"شبكات الكهرباء تحت المجهر".. كيف يصنع استقرار العمود الفقري للطاقة في مصر؟

في عالم تتسارع فيه المتغيرات وتتصاعد فيه التحديات أمام أنظمة الطاقة، يظل استقرار شبكات توزيع الكهرباء هو الدرع الحامي لاستدامة الإمداد الكهربائي، والعنصر الحاسم لضمان استمرارية الحياة اليومية للمواطنين ودوام عمل المرافق الحيوية والأنشطة الصناعية.

وتحت عنوان "الاستقرار في شبكات توزيع الكهرباء: العمود الفقري لإمداد موثوق للطاقة الكهربائية"، تطرح المهندسة ريهام عادل – مدير عام الإدارة العامة لتخطيط الأحمال والطاقة – رؤية فنية واستراتيجية متكاملة توضح أهمية هذا المفهوم الجوهري في منظومة الطاقة، وكيفية الحفاظ عليه في ظل بيئة تشغيلية متغيرة ومعقدة.

ما هو الاستقرار في شبكات التوزيع؟

يشير الاستقرار إلى قدرة شبكة الكهرباء على الاحتفاظ بحالتها التشغيلية الطبيعية من حيث الجهد والتردد، حتى عند حدوث اضطرابات مفاجئة، مثل: أعطال في المحطات أو خطوط النقل وتغيرات كبيرة في الأحمال وإدماج مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة كالشمس والرياح، وتكمن الخطورة في أن ضعف الاستقرار قد يؤدي إلى انهيار الشبكة وانقطاع التيار عن مناطق شاسعة، فيما يُعرف بالـ Blackout.

الاستقرار ≠ الموثوقية

تُوضح المهندسة ريهام عادل الفرق بين الاستقرار (Stability) والموثوقية (Reliability)؛ فبينما تعني الموثوقية قدرة الشبكة على توفير الخدمة بشكل منتظم وطويل المدى، فإن الاستقرار يُعنى برد فعل الشبكة اللحظي عند التعرض للاضطرابات. الحفاظ على الاستقرار هو ما يمنع الانهيار الفوري عند وقوع أي خلل.

أنواع الاستقرار المطلوبة في الشبكات

ينقسم الاستقرار الكهربائي إلى 3 أنواع رئيسية:

استقرار الجهد (Voltage Stability):
الحفاظ على مستويات جهد مناسبة بعد حدوث أي خلل.

استقرار الزاوية (Rotor Angle Stability):
ضمان بقاء المولدات متزامنة في السرعة والدوران.

الاستقرار الترددي (Frequency Stability):
الموازنة بين التوليد والاستهلاك لضبط تردد الشبكة.

التحديات أمام استقرار الشبكة

تُسلط ريهام عادل الضوء على تحديات حقيقية تواجه منظومة الشبكة، ومنها: دمج مصادر الطاقة المتجددة المتقلبة وتزايد الأحمال السكانية والصناعية والتهديدات السيبرانية على أنظمة التحكم والنقص في التحكم الذكي بالأحمال والتوليد

آليات تحقيق الاستقرار

تشير المهندسة ريهام عادل إلى مجموعة من الأدوات والتقنيات الحديثة التي تضمن تعزيز استقرار الشبكة، من بينها:

التحكم الآلي في التوليد (AGC) وأنظمة التحكم في الجهد باستخدام المكثفات ومنظمات الجهد وأنظمة الحماية السريعة لعزل الأعطال فورًا وتخزين الطاقة بالبطاريات وتطبيقات الشبكات الذكية وأجهزة الاستشعار والتحكم عن بُعد وتحليلات دورية لسلوك الشبكة لتحديد نقاط الضعف

استقرار الشبكة.. ضمانة تنموية وأمن وطني

تختم المهندسة ريهام عادل التقرير بالتأكيد على أن الاستقرار الكهربائي لم يعد مجرد بند فني في دفاتر المهندسين، بل هو عنصر حاسم لحماية الاقتصاد، وضمان استقرار المجتمع، وتأمين مستقبل المدن الذكية.

وفي ظل التوسع العمراني والتحول للطاقة النظيفة، يصبح الاستثمار في تقنيات التحكم الذكي والتحليل المستمر هو السبيل لبناء شبكة توزيع قوية، مرنة، وقادرة على الصمود.