أخبار عاجلة
موعد إطلاق تحديث iOS 26 من آبل ومميزاته الجديدة -
البابا تواضروس يستقبل كاهننا بالأردن -
إسرائيل تشن هجوما على هدف في جنوب لبنان -

الثقافة والوعي قبل كل شيء.. «البوابة» تكشف المسكوت عنه في ملف الريادة الثقافية

الثقافة والوعي قبل كل شيء.. «البوابة» تكشف المسكوت عنه في ملف الريادة الثقافية
الثقافة والوعي قبل كل شيء.. «البوابة» تكشف المسكوت عنه في ملف الريادة الثقافية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الثقافة هي أحد أهم الركائز الأساسية والمكون الرئيس الداعم لبناء المجتمعات، ووزارة الثقافة المصرية وما تضمه من هيئات وقطاعات هي المؤسسة الحكومية المنوطة بوضع الاستراتيجيات والسياسات والبرامج والخطط والعمل على تنفيذها، وأيضًا هي المسؤولة عن وضع الرؤى الشاملة والتشبيك مع الوزارات الأخرى من خلال المجلس الأعلى للثقافة وأعضائه، لتنفيذ خطة الدولة المصرية للنهوض بالثقافة المصرية وبناء الإنسان المصري لاسيما بعدما توغلت الأفكار الظلامية للحد من الانفتاح على الآخر، وأصبحت الهوية المصرية في مواجهة تلك الأفكار المتطرفة، ولهذا كان ولابد أن تضطلع وزارة الثقافة بمسئولياتها عن تنفيذ الاستراتيجية الثقافية وعودة مصر مرة أخرى فى الريادة العالمية في شتى المجالات.
ونظرًا لأهمية وخطورة الوضع الثقافي في مصر وفى إطار وضع خطط واستراتيجيات هدفها التكامل بين كل قطاعات الدولة المصرية والتى من شأنها تحقيق أكبر قدر ممكن من التقدم فى مجال الثقافة وصورة مصر وريادتها على المستوى العالمي، تحدثت "البوابة" مع نخبة من الأدباء والمفكرين وأساتذة الجامعة حول الوضع الثقافي الراهن والطموحات التى نتطلع إليها من أجل تحقيق التنمية المستدامة وعودة الريادة المصرية، والذين أكدوا بلا أى شك على أن مصر رائدة فى شتى علوم الحياة وهو الإرث الحضاري الذى لا تستطيع أي دولة أخرى سحب البساط من تحت قدميها.


 

334.jpg

 

ناصر عراق: مصر رائدة العمل الثقافي في المنطقة العربية ولابد من تكاملية الرؤية لدى المسئول الثقافي

335.jpg
الأديب ناصر عراق

عن ريادة مصر الثقافية والأداء المؤسسي الذى تشهده الساحة المصرية الثقافية، أكد الكاتب والروائي ناصر عراق على ريادة مصر الثقافية ودورها الحضاري وسط شعوب العالم قائلًا: "فى البداية لا بد من الإشارة إلى أن أى أمة تريد النهوض أن تعي جيدًا أن لديها جناحين وهما جناح التعليم، والآخر الثقافة، بمعناها الشامل، وكى نستطيع أن نواصل تقدمنا وتطورنا ونشارك فى ركب الحضارة، علينا أن نتعامل مع التعليم بشكل آخر من حيث توحيد التعليم لاسيما فى الفترات الأولى وحتى التعليم الإعدادي، بمعنى أدق أن يخضع كل أبناء مصر لنوع واحد من التعليم حتى يخرج لدينا أجيال لديهم سمات واحدة ونسيج فكرى ومعنوي موحد، ذلك أن هذا التنوع فى التعليم من تعليم أجنبي أو بريطاني أو غيره يحد من هذا النسيج الوطني الواحد، وهذه هى نقطة حاسمة قبل البد فى المشروع الثقافي"، لافتًا إلى أن هذا الرأي ليس رأيه فقط وإنما هو ما ذكره زكى نجيب محمود وطه حسين منذ عشرات السنوات، وهى الرؤية التي تتضمن توحيد النسيج الوطني. أما عن الثقافة المصرية فأكد على أن مصر ستظل بحكم عوامل تاريخية وبشرية وجغرافية هي رائدة الأمة العربية ثقافيًّا وإبداعيًّا، وبحكم الكثافة السكانية أيضًا، فمصر لديها أكثر من١٠٩ ملايين نسمة، وهذا الرقم المهول لديه القدرة على إفراز عدد من المبدعين، وبالتالي ستظل مصر في الريادة، ولكى نحافظ على المكانة المرموقة التي تبوأناها من زمن، ولكى نحافظ على تلك المكانة علينا أن نطور عملنا الثقافي، من خلال المؤسسات الثقافية وبالاشتراك مع المؤسسات التعليمية، والسياحة والآثار وغيرها وأن نخرج بمشروع قومي موحد لتطوير العمل الثقافي.

