انطلقت الدولة في تنفيذ مشروع وطني طموح يستهدف إعادة إحياء نشاط تربية البتلو، كأحد المفاتيح الاستراتيجية لسد الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك المتزايد للحوم الحمراء، ويعد هذا المشروع تجسيدا فعليا لفكر الدولة الحديثة، التي لم تعد تعتمد فقط على الاستيراد لتوفير الغذاء، بل باتت تستثمر في إمكاناتها الذاتية، وتراهن على قدرات المزارعين والمربين في القرى المصرية لتعزيز الأمن الغذائي وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
ومنذ إطلاق المشروع القومي لإحياء للبتلو عام 2017، تحول إلى ركيزة محورية ضمن منظومة دعم الثروة الحيوانية، لا تستهدف فقط خفض الاعتماد على اللحوم المستوردة، بل تتجاوز ذلك لتوفير لحوم بأسعار عادلة للمستهلك، مع ضمان عائد مجزي للمنتج، وخلق بيئة إنتاجية متكاملة تشجع الفئات المهمشة من صغار المربين والسيدات والشباب في الريف على الدخول إلى السوق من بوابة مشروعات مدعومة ومستقرة.
تمويلات غير مسبوقة: 9 مليارات و289 مليون جنيه

خلال سنوات قليلة، حقق المشروع القومي للبتلو توسعا استثنائيا في نطاقه وحجمه، حيث تجاوز إجمالي التمويلات التي تم ضخها حتى الآن 9 مليارات و289 مليون جنيه، موجهة إلى أكثر من 44 ألف و400 مستفيد من صغار المربين.
كما ساهم هذا التدفق المالي في تربية وتسمين أكثر من 514 ألف رأس ماشية، تنوعت بين عجول معدة لإنتاج اللحوم وعجلات ذات إنتاجية مرتفعة من الألبان.
هذا التوسع الكمي لم يكن مجرد أرقام، بل انعكس بشكل مباشر على حجم المعروض من اللحوم والألبان في السوق المحلي، وساهم في تحجيم الضغوط السعرية الناتجة عن محدودية المعروض وارتفاع تكاليف الاستيراد.
الإنتاج تخطى حاجز الـ600 ألف طن في عام
بفضل تراكم الجهود المتواصلة ضمن هذا المشروع، سجل إنتاج مصر من اللحوم الحمراء قفزة لافتة، حيث تخطى حاجز الـ600 ألف طن في عام واحد فقط، مقارنة بـ555 ألف طن في العام السابق.
هذا النمو لم يكن عابرا، بل هو نتيجة حتمية لتوفير بيئة إنتاجية جاذبة، وتمويلات ميسرة، وبرامج متابعة وإشراف مستمرة، الأمر الذي حول فكرة تربية البتلو من نشاط محدود إلى منظومة تنموية متكاملة مدعومة بإرادة سياسية واضحة.
المشروع القومي للبتلو.. بوابة مشاركة الريف في الاقتصاد
واحدة من الركائز الأساسية لنجاح المشروع تكمن في اعتماد آلية تمويلية ميسرة تستهدف بالأساس صغار المربين، بفائدة منخفضة تبلغ 5% فقط، ما أتاح فتح المجال أمام شرائح واسعة من سكان القرى والمراكز الريفية، ولا سيما في المناطق الأشد احتياجا ضمن مبادرة "حياة كريمة"، للدخول في منظومة إنتاجية مربحة ومستقرة.
وبلغت قيمة التمويل التراكمي للمشروع حتى الآن نحو 9.715 مليار جنيه، توزعت على ما يزيد عن 44 ألفا و900 مستفيد، لتمويل تربية وتسمين أكثر من 520 ألف رأس ماشية. هذه الأرقام تعكس ليس فقط توسع المشروع جغرافيا، بل أيضا ثقة المربين في جديته ومردوده الاقتصادي.

100 % نسبة استرداد القروض
لم يكن توفير التمويل كافيا لضمان النجاح، بل حرصت الجهات القائمة على المشروع على تطوير منظومة متابعة دقيقة ومستمرة، تضمن التزام المستفيدين بالضوابط الفنية والبيطرية، وتوفر الدعم الفني اللازم خلال دورات الإنتاج المختلفة.
ونتيجة لهذا النهج المنضبط، بلغت نسب استرداد القروض 100%، وهو ما يعد إنجازًا يعكس وعي المربين وجدية التنفيذ، ويمنح المشروع مصداقية مالية واقتصادية عالية.
تأثير اقتصادي قوي للمشروع: فرص عمل وتحسين للمعيشة
على الصعيد الاجتماعي، ترك المشروع أثرا ملموسا في عدد من المحاور الحيوية داخل الريف المصري، حيث ساهم في توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وتحسين مستويات الدخل لدى فئات كانت تفتقر إلى أدوات إنتاج حقيقية.
كما أعاد المشروع القومي للبتلو الثقة لدى الكثير من شباب وصغار المزارعين في أهمية الاستثمار في النشاط الحيواني، باعتباره مصدرا مستداما للدخل يحقق عائدًا ثابتًا ويعزز الاستقرار الأسري.

وفي ظل هذا النجاح المتراكم، تبقى الآفاق مفتوحة أمام توسيع نطاق المشروع، وضم المزيد من الفئات القادرة على الإنتاج، خصوصا أن الدولة تواصل تقديم كافة التسهيلات والدعم الفني والمالي المطلوبين لإنجاح التجربة.
المشروع القومي لإحياء البتلو لم يعد مجرد برنامج حكومي لدعم الثروة الحيوانية، بل أصبح نموذجا تنمويا متكاملا يجمع بين الاقتصاد والإنتاج والعدالة الاجتماعية، ونجح في تحويل تربية الماشية من نشاط فردي محدود إلى منظومة وطنية شاملة تسهم في تحقيق الأمن الغذائي، وتدفع بعجلة التنمية في عمق الريف المصري.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.