في خطوة تؤكد التزام الدولة المصرية بترسيخ أهم مبادئ الديمقراطية تستعد الدولة لإجراء انتخابات مجلس الشيوخ لعام 2025 في موعدها الدستوري، رغم التحديات الإقليمية والدولية الراهنة، وفق ضوابط محددة أصدرتها الهيئة الوطنية للانتخابات لضمان النزاهة وتكافؤ الفرص بين المرشحين لعضوية مجلس الشيوخ.
وفى ظل مشهد إقليمي وعالمي يتسم بالاضطراب والتحولات المتسارعة، من توترات جيوسياسية وضغوط اقتصادية، يعكس ثقة القيادة السياسية في صلابة الجبهة الداخلية، وقدرة الدولة على الوفاء باستحقاقاتها الدستورية والقانونية، مهما كانت الظروف المحيطة، تأتى هذه الخطوة لتعزز من صورة مصر كدولة مستقرة وذات مؤسسات راسخة.
وفى هذا السياق، التقت "البوابة" مع الدكتور عبدالله المغازي أستاذ القانون الدستوري، ومعاون رئيس مجلس الوزراء الأسبق، فإلى نص الحوار.
• ما الفرق بين مجلس الشيوخ الحالي والمجالس السابقة؟ وكيف يساهم في العملية التشريعية؟
الدكتور عبدالله المغازي: مجلس الشيوخ هو الوريث الشرعي لمجلس الشورى المنحل منذ عام 2010 والذي تم إعادته لمدة سنة خلال مدة حكم الإخوان ثم انحل مرة أخرى وتم الاكتفاء بمجلس النواب كمجلس تشريعي إلى أن تم استحداث مجلس الشيوخ في التعديلات الدستورية التي تمت عام 2019 لتصبح لدينا غرفة ثانية للبرلمان تسمى بمجلس الشيوخ.
وعن الفرق بين المجلس السابق والحالي لا يوجد أي فرق جوهري فكلاهما مجلس استشاري تحددت صلاحياته طبقًا للدستور المصري، ويختلف عن مجلس النواب في المواد الأساسية من المادة 248 إلى المادة254 وتسرى هذه المواد الأساسية من الدستور المصري في شأن مجلس الشيوخ مثل المواد التي تسري على مجلس النواب من أول المادة 103 لحد المادة 137.
تعزيز الديمقراطية
• هل تعتقد أن يلعب مجلس الشيوخ دورًا في تعزيز الديمقراطية في مصر؟
بالطبع يعمل مجلس الشيوخ على تعزيز الديمقراطية في مصر حيث يتكون من عناصر ذات خبرات لا يستهان بها سواء كانت اجتماعية أو قانونية أو ثقافية، فعندما تكون الخبرات حقيقية يصبح لدينا عقول مستنيرة تتفهم مدى قيمة الرأي والرأي الأخر، وندرك أنه عندما نتحدث في المؤسسات الكبيرة نتحدث بآراء متجردة من النواحي النفسية وتكون الآراء للمصلحة العامة ولصالح المجتمع حيث أن الخلطة السحرية التي يتكون منها مجلس الشيوخ تعزز فعلًا الديمقراطية بالمجتمع.
• ماذا عن دور المجلس في ظل التعديلات الدستورية الأخيرة؟
دور مجلس الشيوخ محدد طبقًا للدستور المصري، وتنص المادة 248 منه على أن يختص مجلس الشيوخ بدراسة واقتراح ما يراه كفيلًا بترسيخ دعائم الديمقراطية والسلم المجتمعي والمقومات الأساسية للمجتمع والقيم العليا والحوق والحريات
وطبقا للمادة 249 يؤخذ رأي مجلس الشيوخ في تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، وكذلك مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ومشروعات القوانين المكملة للدستور التي يعرضها عليه رئيس الجمهورية أو مجلس النواب.
مجلس شكلي؟
• ما رأيك فيما يقال أنه مجلس شكلي؟
من الناحية الدستورية، نعم يعتبر شكليًا، حيث تحددت صلاحيات المجلس في تقديم الآراء والاقتراحات الخاصة بتعديل القوانين لمجلس النواب أو رئيس الجمهورية، ولكنها غير إلزامية أو إجبارية للعمل بها، كما ينص الدستور على ضرورة الرجوع لمجلس الشيوخ قبل أي تشريع قانوني احترامًا لنص الدستور والقانون.