التعليم والثقافة جناحا نهضة الأمم ويجب توحيد التعليم حتى المرحلة الإعدادية


وهنا لفت "عراق" إلى ضرورة العمل المشترك بين كل الجهات المعنية لتدشين مشروع ثقافى موحد هدفه الدولة المصرية بالأساس وتحقيق الريادة مؤكدًا على ضرورة تضافر كافة الجهود الرامية لتعزيز والنهوض بالعمل الثقافي، من خلال برامج ثقافية تكاملية، قائلًا: "إن عملية النهوض لا بد وأن تشمل جميع الفئات الإبداعية، فلا معنى لوجود مسرح متطور فى ظل تراجع السينما، أو النهوض بالرواية فى ظل تدنى الشعر، وهنا يجب أن يكون هناك توحيد وخطة عامة تشارك فيها جميع الجهات وجميع المسئولين يكون هدفها النهوض بالعمل الثقافي بمعناه الشامل، وذلك من خلال خطوات كثيرة ومنها – على سبيل المثال- برامج ثقافية واستعادة المسرح بالمدارس واستعادة الأنشطة الطلابية، وأن نُعيد البهاء لتلك الأنشطة، ولكى نقوم بذلك لا بد وأن نسعى وننادى بضرورة توحيد التعليم لاسيما فى المرحلة الأولى والتى تهدف لبناء الإنسان من خلال مكون تعليمي موحد ليتلقى كل أبناء مصر من الأجيال الجديدة نظامًا يهدف إلى خروج نسيج فكرى ومعنوي موحد، كما يجب الإنفاق بسخاء على الثقافة، وتخصيص جوائز سخية فى جميع ربوع مصر، كما يجب الاهتمام بالفعاليات الثقافية من مسابقات فى المسرح والسينما والأدب والفنون، ولكى تتحقق تلك الرؤية لابد وأن يكون الفاعلون الثقافيون والقائمون على المؤسسات الثقافية لديهم من الرؤى التكاملية، وأن يكون اختيارهم ووضعهم فى مناصبهم وفقًا لخبراتهم وقدراتهم على إدارة العمل الثقافي، ويكون ذلك الاختيار وفقًا لأسس ومعايير الكفاءة فى المقام الأول وليس فقط التدرج الوظيفي، فالعمل الثقافى لا بد أن يكون القائمون عليه من أصحاب الرؤية الشاملة والتكاملية، وأننا فى حاجة ماسة لوجود الكفاءات فى تلك المناصب، وأتمنى من القائمين على العمل الثقافي فى مصر أن يكونوا منتبهين لذلك وأن يكون لديهم الوعى الكبير بأهمية ودور الثقافة والتى يجب أن يصرف عليها بسخاء من خلال تشجيع واكتشاف المواهب وتدشين المسابقات".
يتابع ناصر عراق: "أتنمى أن يعى القائمون على العمل الثقافي فى مصر أن تكون تلك المناصب وفقًا للكفاءة فهو أمر ضروري، وإلا إذا تقلد أحدهم منصبًا وهو فى غير محله فكيف سيقود وكيف سيطور المهام التى توكل إليه، أو يكون لديه القدرة على تطويرها ومد الساحة بأفكار.. كل تلك الأشياء هى بديهيات العمل الثقافي، فالكفاءة هى من تضع الشخص فى مكانه المناسب وأتنمى أن يكون هذا ما يحدث وأنا مع ضرورة وجود أصحاب الكفاءة فى المواقع الرئيسية فى قيادة البلد ثقافيًّا وغير ثقافى أيضًا".
مختتمًا: "هناك توصيتان لابد أن يعيهما القائمون على الأمر حتى تخرج أجيال ذات نسيج وطنى واحد: لا بد من توحيد التعليم خاصةً فى المرحلة المبكرة، وثانيًّا توفير الميزانيات اللائقة بالعمل الثقافى بما فيها السياحة والآثار والأدب والفكر والسينما والفنون التشكيلية والموسيقى والغناء، بمعنى أدق أن تكون هناك وحدة تكاملية فى الرؤى التى يتم وضعها، فمصر أكبر وأهم مما نتوقع.. مصر أعظم من ذلك والمصريون لا بد وأن يعرفوا قيمة بلدهم وأن يروها بعيون الآخر".
 

