تعد شهادات الإدخار أحد أبرز الأدوات المالية التي تقدمها البنوك للأفراد الراغبين في استثمار أموالهم بطريقة آمنة ومضمونة، حيث تتميز هذه الشهادات بتقديم عائد مالي ثابت أو متغير لفترة زمنية محددة، مما يجعلها خيارا مثاليا للأشخاص الذين يبحثون عن استقرار مالي مع الحد الأدنى من المخاطر.
ورغم اتجاه البنك المركزي المصري إلى خفض أسعار الفائدة لمرتين متتاليتين منذ أبريل الماضي، ثم تثبيتها في اجتماعه الأخير يوم الخميس، إلا أن سلوك المواطنين الادخاري خالف التوقعات، وذهب في اتجاه أكثر رسوخا نحو شهادات الاستثمار، كخيار أول لضمان قيمة الأموال في ظل ظروف اقتصادية غير مستقرة.
227 مليار جنيه خلال 60 يوما من شراء شهادات الإدخار
كشفت البيانات الرسمية، أن المصريين ضخوا نحو 227 مليار جنيه في شهادات الادخار خلال شهرين فقط، ليرتفع إجمالي ما يحتفظون به في هذه الأدوات إلى 6.1 تريليون جنيه بنهاية مايو 2025، مقارنة بـ 5.9 تريليون جنيه في مارس.

هذه القفزة، التي تحققت في فترة قصيرة، تؤكد أن قرار خفض الفائدة لم ينجح حتى الآن في تغيير النمط السائد لسلوك المدخر المصري، بل قد يكون زاد من إصراره على تثبيت مدخراته في أدوات تضمن له الحد الأدنى من العائد الآمن.
عوائد شهادات الادخار في مواجهة التضخم
أحد أبرز أسباب استمرار هذا الزخم في الإقبال على الشهادات، هو أن العائد الفعلي – بعد خصم أثر التضخم – ما زال موجبا، إذ إن تراجع معدلات التضخم خلال الفترة الماضية عزز من الفائدة الحقيقية، التي تجاوزت 4%، ما يعني أن المدخر لا يفقد من قوته الشرائية، بل يحافظ عليها أو يزيدها، حتى مع تراجع الفائدة الاسمية.
في المقابل، يعاني السوق المصري من ضعف الخيارات الاستثمارية الآمنة، حيث لا يزال القلق من تقلبات أسعار العقارات وأسواق المال يسيطر على تفكير المواطنين، وهو ما جعل الشهادات، رغم تراجع عوائدها نسبيا، تظل الحل الأكثر أمانا وربما الأقل مخاطرة في نظر شريحة واسعة من المجتمع، خاصة مع بقاء أسعار السلع في بعض القطاعات عند مستويات مرتفعة، وصعوبة المضاربة لتحقيق مكاسب سريعة.

قرارات السياسة النقدية في 2025
وكان البنك المركزي المصري قد قرر خفض الفائدة بإجمالي 3.25 نقطة مئوية خلال الفترة من أبريل إلى يوليو 2025، لتستقر عند 24% على الإيداع و25% على الإقراض.
هذا التراجع دفع أكبر بنكين في مصر – الأهلي المصري وبنك مصر – إلى التوقف عن طرح الشهادات ذات العائد القياسي البالغ 27%، وهو ما مثل تحولا مهما في السوق المصرفي، لكنه لم ينجح بعد في كبح التوسع في الإقبال على أدوات الادخار التقليدية.
تراجع التضخم وظهور بدائل استثمارية

في المحصلة، تعكس هذه المؤشرات حالة من الحذر الشديد لدى المواطنين، وميلا واضحا لتأمين المدخرات في أوعية محدودة المخاطر، حتى وإن تراجعت جاذبيتها جزئيًا من حيث العائد.
ويظل استمرار التراجع في التضخم، وظهور بدائل استثمارية ذات موثوقية أعلى، هما العاملان الحاسمان في تغيير هذا التوجه مستقبلًا، أو على الأقل الحدّ من وتيرته الحالية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.