة سوهاج اللذين أكدوا أن هذه الحوادث المتكررة هي نتاج مباشر لقصور هيكلي في منظومة الرقابة والتراخيص بمحافظة سوهاج، مؤكدين أن الأجهزة التنفيذية تتحمل مسؤولية كبرى في فرض القانون وتطبيق المعايير اللازمة لضمان سلامة المواطنين والممتلكات.
“غياب التراخيص للمحال التجارية لا يعني فقط مخالفة القانون” بتلك الكلمات بدأ محمد ناصر حديثه لـ"البوابة نيوز"، واستكمل أن غياب تراخيص المحال التجارية يشكل خطرًا داهمًا على الأرواح والممتلكات، خاصة في ظل عدم تطبيق اشتراطات السلامة المهنية والحماية المدنية، التي تتجاهلها هذه المنشآت غير المرخصة مستغلين غياب الرقابة.
أما يوسف إدريس، قال إن المواطن السوهاجي يدفع ثمن هذا الإهمال من صحته وسلامته، ومن أمواله وممتلكاته، متسائلًا متى ستتحرك محافظة سوهاج بقيادة اللواء دكتور عبد الفتاح سراج، بشكل جاد لوضع حد لهذه الفوضى، وتطبيق القانون بحزم، ومحاسبة المقصرين، قبل أن تتفاقم الأوضاع وتتحول الكوارث الفردية إلى كارثة جماعية لا تحمد عقباها؟.

وفي السياق ذاته، وجه المواطن هيثم علي نداءً عاجلًا ومباشرًا لللواء عبد الفتاح سراج، محافظ سوهاج، محذرًا من خطر وشيك يتهدد منطقة سكنية بالمدينة، داعيًا إلى التدخل الفوري قبل وقوع كارثة جديدة، وطالب بـإقالة رئيس حي شرق، الذي وصفه بأنه سمح بكل هذه التجاوزات الخطيرة.
وفي تفاصيل مثيرة للقلق، أشار هيثم علي، إلى شارع الجهاد، المعروف بـ"سوق الهلال" امتداد كافيه فرساي، حيث كشف عن وجود أربع مقاهٍ تعمل بدون ترخيص، وكل منها يمتلك 6 أسطوانات بوتاجاز، وأن هذه المقاهي تعمل على مدار 24 ساعة، وتشغل الطريق العام بالدكك والكراسي البلاستيكية.
ولم يتوقف الأمر عند المقاهي، فقد ذكر علي أن الشارع نفسه يضم أيضًا، مطعمين لتقديم الكبدة، لكل منهما أسطوانتا بوتاجاز، ومطعمين للفول، لكل منهما أسطوانتا بوتاجاز، ومطعم كريب واحد، يمتلك أسطوانتي بوتاجاز.
المثير للدهشة، وفقًا للمواطن هيثم علي، هو أن جميع هذه المنشآت متكدسة في مساحة لا تتجاوز 50 مترًا فقط، أسفل عمارة "جمعية تنمية الثروة السمكية".
وأكد المواطن أن "الوضع الراهن قد ينذر بوقوع كارثة"، محذرًا من أنه "لولا قدر الله وحدث تسرب غاز من إحدى أسطوانات البوتاجاز فقد تتحول المنطقة برمتها إلى جحيم"، مؤكدًا أن معايير الوقاية من المخاطر المحتملة "صفر"، وأن عدم الالتزام بها يعرض الأرواح والممتلكات للخطر.
وفي ختام رسالته، ناشد هيثم علي، الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، بتكليف اللواء دكتور عبد الفتاح سراج، محافظ سوهاج بالقيام بجولات مفاجئة في هذا الشارع ليشاهد إنجازات رئيس الحي، في إشارة واضحة إلى الإهمال والتراخي في تطبيق القانون علي حد قوله.