جليلة القاضي: تراجع الوجود الثقافي المصري على الساحة العالمية باستثناء ما يتعلق بمصر القديمة

336.jpg
الدكتورة جليلة القاضي 


وعن وجود الثقافة المصرية بالخارج أو التمثيل العالمى للثقافة المصرية، والتى قد تتمثل فى وجود بعض الفرق الخاصة بالفنون الشعبية فى بعض المحافل الدولية مثل مهرجان جرش أو غيرها من المهرجانات والتى يقتصر وجودها على المجتمع المحلى أو الدولة التى تعرض فيها، فمن الممكن القول أنها قد تكون تمثيلًا وقتيًّا ينتهى بانتهاء الفاعلية، ولكن لا يوجد امتداد حقيقى للأثر الثقافى المصري، وذلك من خلال تبادل الخبرات، أو حتى التعريف بتلك الثقافة أو هذا النوع من الفنون. 
وفى امتداد هذا الأثر أو انتشار الثقافة المصرية عالميًّا، أوضحت الدكتورة جليلة القاضي الأستاذة فى جامعات مصر وفرنسا أن مصر فى الوقت الراهن لا يوجد لها أى وجود حقيقي يعبر عن الثقافة والهوية المصرية، وأن ما يعرفه الغرب عن مصر هى الحضارة المصرية القديمة فقط.

اضمحلال دور الثقافة نتيجة انهيار التعليم أساسًا وانتشار الفكر المتطرف وغياب أي استراتيجية ثقافية محلية

 

وتساءلت جليلة القاضي عما إذا كان هناك سياسات لوزارة الثقافة المصرية، لنشر الثقافة والتمثيل المصري بالخارج، وترى أن هذا يعود لعوامل عدة قائلة: «أولا تراجع دور الثقافة فى مصر أساسا نتيجة لانهيار التعليم وانتشار الفكر الديني المتخلف ودروشة المجتمع، ثانيًا: غياب الحريات وهذا لا يساعد على الإطلاق على الابداع وترعرع المواهب، ثالثا: غلق بيوت الثقافة فى الأقاليم والتضييق على كل المبادرات الشبابية من روابط الكتاب وغيرها، رابعًا: غياب أى سياسة أو استراتيجية ثقافية محلية، وغياب التنوع وكثرة الممنوعات».
وتابعت «القاضي» أنه فى ظل هذه الأجواء تم محاصرة الابداع داخليًا ففقدت مصر ريادتها فى محيطها العربي، ناهينا عن تدمير التراث بجميع أشكاله، ومنها التراث المادي والفني بهدم المسارح ودور السينما والمقاهي القديمة التى انطلقت منها حركات فنية وأدبية وكذلك أتيليه الإسكندرية وبعض المتاحف، كمتحف الخزف فى الهرم. وترى أن المشهد الداخلى هو مشهد للدمار الشامل للثقافة والإبداع مما أدى إلى الانحسار فى مجالات عدة، منها السينما والمسرح والغناء والأدب، وكانت المدارس والجامعات قديما تفرخ مواهب، لم يعد الأمر كذلك للتضييق وإلغاء الأنشطة الفنية فى المدارس. أما عن الخارج، فتوضح أن «انهيار الثقافة فى الداخل ألغى ريادة مصر، وبالتالى أفقدها رونقها فى الخارج، على سبيل المثال لغياب أى دور أو إشعاع ثقافى لها. انحسار أو غياب تام لأنشطة المركز الثقافى المصرى فى باريس، كانت هناك أنشطة متعددة قبل يناير ٢٠١١، ثم أغلق المركز فترة طويلة ليعاد بعدها افتتاحه جثة ميتة، مجرد مبني لا حياة فيه.
 

