أخبار عاجلة

بين مطرقة تحرير الصرف وسندان التضخم.. كيف نجح ...

بين مطرقة تحرير الصرف وسندان التضخم.. كيف نجح ...
بين مطرقة تحرير الصرف وسندان التضخم.. كيف نجح ...

خاض البنك المركزي المصري واحدة من أعقد المعارك النقدية في تاريخه الحديث، عندما قرر تحرير سعر صرف الجنيه في مارس 2024 وسط أزمة تضخم خانقة وتحديات داخلية وخارجية ضاغطة، فلم تكن المغامرة سهلة، لكن النتائج التي تحققت على مدار أكثر من عام أثبتت أن الرهان كان محسوبا بعناية، وأن أدوات السياسة النقدية المصرية كانت أكثر صلابة مما توقع كثيرون.

فمن تراجع معدلات التضخم، إلى الطفرة غير المسبوقة في تحويلات المصريين بالخارج، وصولا إلى مستويات قياسية في احتياطي النقد الأجنبي، تكشف البيانات الرسمية عن تحول كبير في بنية الاقتصاد الكلي، ونجاح البنك المركزي في تحجيم  آثار الصدمة، وإعادة ضبط البوصلة النقدية والمالية للدولة.

من التضخم الجامح إلى احتواء الضغوط.. ماذا حدث؟

مع تنفيذ قرار تحرير سعر الصرف في مارس 2024، قفز معدل التضخم الأساسي السنوي إلى مستويات غير مسبوقة، مسجلا نحو 35.7%، وفق بيانات البنك المركزي، وجاء هذا التصاعد الحاد نتيجة مباشرة لانخفاض قيمة الجنيه من 31 إلى نحو 50 جنيها مقابل الدولار، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة محليا وعالميا، وتفاقم أزمات سلاسل الإمداد، ما انعكس بشكل مباشر على القوة الشرائية للمواطنين.

لكن هذه الذروة لم تدم طويلا، فبحلول ديسمبر 2024، بدأت المؤشرات في التراجع، وسجل التضخم الأساسي 23.2%، في ظل اتباع سياسة نقدية انكماشية اعتمدت على رفع أسعار الفائدة بشكل استباقي، حيث بلغ سعر الفائدة على الإيداع والإقراض 27.25% و28.25% على التوالي في مارس 2024، قبل أن يبدأ المركزي في تقليصها تدريجيا لتصل في مايو 2025 إلى 24% و25%، مما ساعد في امتصاص الضغوط التضخمية تدريجيا دون خنق النمو.

603.jpg
كيف نجح البنك المركزي في العبور بالاقتصاد المصري نحو الاستقرار؟

التحويلات الدولارية.. عودة ثقة المصريين بالخارج القطاع المصرفي 

في عام 2023، تأثرت تحويلات المصريين بالخارج سلبا بسبب اتساع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والموازي، لتسجل نحو 19.5 مليار دولار فقط، نتيجة لجوء كثير من المغتربين إلى قنوات غير رسمية ذات عوائد أعلى، لكن قرار تحرير سعر الصرف وتوحيد السوق أنهى هذه المعادلة، وشجع تدفقات العملات الأجنبية عبر القنوات الرسمية.

النتيجة كانت قفزة قياسية في التحويلات، حيث سجلت 32.8 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2024 حتى مايو 2025، بنسبة نمو 69.6% مقارنة بـ19.4 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق، ويعود ذلك إلى جملة من العوامل أبرزها طرح شهادات ادخار بعوائد مرتفعة وصلت إلى 27% و23.5%، ما أعاد ثقة المغتربين في النظام المصرفي، وزاد من جاذبية السوق المحلية لاستقبال مدخراتهم.

تعافي الاحتياطي الأجنبي لمصر 

في مارس 2024، كان احتياطي النقد الأجنبي يقف عند 40.4 مليار دولار، مستندا إلى دعم استثنائي من اتفاقيات استثمارية ضخمة، أبرزها صفقة "رأس الحكمة" التي ضخت نحو 35 مليار دولار، لكنها لم تكن كافية لطمأنة الأسواق وسط تصاعد التزامات الديون واحتياجات الاستيراد.

مع مرور الوقت، وتحديدا في يونيو 2025، ارتفع الاحتياطي الأجنبي إلى 48.7 مليار دولار، بزيادة تتجاوز 8 مليارات دولار، مدعوما بتحسن التحويلات، وتعافي إيرادات قناة السويس، فضلا عن تدفق استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 46 مليار دولار في عام 2024، وعزز هذا الارتفاع قدرة الدولة على تغطية وارداتها لأكثر من 8 أشهر، ما وفر عنصر أمان إضافيا في مواجهة أي تقلبات خارجية محتملة.

604.jpg
كيف نجح البنك المركزي في العبور بالاقتصاد المصري نحو الاستقرار؟

كيف أعاد البنك المركزي رسم الخريطة النقدية؟

استند نجاح البنك المركزي المصري إلى منظومة من الإجراءات المحكمة التي أعادت ضبط موازين السياسة النقدية، فقد أدى تحرير سعر الصرف بالكامل، إلى القضاء على السوق السوداء، وتوحيد سعر الدولار عند مستويات تتراوح بين 47 إلى 51 جنيها، وهو ما ساهم في استعادة ثقة المستثمرين الدوليين والمحليين.

كما تمكن المركزي المصري من السيطرة على التضخم باستخدام سياسة سعر فائدة صارمة لاحتواء موجات الغلاء، ثم تعديلها تدريجيا للحفاظ على توازن النمو دون تفجير الأسعار من جديد.

كما عمل على تعزيز الاحتياطيات والسيولة الدولارية، وذلك عبر تنشيط تحويلات المغتربين، جذب الاستثمارات الأجنبية، وزيادة عائدات قناة السويس، بما مكن الدولة من الحفاظ على استقرار الجنيه، وتقوية جبهتها الاقتصادية.

انجاز لا يمكن إنكاره

كيف نجح البنك المركزي في العبور بالاقتصاد المصري نحو الاستقرار؟

606.jpg
كيف نجح البنك المركزي في العبور بالاقتصاد المصري نحو الاستقرار؟

لا شك أن الأرقام تعكس نجاحا ملموسا للبنك المركزي في إدارة أزمة مزدوجة تمثلت في تحرير سعر الصرف تحت ضغط تضخمي خانق، فالمسار الذي بدأ بتضخم بلغ 35.7% وانتهى بانخفاضه إلى 23.2%، وبتحول في التحويلات من 19.4 إلى 32.8 مليار دولار، وبارتفاع الاحتياطي من 40.4 إلى 48.7 مليار دولار، هو إنجاز لا يمكن إنكاره.

لكن التحديات لا تزال قائمة، وأبرزها ارتفاع الدين العام، وضعف الطلب المحلي، وضغوط النمو الاقتصادي في بيئة عالمية مضطربة، لذلك، يبقى الحفاظ على هذا الزخم الإصلاحي وتعزيز آليات التوازن المالي والنقدي، هو الطريق الأمثل لمواصلة السير في مسار الاستقرار والتنمية.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بسبب فيديوهات مخلة بالآداب العامه ...الداخلية تكشف تفاصيل القبض علي مداهم في القليوبية
التالى ترامب يصف الوضع في غزة بالمروع.. وواشنطن تضغط لتسريع إيصال المساعدات