تلقّت صناعة الهيدروجين في تركيا منحة أوروبية، تستهدف المساعدة الفنية في تسريع عمليات إنتاج الوقود الأخضر النظيف، وتحقيق اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون، في وقت تتعرض فيه أنقرة لمنافسة شرسة بهذا القطاع من المغرب ومصر.
وتبلغ قيمة المنحة 3 ملايين يورو (3.5 مليون دولار أميركي)، من خلال آلية الاتحاد الأوروبي للمساعدة قبل الانضمام لعضوية التكتل "آي بي إيه"، ويُنفَّذ التمويل بشراكة مع بوتاش (شركة أنابيب النفط المملوكة للدولة)، وفق تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
يأتي تعاون أوروبا مع تركيا في إطار جهود الاتحاد الأوسع نطاقًا لتعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ، وأمن الطاقة، وإزالة الكربون الصناعي بين الدول المرشحة للانضمام، خاصة تلك التي تقع في موقع إستراتيجي على مفترق طرق الطاقة بين أوروبا وآسيا.
وتقدمت تركيا بطلب للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي عام 1987، ثم توقفت المفاوضات بهذا الشأن منذ عام 2016، بسبب رفض دول التكتل، زاعمةً أن ملف حقوق الإنسان في أنقرة ما يزال يحتاج إلى إصلاح.
كان وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي السابق فاتح دونماز قد أعلن إستراتيجية الهيدروجين في تركيا عام 2023، والتي تضع خريطة طريق للصناعة وخفض أسعار هذا الوقود.
وتخطط أنقرة لإنتاج الهيدروجين عند سعر 2.40 دولارًا لكل كيلوغرام، بحلول عام 2035، وخفض هذا الرقم إلى النصف بحلول عام 2050.
منحة الهيدروجين في تركيا تعمل على تقييم البنية التحتية
تموّل منحة أوروبية صناعة الهيدروجين في تركيا بمنحة، تُمثّل ركيزتها الأساسية إجراء تقييم فني شامل للبنية التحتية الحالية لشركة بوتاش -خاصة خطوط الأنابيب، وشبكات التخزين، والنقل- لتحديد مدى جاهزيتها لدمج الهيدروجين.
وتُعدّ تركيا دولة عبور رئيسة للغاز الطبيعي المتدفق من آسيا الوسطى والشرق الأوسط إلى أوروبا، لكن استغلال شبكة الغاز في نقل الهيدروجين سيتطلب تحديثات كبيرة.
وما تزال عملية نقل الهيدروجين بخطوط أنابيب الغاز الطبيعي في طور التجارب، ويراها بعضهم بمثابة تحدٍّ كبير يواجه الصناعة.

ويمثّل الهيدروجين في شكله الأخضر المُنتَج بالتحليل الكهربائي باستعمال الكهرباء المتجددة، تحديات واضحة للبنية التحتية المُصممة أصلًا للغاز الطبيعي، إذ يجب تقييم مواد خطوط الأنابيب، وتوافق الضاغطات، ومخاطر هشاشة الهيدروجين بدقّة، قبل أن يصبح نشر استعمال الشبكة واسع النطاق ممكنًا.
وتهدف الدراسة المدعومة من الاتحاد الأوروبي إلى تزويد شركة بوتاش التركية بخريطة طريق تقنية للتعامل مع هذه التعديلات.
ولا تقتصر تجارب استعمال شبكة أنابيب الغاز الطبيعي في نقل الهيدروجين على مكان أو منطقة واحدة، إذ اتفقت شركة غاسوني الهولندية (Gasunie) -وهي مشغّل شبكة الغاز المملوكة للدولة مع شركة بتروغاز (Petrogas)- على دراسة إمكان استعمال شبكة أنابيب الغاز الطبيعي في نقل الهيدروجين، خلال مارس/آذار الماضي.
ويستهدف نقل إنتاج مشروع الهيدروجين الأخضر في بحر الشمال قبالة سواحل هولندا، الذي تطوّره وزارة سياسة المناخ والنمو الأخضر، في إطار تنفيذ إستراتيجية رفع قدرات إنتاج الهيدروجين الأخضر في هولندا إلى 4 غيغاواط على الأقل بحلول عام 2030، بحسب تحديثات قطاع الهيدروجين العالمي لدى منصة الطاقة المتخصصة.
موقع جغرافي متميز
يتميز موقع تركيا الجغرافي بالقدرة على تقديم ميزات إستراتيجية لربط الدول الغنية بمصادر الطاقة المتجددة مثل شمال أفريقيا ودول القوقاز بأسواق الهيدروجين الأوروبية.
غير أن عدم وجود إطار وطني لصناعة الهيدروجين في تركيا يتواءم مع المعايير الأوروبية، ما يعني أن الدولة تخاطر بخسارة هذه الميزة لصالح منافسيها في المنطقة، مثل: مصر والمغرب وأوكرانيا، التي اعتمدت إستراتيجيات وخرائط طريق للهيدروجين، يدعمها الاتحاد الأوروبي.
لذلك تُسهم المنحة الأوروبية في إعداد رؤية وطنية منسّقة لإنتاج الهيدروجين في تركيا ونقله واستعماله النهائي، حيث تُخطط مواقع الإنتاج، وربط البنية التحتية، وإستراتيجيات تسلّم الصناعات لهذا الوقود، مع التركيز على قطاعات يصعب السيطرة على انبعاثاتها مثل الصلب.
كما يتمثل المحور الثالث للمنحة في بناء قدرات ومهارات أصحاب المصلحة، مثل: المؤسسات العامة، وشركات الطاقة، ومراكز الأبحاث، ومنظمات المجتمع المدني.
وما تزال صناعة الهيدروجين في مراحلها الأولى عالميًا، لذلك تتّسم بنقص المهارات التي تشكّل عائقًا أمام تنفيذ المشروعات، لذلك يسعى المشروع الممول من المنحة الأوروبية إلى سدّ هذه الفجوة، من خلال تعزيز منظومة هيدروجين محلية قادرة على دعم التخطيط، وإصدار الشهادات، والامتثال لمعايير السلامة.
وصناعة الهيدروجين في تركيا تمثّل ضرورة لأمن الطاقة في دولة تعتمد على توفير احتياجاتها من الطاقة على واردات الوقود الأحفوري، خاصة الغاز الطبيعي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: