يحمل قطاع الهيدروجين الأخضر في شمال أفريقيا وعودًا عديدة تتجاوز تحول الطاقة، لتلامس عمق التحول الاقتصادي والصناعي في المنطقة.
وتمتلك دول المنطقة، من الجزائر إلى مصر، ومن ليبيا إلى موريتانيا والمغرب وتونس، واحدًا من أعلى معدلات الإشعاع الشمسي وسرعة الرياح عالميًا؛ ما يمنحها ميزة تنافسية في إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة منخفضة.
وأشار تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، إلى أن دول شمال أفريقيا تسعى لإنتاج 5.2 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2030، على أن يرتفع إلى 25 مليون طن سنويًا بحلول 2050، وفق إستراتيجيات وطنية نشرتها 5 دول من أصل الـ6.
ويكمن الطموح الأكبر في التصدير نحو أوروبا، سواء عبر خطوط أنابيب أو في شكل مشتقات مثل الأمونيا والميثانول والصلب الأخضر، وهي سلع تتمتع بقيمة مضافة وقدرة أعلى على المنافسة.
خريطة الهيدروجين الأخضر في شمال أفريقيا
تظهر خريطة الهيدروجين الأخضر في شمال أفريقيا تفاوتًا في الأهداف بين الدول الـ6، بحسب التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا).
ووفقًا للبيانات، تتصدر مصر القائمة على مستوى الإنتاج المستهدف في عام 2030، مع خطط لإنتاج 3.2 مليون طن من الهيدروجين الأخضر، وصولًا إلى 9.2 مليون طن بحلول عام 2040.
أما موريتانيا؛ فتخطط لإنتاج 1.2 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، وتعتزم زيادته إلى 4.3 مليونًا بحلول 2050، مع استهداف تصدير 6.9 مليون طن من الأمونيا بحلول 2030.
وبحلول 2050، تخطط موريتانيا لتصدير 24.4 مليون طن من الأمونيا، و5.5 مليونًا من الميثانول، و18.7 مليونًا من الحديد المنتج عبر الاختزال المباشر.
كما يستهدف المغرب إنتاج 0.51 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030، ونحو 2.5 مليونًا بحلول 2050، مع هدف لتصدير 2.72 مليون طن من الوقود السائل المشتق من الهيدروجين.
وتستعد تونس لإنتاج 0.32 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030، مع خطة لتصدير 0.3 مليونًا، لكنها تخطط لقفزة بحلول 2050 عبر إنتاج 8.3 مليونًا، وتصدير 6.4 مليونًا، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ورغم عدم وجود أهداف محددة لعام 2030؛ فإن الجزائر أعلنت نيتها إنتاج 1.2 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2040، في حين لم تعلن ليبيا أهدافًا واضحة لإنتاج الهيدروجين ومشتقاته أو تصديره.
ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- أن أغلى 7 دول أفريقية في تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر لا تضم دولة عربية:
تحديات الهيدروجين الأخضر في شمال أفريقيا
رغم الآفاق الواعدة لقطاع الهيدروجين الأخضر في شمال أفريقيا؛ فلا يزال الطريق محفوفًا بالعقبات، أبرزها:
- صعوبة التمويل: بسبب تصورات المستثمرين المرتفعة للمخاطر في أفريقيا، ومحدودية المعرفة بالأسواق الناشئة للهيدروجين، ومخاطر العملة، وعدم وضوح أسواق الاستهلاك النهائية.
- نقص الكوادر المؤهلة: الحاجة إلى تطوير القوى العاملة في مراحل سلسلة القيمة كافة، من التطوير التقني إلى التشغيل والصيانة.
- ضعف البنية التحتية: الحاجة إلى استثمارات كبيرة في المواني والطرق وشبكات المياه، لتسهيل تنفيذ المشروعات.
- عدم وضوح الأطر التنظيمية: يضعف من جاذبية الاستثمار.
- محدودية التنافسية: لا يزال الهيدروجين الأخضر ومشتقاته أقل قدرة على المنافسة من البدائل القائمة على الوقود الأحفوري.
في الوقت نفسه، أشار التقرير إلى فرص محلية لدمج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته في البنى التحتية والأسواق الحالية، أبرزها:
- استبدال واردات الغاز الطبيعي في دول مثل المغرب ومصر وتونس.
- إنتاج الأمونيا الخضراء محليًا في مصر وتونس والمغرب بدلًا من الاستيراد لإنتاج الأسمدة.
- تصدير الهيدروجين عبر البنى التحتية الحالية للغاز في دول مصدرة مثل الجزائر وليبيا.
- تحويل خام الحديد إلى صلب أخضر والحديد المنتج عبر الاختزال المباشر، وخاصة في موريتانيا.
ويستعرض الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- أرخص 7 دول أفريقية في تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر:
4 ركائز للتحول إلى الهيدروجين الأخضر
حسب التقرير، يرتكز تطوير الهيدروجين الأخضر في شمال أفريقيا على 4 أعمدة أساسية:
- السياسات والتنظيم:
- الحاجة إلى التزام حكومي ورؤية واضحة.
- ارتكاز الإستراتيجيات على "التطبيقات مضمونة الجدوى" التي لا تنافسها تقنيات أخرى.
- إدماج الإستراتيجيات في السيناريوهات طويلة الأجل للطاقة والصناعة.
- التقنيات والبنية التحتية:
- نقل التقنيات من أوروبا وآسيا وشمال أميركا إلى أفريقيا وتصنيع المكونات محليًا.
- إدارة مخاطر المياه وتحويلها إلى فرصة عبر تقييم الأثر والاستثمار المشترك في بنية تحلية المياه.
- الأسواق والتمويل:
- الحد من المخاطر وإثبات الجدوى المالية للمشروعات.
- تنويع مخاطر عبر بيع المنتجات الثانوية، والتصدير لأوروبا، والبيع محليًا.
- سلاسل الإمداد والمهارات:
- تنمية المهارات، وإعادة تأهيل العاملين في الوقود الأحفوري.
- التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف لتعزيز القدرات.
بالإضافة إلى ذلك، يشدد التقرير على أهمية إشراك المجتمعات المحلية، ليس فقط لضمان الاستقرار، بل لتحقيق التنمية الشاملة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..