يواجه قطاع الطاقة المتجددة في بريطانيا مستقبلًا غامضًا جراء ارتفاع أسعار الكهرباء نتيجة الدعم المخصص لتحقيق أهداف الحياد الكربوني.
ووفق مقال للناشط المناخي آندرو مونتفورد، طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تأتي خطط دعم الطاقة النظيفة في المملكة المتحدة مقترنةً بأعباء تُثقِل كاهل المواطنين، بعكس ما وعدتهم به الحكومة العمالية الحالية.
ففي إطار مساعيها لتحقيق الحياد الكربوني، قررت حكومة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر تسريع التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة في بريطانيا،عبر استعمالها في توليد 100% من الكهرباء بحلول نهاية العقد الحالي.
كما قررت الحكومة رفع أهداف تقليل الانبعاثات إلى 81% من 78% سابقًا بحلول عام 2035، قياسًا بمستويات عام 1990.
غير أن أرقام حكومية سابقة قدّرت ارتفاع الضرائب على فواتير الكهرباء من أجل دعم مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 60% بحلول عام 2030.
اضطرابات اجتماعية
تدلّ تصريحات نائبة رئيس الوزراء البريطاني أنجيلا راينر حول إمكان اندلاع اضطرابات اجتماعية خلال الصيف الحالي، على أن الحكومة بدأت تستوعب أن الأمور في البلاد لا تسير على ما يرام، وفق مقال آندرو مونتفورد المنشور بموقع حملة "نت زيرو ووتش" (Net Zero Watch) المعنية بشؤون تغير المناخ.
وقال، إن راينر قد حالفها الصواب حينما أشارت إلى أن انعدام الأمن الاقتصادي وانكماش النشاط التصنيعي عوامل مهمة أسهمت في ما آلت إليه أوضاع البلاد، إلى جانب قضايا أكثر إلحاحًا مثل الهجرة.
وأضاف: "غير أنني لست متأكدًا من أن حزب العمال قد بدأ يفهم نطاق وأبعاد المشكلة التي يواجهها، كما أن إعادة المملكة المتحدة مجددًا إلى مسار النمو ستكون صعبة جدًا إذا كانت أسعار الكهرباء لدينا بالقيمة نفسها السائدة في الولايات المتحدة".
وأضاف: "ومع بلوغ أسعار الكهرباء في بريطانيا مستويات مرتفعة جدًا، ستبدو المهمة مستحيلة في ظل انهيار الصناعة وانكماش التوظيف في كل أنحاء البلاد".
في غضون ذلك يتوقع مورّدو الكهرباء أن تواصل الأسعار الزيادة في عام 2026.
وتابع: "وما يزيد الطين بلة هو أننا ربما نواجه قريبًا أوقاتًا لا نجد فيها الكهرباء على الإطلاق، وستشهد الشبكة حالةً من عدم الاستقرار جراء سعة طاقة الشمس والرياح".
تأثير الحياد الكربوني في الشبكة
واصل آندرو مونتفورد الحديث بقوله: "جانب كبير من البنية التحتية للشبكة لدينا يُقابَل بتجاهل واضح لصالح أهداف الحياد الكربوني، بما في ذلك أسطول محطات الكهرباء العاملة بالغاز التي تمدّنا بالكهرباء حينما تشُح موارد الرياح، وكذلك المحولات التي تساعد تلك المحطات في العمل عند الحاجة إليها".
وأكمل: "من الصعب الآن أن نرى كيف سنقدِر على تفادي انقطاع الكهرباء -أو بعبارة أخرى تقنين الكهرباء-، أو كيف يمكننا مواجهة انقطاع الكهرباء على غرار ما حدث في إسبانيا، خلال بضع سنوات".
واستطرد: "الوضع حرج، ويتفاقم يومًا تلو الآخر، ولعل الأنباء الجيدة الوحيدة الواردة مؤخرًا هي الرسالة التي بعثها النائب في البرلمان البريطاني ريتشارد تايس إلى مطوري مزارع الرياح، يحذّرهم فيها من مغبّة الاشتراك في جولة مزاد الدعم القادمة التي أطلقتها الحكومة".
وواصل مونتفورد: "تُظهِر الشائعات أن رسالة تايس قد حققت مرادها، وبدأ مطورو مزارع الرياح يشعرون بالقلق، وفي تقديري أنه إذا تجنَّب هؤلاء المشاركة في جولة المزاد المذكورة، فستكون تلك خطوة مهمة نحو وقف النزيف الاقتصادي".
غير أن الواقع الأليم هو أن قطاع الطاقة المتجددة في بريطانيا لا يشعر بالقلق تقريبًا بشكل كافٍ، وفق ما قاله كاتب المقال، وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي مسارها الحالي، تسجل المؤشرات الاقتصادية في المملكة المتحدة تراجعًا ملحوظًا، وبات تدخُّل صندوق النقد الدولي الآن لإنقاذ الاقتصاد مسألة وقت.
الكهرباء الرخيصة ضرورة
قال كاتب المقال: "بالنسبة لبلد، فإن العودة إلى النمو ستصبح ضرورة ملحّة، وليس طموحًا تعهدت بتحقيقه الحكومات الأخيرة، وفي هذه المرحلة، سيتعين على الحكومة أن تواجه حقيقتين بسيطتين: هما أولًا أنه لن يكون هناك نمو دون كهرباء رخيصة التكلفة، وثانيًا لا يمكن أن يكون هناك كهرباء رخيصة التكلفة من شبكة تهيمن عليها مصادر الطاقة المتجددة في بريطانيا، ولا سيما طاقة الشمس والرياح".
وتابع: "وبدأ نواب البرلمان البريطاني حاليًا يدركون حقيقة مفادها أنه بمقدورك أن تخدع الناس لبعض الوقت، ولكن لا يمكنك أن تفعل هذا طول الوقت".
وأوضح مونتفورد: "فقد اعتاد الوزراء والمسؤولون على تضليل الناس لمدة 10 سنوات، بشأن تكاليف الطاقة المتجددة في بريطانيا"، وفق تفاصيل طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأشار إلى أن الحقائق تظهر بوضوح في فاتورة الكهرباء، التي زادت قيمتها الحقيقية بنسبة 50% مقارنةً بما كانت عليه قبل 10 سنوات.
وحسب هيئة تنظيم الطاقة في المملكة المتحدة أوفغيم (Ofgem)، فإن معظم تلك الزيادة يُعزى إلى سياسات الحياد الكربوني، وفق المقال.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
آفاق الطاقة المتجددة في بريطانيا ،من مقال نشره موقع "نت زيور ووتش"
){kind=link}