فريدة النقاش: من الصعب إزاحة مصر عن الريادة الثقافية ولا يجب أن توضع السياسات بعيدًا عن المثقفين 
 

337.webp
الكاتبة الكبيرة فريدة النقاش 

ويظل السؤال بالرغم من الجهود والبيانات وإطلاق المبادرات الثقافية فى مختلف الأنحاء والرامية بالأساس نحو "بناء الإنسان المصري" ورفع وبناء قدرات وزارة الثقافة وفقًا لأخر خطة عمل قدمتها الوزارة والتي يتم العمل بها منذ عام ٢٠٢٢ وحتى ٢٠٢٦ والتي تستهدف بالأساس أربعة محاور ومنها بناء قدرات الوزارة والشراكة واستثمار الأصول وتوظيف التكنولوجيا المعاصرة، ولنأخذ أول مقطع وهو بناء قدرات الوزارة والتي ذكر فيه "تطوير السياسات ودعم منظومة الحوكمة المؤسسية وإعادة الهيكلة وبناء النظم الإدارية الحديثة، وتأهيل الموارد البشرية وبرامج العمل وتوكيد الجودة، والسؤال هنا كيف سيتم ذلك بمعزل عن المثقفين والمفكرين، إذا كنا بصدد إعادة تشكيل هيكل وزارة الثقافة وفقًا للرؤى الجديدة والتي لا يمكن بأى شكل من الأشكال أن تدار بشكها التقليدي أو بعيدًا عن نوع الخدمة التي تقدمها الوزارة فهي ليست وزارة باحثة عن الربح المالي وإنما بالأساس هدفها بناء الإنسان من خلال تعميق الهوية المصرية، وهل يمكن أن يكون هذا البناء بعيدًا عن العقول المفكرة؟ 
 

خطورة النزعات الشخصية والاختيارات الشخصية فى تقلد بعض المناصب فى المؤسسات الثقافية

وفى هذا السياق أكدت الكاتبة فريدة النقاش على ريادة مصر الثقافية قائلة: "إن مصر بلد كبيرة، ذات حضارة عريقة قوامها عدة حضارات مرت وكل حضارة منها أثرت فيها تأثيرًا عميقًا، وبالتالى أنتجت هذا المزيج الفريد الثقافي المصري، وبطبيعة الحال هناك منافسات بين الثقافة المصرية وغيرها من الدول، وهناك بلاد تريد أن تحتل دور مصر فى الريادة، ولكنها لا تستطيع، فمصر لديها تاريخ عريق ولديها مثقفون كبار من كل الأجيال وفى كل المجالات وبالتالي من الصعب ازاحتها عن موقع الريادة".
 

قضية الديمقراطية 

وعما إذا كانت المؤسسات الثقافية تعانى من الضعف أو بعض الإشكاليات التي قد تؤدى فى بعض الأوقات إلى سوء الوضع الثقافي الراهن أوضحت "النقاش": "إن جذر تلك الإشكالية هى قضية الديمقراطية، وأن هناك نوع من الصعوبات التي تواجه إرساء الديمقراطية فى مصر، وبالتالي هذا الخلل يؤدى إلى ذلك ومنها الدور الذى تؤديه المؤسسات الثقافية".
ولفتت النقاش إلى خطورة التوجهات الشخصية فى تقلد بعض المناصب فى المؤسسات الثقافية لاسيما المتعلقة بشكل كبير بالجهات التى يتطلب منها وضع رؤى أو استراتيجية عمل مؤسسة ما قائلة: "إن المشكلة أن ما يتحكم فى هذه القضايا، هى التوجهات الشخصية للبعض، لأن مصر لم تستطع بعد ان ترسى تقاليد العمل المؤسسى وبالتالى هذا الفراغ ترك مجالًا كبيرًا للنزعات الشخصية والاختيارات الشخصية، وهنا نعود مرة أخرى لنقاط القصور والناتجة عن التعسر فى البناء الديمقراطى ولو أن هناك بناء ديمقراطى سلس ومتصل متواصل يمكن أن نجد حلولًا لكافة المشكلات الصغيرة منها والكبيرة".
وأكدت "النقاش" أنه لا توجد قضايا معلقة فى الفراغ فكل القضايا مرتبطة ببعضها البعض وبمستوى التطور الديمقراطى فى البلاد، وبالتأكيد فإن الأجيال الجديدة ليست فى حاجة إلى أن يرشدها أحد للبحث فهى نفسها تريد أن تتحقق وتكون لديها بصمتها فى الحياة الثقافية وبالتالى من الخطأ أن يتم التعامل مع تلك الأجيال بمنطق الإرشاد أو التوجيه، وأن الأهم هو أن يستمع المسؤولون إلى صوت المثقفين وألا يقررون شيئًا بخصوص الثقافة بعيدًا عن المثقفين وألا يكونون فى جرز منعزلة".
 

