في زمنٍ كانت فيه الآلات صماء، ولد الدكتور نبيل علي محمد عبد العزيز في يناير عام 1938 بمحافظة الشرقية في أسرة مصرية أصيلة.
الرجل الذي رأى في الحروف أكثر من مجرد أصوات، فجعل اللغة العربية تنطق داخل الحاسوب وتتحول من رموز على ورق إلى نبض يعج بالحياة، انتقل نبيل إلى القاهرة حيث عاش في أحياء مصر الجديدة حاملا شغفا يزداد مع كل كتاب يقرأه وكل فكرة تلهمه.
درس هندسة الطيران وحصل على البكالوريوس عام 1960 ثم الماجستير عام 1967 والدكتوراه في عام 1971 من جامعة القاهرة.
بدأ مسيرته العملية في القوات الجوية المصرية مهندسا للطيران بين عامي 1960 و1972 لم تكن الميكانيكا وحدها هي التي أسرته بل أسرته فكرة التنظيم، الدقة وتحويل الفوضى إلى نظام حي ثم انتقل ليكود مشروعا غير مسبوق في شركة مصر للطيران، ليصمم أول نظام حجز آلي للصفر في المنطقة العربية، خطوة لم تكن مجرد تطوير إداري بل كانت إعلانا صامتا أن عصر الرقمية قد بدأ يطرق أبوابنا.
وبين القاهرة والعالم تولى الدكتور نبيل علي مناصب قيادية، تركت بصمتها بوضوح من إدارة مشروع صخر الذي فتح للغة العربية أبواب التقنية إلى عمله نائبا لرئيس شركة الإلكترونيات العالمية في اليونان، ومديرا لمشروع المعونة الأمريكية، لإقامة الشبكة العلمية والتكنولوجية، ثم مستشارا لشركة نعم بالقاهرة لكن الإنجاز الأهم كان في أنسانة الحاسوب، أن يفهم الحاسب العربية قرآنا وشعرا ونحوا، فصمم أول محرك بحث صرفي للغة العربية، وأول قاعدة بيانات معجمية، وأول برنامج إلكتروني للقرآن الكريم، وأول قاعدة معارف للشعر العربي، ولم يتوقف هنا بل اتقن برامج تعليمية وثقافية، غيرت مفهوم تعلم العربية بالحاسوب، إنه أول من أسس لفكرة الذكاء الاصطناعي بالعربية.
" title="YouTube video player" frameborder="0">
ووضع مدققا لغويا سبق زمنه، مشروع طمس لفترة بفعل قيود تجارية ثم عاد ليبعث من جديد في مبادرات حديثة تكمل حلمه، ومثلما صنع جسورا بين الإنسان والآلة، صنع جسورا بين الأجيال، فأشرف على رسائل علمية في اللسانيات الحاسوبية، ودرس في جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية والجامعة الأمريكية بالقاهرة وألقى محاضرات في جامعة كاليفورنيا عام 1986.
لم تكن كتبه مجرد أوراق مطبوعة بل كانت رؤى تستشرف المستقبل فألف كتب" العرب وعصر المعلومات - الثقافة العربية وعصر المعلومات- الفجوة الرقمية - العقل العربي ومجتمع المعرفة - كتب صارت مراجعة تقرأ لتفهم وتفهم لتطبق حصل على جوائز عديدة كانت شهادة تقدير من عصره جائزة أفضل كتاب في الدراسات المستقبلية عام 1994، جائزة أفضل كتاب ثقافي عام 2003، جائزة الإبداع في تقنية المعلومات عام 2007، وجائزة الملك فيصل العالمية في المعالجة الحاسوبية للغة العربية عام 2012 وفي 26 يناير عام 2016.
رحل الدكتور نبيل علي عن عالمنا تاركا إرثا معرفيا ضخما، ودعنا جسدا لكنه بقي روحا في كل رسالة عربية تكتب على شاشة إلكترونية وفي عام 2020.
احتف به محرك البحث الشهير جوجل وضعا صورته على شعاره اعترافا عالميا بعطاء رجل جعل من اللغة العربية روحا في قلب البرمجيات، رحلة جمعت بين الهندسة والعبقرية والإبداع وإنكار الزاد حيث كان معروفا عنه عدم حبه للظهور الإعلامي إخلاصا فيما يقدمه للعلم والمجتمع، هكذا عاش الدكتور نبيل علي وهكذا بقي أثره ضوءا في تاريخ مصر وجسرا بين العربية وعصر التقنية.