بالإضافة إلى أن الرأي الاستشاري له أهمية عظيمة، إذا تم العمل به نظرًا لمن يقدمه من قامات ذات خبرات كبيرة، حيث يشكل مجلس الشيوخ من 300 شخص منهم 100 يعينهم رئيس الجمهورية إعمالًا لنص الدستور بتعيين رئيس الجمهورية ثلث المجلس، ويتم اختيارهم من أفضل العناصر لمراعاة التوازن والتنوع والخبرات التي من الممكن ألا تتوفر في بعض المرشحين بالانتخابات عبر 100 بالقوائم و100 بالانتخاب الفردي.
• كيف يمكن وصف المنافسة في الانتخابات الحالية مقارنةً بالانتخابات السابقة؟
بالتأكيد المنافسة بالانتخابات الحالية غير عادلة وكنت آمل أن تكون لدينا منافسة قوية وقوائم متعددة بانتخابات مجلس الشيوخ، ولكن أشفق على هذه الانتخابات وعلى المرشحين بنسبة كبيرة جدًا نظرًا لأنه سبقها العديد من التحديات والظروف الاجتماعية، وقانون عاصف أثار غضب الغالبية العظمى من المجتمع، ولم تنته هذه العاصفة حتى الآن لأن الناس كانوا ولازالوا آملين في رئيس الجمهورية ألا يوقع على هذا القانون الذى خلق حالة من الدعوة للعزوف عن المشاركة في الانتخابات، وانتشار حملات المقاطعة بشكل ملحوظ.
بالإضافة إلى أنه لا يوجد في المشهد الانتخابي سوى قائمة واحدة نجاحها شبه محسوم، نظرًا لأنه لا توجد قوائم أخرى منافسة، وإن كان لديهم معضلة دستورية وقانونية وهى أن لا يقل عدد ناخبيهم عن 5% من إجمالي الناخبين المقيدين في جداول الانتخابات، وهذه نسبة لا تقل عن 3 إلى 4 مليون ناخب، فهل سينزل هذا العدد من الناخبين؟ ولذلك، تظل عاصفة الإيجار القديم تمثل تحديًا للأحزاب السياسية والمرشحين، ولكن نأمل أن يستطيعوا إقناع قطاع كبير من الناخبين وإن كنت آمل أن يكون لدينا منافسة قوية.
عدم الاستسلام
• في رأيك ماهي الديناميكية الحزبية التي تشكل المشهد الانتخابي الحالي؟
لا شك أن المشهد السياسي المصري غني بالتعددية الحزبية والتي تخطى عددها الـ100 حزب ولذلك على الأحزاب السياسية غير المنضمة للقائمة الوطنية، ألا تستسلم لواقع القائمة الواحدة، وأن تلجأ لتشكيل قوائم أخرى منافسة قادرة على استقطاب الرأي العام في ظل الظروف المحيطة وغضب الشارع المصري من بعض المرشحين من المجلس السابق لتمرير قانون الإيجار القديم، وهناك ما يسمى بالتصويت العقابي في جميع الأنظمة السياسية حيث يمكن استغلال ذلك، وتقديم العديد من الاقتراحات التي تطمئن الشارع المصري وتستقطب العديد من الأصوات وخلق منافسة قوية.
بالإضافة إلى أن انتخابات مجلس الشيوخ الحالية ستكون مؤشرًا قويًا لانتخابات مجلس النواب القادمة، وأعتقد أن نسبة الناخبين الذين سيشاركون بالتصويت لن تتخطى 20 أو 25% من إجمالي عدد الناخبين.
• ماهي أبرز القضايا التي تتوقع أن يركز عليها المجلس القادم؟
تتحدد اختصاصات مجلس الشيوخ في تقديم الاقتراحات والآراء فيما يملى عليه من رئيس الجمهورية أو البرلمان ولكن أعتقد أن تكون أولويات المجلس القادم هو تدعيم دعائم الديمقراطية والحديث عن دمج الأحزاب السياسية المتشابهة إيديولوجيًا.
• ماهي رسالتك للناخب المصري للمشاركة في الانتخابات؟
مجلس الشيوخ كان ولازال له أهمية كبير بالرغم من طبعه الاستشاري ولذلك أدعو الناخبين إلى النزول وانتقاء أفضل العناصر، ومن وجهة نظري ما أثق فيه هو العناصر التي يتم اختيارها من قِبل رئيس الجمهورية لأنها تتكون من أفضل العناصر حيث يتم اختيارها بدقة شديدة وتمثل إضافة حقيقية لأداء المجلس.