إبراهيم داود: الثقافة المصرية رأس مال الوطن ومصر بلد الريادة غنية بالمواهب المنتجة للمعرفة 
 

338.jpg
الكاتب إبراهيم داود 


عن ريادة مصر الثقافية وأهم الإشكاليات التي تواجه المثقف المصري تحدث الكاتب والشاعر الكبير إبراهيم داود قائلًا: "إن مصر بلد الريادة لأنها بلد غني بالمواهب فى جميع فنون المعرقة، ولدينا الآن نحو خمسة أجيال تقوم بإنتاج المعرقة في الأدب والسينما والدراما والمسرح وفى النقد، فالثقافة المصرية كبيرة وهى رأس مال هذا الوطن، وأحيانًا تحدث انتكاسات ليست خاصة بالمثقف نفسه وإنما تخص الإدارة الثقافية، وأحيانًا تحدث انتكاسات خاصة بالمحيط، أو الموظفين الذين يديرون جزءًا من الثقافة".
وتابع "داوود" قائلًا: "فى الحقيقة إن فكرة الثقافة لا تشغل الحكومة أو الدولة فى حين أن هذه الثقافة هى من حمت مصر من التطرف والإرهاب، ومن المفترض أن تقوم الدولة باستثمار الثقافة لصالح السلام الاجتماعي ولصالح المجتمع ولصالح إبراز الجانب الإبداعي للموهوبين، فنحن شعب مبدع بطبعه، وأن فكرة إظهار نجوم جدد يرتبط بهم الشباب الصغير مثل الالتفاف حول أحد الشعراء أو أحد صناع السينما أو روائي، وأن صناعة مثل هذه النماذج هى مسؤولية الدولة ووسائل إعلامها". 
لافتًا إلى أن وظيفه الدولة هى تهذيب المجتمع، وإشاعة المناخ الإبداعي والسؤال هنا هل تقوم الدولة بهذا الدور أم لا؟ هناك بعض الاجتهادات ولكنها ليست على المستوى المطلوب.
هل هناك رؤية أو استراتيجية لعمل وزارة الثقافة؟ 
وعن هذا التساؤل حول الرؤية أو الاستراتيجية التى تعمل بها وزارة الثقافة أوضح داود قائلًا: "طوال الوقت هناك رؤى واستراتيجية، والحقيقة أنها ليست المشكلة، بل المشكلة الحقيقة هو الدور الحقيقى فيما يحدث على الساحة الثقافية مثل إغلاق المسارح أو التخلى عنها، وعدم الدفاع عن حرية الإبداع وتعنت الموظفين وإفسادهم للواقع، بينما المسؤول الثقافى يجب أن يكون على دراية كافية بطبيعة الثقافة ويجب أن يكون مؤهلًا بشكل كبير حتى يستطيع قيادة العمل الثقافي، وهناك قلة قليلة من يعرفون طبيعة العمل الثقافي، وللأسف ظللنا سنين طويلة نعانى من وجود وزراء ثقافة يتلقون الأوامر وليس فاعلين ثقافيين، وهذا ضد طبيعة العمل الثقافى القائمة على الأفكار والقدرة على خوض معارك الدولة".
مشددًا على ضرورة عدم نسيان دور المثقفين وخوضهم لمعارك الدولة ضد الأفكار المتطرفة قائلًا: "المثقفون والمبدعون المصريون هم من يخوضون معارك الدولة المصرية، فمنذ القرن الـ١٩ نجد أن المثقفين هم ضد التطرف وضد الاستعمار والاستبداد وضد التطبيع مع العدو الصهيوني، من تلقاء أنفسهم دون أوامر، فالمثقف هو جزء من جهاز المناعة المصري وهو حائط الصد ضد الاختراق فالمثقف أهم من الكباري والبنية التحتية، ولهذا يجب العمل على إبراز دور الثقافة المصرية، ولو فعلنا ذلك سننتقل إلى مكان أخر".

