

كوريا الجنوبية والولايات المتحدة
أعلنت كوريا الجنوبية رسميا إلغاء المحادثات التجارية الثنائية مع الولايات المتحدة، التي كانت مقررة ضمن إطار اجتماع "2+2" في العاصمة الأمريكية واشنطن.
ويأتي هذا الإلغاء في لحظة حرجة، وسط تصاعد التوترات الاقتصادية بين البلدين، وفي ظل تهديدات أمريكية بفرض رسوم جمركية جديدة على الصادرات الكورية بدءًا من الأول من أغسطس المقبل.
وأوضحت وزارة الاقتصاد الكورية أن سبب الإلغاء المفاجئ يعود إلى تضارب طارئ في جدول أعمال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، مؤكدة أن الطرفين يبحثان حاليًا إعادة جدولة اللقاء في أقرب وقت ممكن.
غير أن هذا التبرير أثار تساؤلات حول مدى عمق الخلافات التجارية الراهنة، وما إذا كانت واشنطن تسعى للضغط على سيول من خلال تعطيل المفاوضات في هذا التوقيت الحرج.
الاجتماع الملغى كان من المنتظر أن يجمع وزيري المالية والتجارة في كلا البلدين، حيث كان الجانب الكوري ممثلاً بوزير المالية كو يون-تشول ووزير التجارة يو هان-كو، فيما كان من المقرر أن يحضره من الجانب الأمريكي كل من وزير الخزانة سكوت بيسنت وممثل التجارة الأمريكي جيميسون غرير.
وفي محاولة لتقليص فجوة الخلاف، كان عدد من المسؤولين الكوريين قد توجهوا بالفعل إلى واشنطن قبل الإعلان عن الإلغاء، من بينهم وزير الصناعة والطاقة كيم جونغ-كوان، الذي شرع في إجراء مباحثات منفصلة مع مسؤولين أمريكيين.
وشملت تلك المباحثات ملفات حيوية مثل الطاقة، وصناعة السفن، وأشباه الموصلات، والبطاريات، في مسعى لبناء شراكات استراتيجية تقلّل من حدة الخلافات وتحدّ من تأثير الرسوم المحتملة.
وتأتي هذه التطورات في سياق تنافسي حاد تعيشه كوريا الجنوبية، خاصة بعد توقيع اتفاق تجاري واسع النطاق بين الولايات المتحدة واليابان، منح طوكيو امتيازات كبيرة في مجالات حيوية مثل السيارات والزراعة.
وأثار هذا الاتفاق مخاوف في سيول من فقدان ميزتها التنافسية في السوق الأمريكية، ما دفع الحكومة الكورية إلى إعادة تقييم سياساتها التفاوضية وتسريع وتيرة التنسيق مع واشنطن.
الضغوط لا تقتصر فقط على القضايا التجارية المباشرة، بل تمتد إلى قطاعات استراتيجية يرى فيها الجانب الأمريكي فرصًا لتحقيق اختراقات أكبر على حساب التوازن القائم.
فوفقًا لتقارير اقتصادية، تنظر الإدارة الأمريكية في فرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على سلع كورية محددة، وهو ما قد يسبب ارتباكًا واسعًا في سلاسل التوريد الكورية ويؤثر سلبًا على صناعات محورية مثل الإلكترونيات والسيارات.
ورغم الإلغاء، تؤكد الحكومة الكورية أنها ماضية في إجراء مشاورات مستمرة مع نظرائها الأمريكيين على مستويات مختلفة، مشيرة إلى أن المحادثات القطاعية لم تتوقف، بل يجري العمل على تعميقها من خلال قنوات موازية.
في المحصلة، يعكس إلغاء اجتماع "2+2" ليس فقط تعارضًا في الجداول الزمنية، بل واقعًا تجاريًا مضطربًا وتوترًا استراتيجيًا متصاعدًا بين شريكين تقليديين.
وتجد كوريا الجنوبية نفسها اليوم أمام تحدٍّ دبلوماسي واقتصادي معقّد: إما التوصل إلى تفاهم قبل حلول الأول من أغسطس، أو مواجهة واقع جديد من القيود الجمركية التي قد تعيد رسم ملامح علاقتها التجارية مع أكبر شريك اقتصادي لها.
اقرأ ايضا
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.