 

هناك انتكاسات في الإدارة الثقافية وهناك موظفون يفسدون الواقع الثقافي
 

وأكد داود على زخم الإنتاج الفكري المصري من روايات وأشعار وأعمال فكرية وأدبية وأسماء وكتاب كبار لو كانت أتيحت الفرصة لأعمالهم للترجمة كان وضعنا فى مكان آخر، فلدينا إبراهيم أصلان وخيرى شلبى وغيرهما والتى ظلمت أعمالهم وموهبتهم بشكل كبير، لأن الدولة لم تقم بالترويج لهم أو تخبر العالم بمدى موهبتهم وأصالتهم، وأن الحكومة يجب أن تعى أن تلك الأعمال نسيج يمكن أن يضعها فى مكانة أخرى أمام العالم. 
مختتمًا حديثه بتعبيره عن تفاؤله على الرغم من ذلك قائلًا: "أنا متفائل بأن الموظفين يعلوا سقف الحريات ويتعاملوا مع المثقفين على أنهم جزء من الدولة وجزء من نسيجها، وأن يتم التعامل مع المثقفين باعتبارهم ليسوا معارضين، وفى الأخير نستطيع القول أن المنظومة تحتاج إلى إعادة قراءة وكيف يمكن الاستفادة من قوة الثقافة المصرية وطاقاتها ورعايتها والحفاظ عليها وتشجيعها وتذليل الصعوبات أمامها، مع ضرورة رعاية المثقفين وتذليل صعوبات الحياة أمامهم. وكل هذه الأمور لن تكلف الدولة الكثير ولكنها ستعود بالنفع كثيرًا على المجتمع".
 

 


مفكرون ومثقفون يضعون خارطة طريق للوضع الراهن.. ويتساءلون: أين ذهبت فرق عمل استراتيجية مصر للقوى الناعمة؟  دعوة لتكوين مجموعة وزارية ثقافية على غرار المجموعة الاقتصادية يكون هدفها الاستغلال الأمثل للموارد الثقافية فى التنمية

340.jpg

المثقفون والمبدعون المصريون جزء من جهاز المناعة المصري ويخوضون معارك الدولة ضد التطرف وضد الاستعمار من تلقاء أنفسهم ودون أوامر
هناك من يتولى مناصب مهمة دون كفاءة حقيقية مما يؤثر بشكل كبير على العملية الثقافية ويؤدى إلى تدنى الخدمات المقدمة من جهات عديدة  بعض المسئولين غير دارسين الملفات التي يقومون على إدارتها.. وقدراتهم أقل بكثير من حجم الملفات القائمين عليها


هيثم الحاج على: المؤسسة الثقافية المصرية تحتاج إلى إعادة النظر فى هياكلها من الإرشاد والتوجيه إلى الإتاحة والتنوع

341.jpg
الدكتور هيثم الحاج علي 

وحول موضوع الريادة المصرية والتى بدأت مع إنشاء وزارة الثقافة فى أواخر الخمسينيات من القرن الـ٢٠، وريادة مصر الثقافية، والخطط الاستراتيجية التى وُضعت البنية الأولى فى بناء المنظومة الثقافية المصرية وفى هذا الصدد قال الدكتور هيثم الحاج على أستاذ النقد الأدبى والرئيس السابق للهيئة المصرية العامة للكتاب موضحًا: "لا تحتاج قضية الريادة الثقافية لمصر كثيرًا من النقاش فهى قضية ثابتة تاريخيًا ولا يمكن تغييرها، ولا يحتاج الأثر الذى تحدثه الثقافة المصرية فى محيطيها العربي والأفريقي كثيرًا من التفكير للوعى به فهو حادث بلا شك وإن اختلفت قوته من وقت لآخر، لكن الأولى بالتفكير والتأمل هو التأثير الذى يمكن أن تحدثه أو لا تحدثه المؤسسات الثقافية المصرية فى محيطاتها المحلية والإقليمية.
وقال "الحاج على": حين أسس الراحل الكبير د. ثروت عكاشة المؤسسة الثقافية المصرية كانت مظلتها الكبرى هى وزارة الإرشاد التى تجمع بين الثقافة والإعلام، وهو الاسم الذى يوحى بوضوح بالهدف والوسيلة التى تعمل بها هذه المؤسسة، فقد كان المجتمع المصرى خارجًا لتوه من حقبة استعمارية وكانت الحالة الثورية تحتم حسبما رأى أن يتم إرشاد المجتمع إلى وضعه الجديد مستغلًا فى ذلك نخبة من المثقفين الذين استطاعوا التعاون للقيام بالمهمة المنوطة بهم.

لا بد من التركيز على دعم الهوية المصرية المعاصرة عن طريق إحياء روافدها التراثية

وكان ذلك متوائمًا مع الوضع الثقافى العام بصورة ما وإن كان هناك من النخبة من يقف على يسار تلك المؤسسة واستطاعوا استكمال المشهد الثقافى بتلك الصورة، فى ظل ذلك السعى المستمر من عكاشة ومن تابعه فى المؤسسة الثقافية فى تثبيت أركان الريادة المصرية عن طريق إنشاء المؤسسات التعليمية والداعمة لفكرة الإبداع بمختلف أشكاله، من أكاديمية الفنون وقطاعات الفنون الشعبية والتشكيلية والمسرح والسينما ومسرح العرائس بالإضافة إلى التركيز على دعم الهوية المصرية المعاصرة عن طريق إحياء روافدها التراثية، وعن طريق تثبيت فكرة مركزية الثقافة المصرية فى محيطيها العربى والأفريقى عن طريق التواصل الإبداعى والمنح التعليمية فى تلك المجالات.
متابعًا: "الآن وبعد ما يزيد على ستة عقود وفى خضم التحول الهائل فى وسائط التواصل والوسائط الإبداعية عمومًا فإن مبدأ الإرشاد والتوجيه الذى ما زال متحكمًا فى بناء السياسات الثقافية فى مؤسساتها قد أصبح عبئا على هذه المؤسسات التى لم تستطع حتى الآن الخروج من أسره نظرًا لأن هياكلها وميزانياتها وآليات عملها قد بنيت على أساس من هذا المبدأ الذى لم تعد الحاجة إليه موجودة، بل صارت المهمة الأصلية لهذه المؤسسات هى إتاحة الثقافة بما يضمن الحفاظ على تنوع مصادرها داخل إطار واحد.
إعادة النظر فى هيكلة المؤسسات الثقافية 
فمن الإرشاد والتوجيه إلى الإتاحة والتنوع تبدو المؤسسة الثقافية المصرية فى حاجة واضحة إلى إعادة النظر فى هياكلها وآليات عملها وطرق تعاونها مع النخب الثقافية لكى تستطيع مواجهة التغيرات الحديثة – بما فيها تحديات الرقمنة بالطبع – من أجل بناء رؤية ثقافية استراتيجية وقومية تتواكب التطورات.
ومن هنا فإن الأساس الذى يجب البدء به يجب أن يتضمن مشروعًا لخريطة ثقافية مصرية متكاملة لا تقف عند حد حصر المواقع الثقافية والمكتبات والفعاليات بل تمتد لتشكل (كل) ما يمكن أن يمثل العناصر الثقافية والتراثية المصرية، كلها بمعنى كلها دون أى نقص، لتقوم وزارة الثقافة بوصفها بيت الخبرة فى هذا المجال بدراسة كل هذه العناصر ودراسة تطويرها وتحويل ما يمكن منها إلى صناعات أو حرف، فى إطار مشروع قومى متكامل يهدف إلى ربط المجتمع بثقافته عن طريق عمله بها وليس مجرد تلقيها بوصفها هامشًا ترفيهيًا، كما يهدف إلى تحويل الثقافة ومن ضمنها العنصر الإبداعى البشرى إلى مورد للدخل القومى يعتمد على أكثر ما يميز المجتمع المصرى وأعنى بذلك الثروة البشرية حين يحسن استغلالها.
وفى هذا الصدد تتجدد الدعوة إلى تكوين مجموعة وزارية ثقافية على غرار المجموعة الاقتصادية يكون هدفها الاستغلال الأمثل للموارد الثقافية فى التنمية، مع ضرورة التعامل مع المؤسسات العاملة فى المجالات الثقافية بوصفها شريكة فى التنمية وليست منافسة للمؤسسات الحكومية، مع ضرورة الانفتاح على الأجيال الجديدة والعمل على سد احتياجاتها محليا وربطها الوثيق بهويتها، وهو الأمر الذى يمكن عده الوسيلة الأمثل لمواجهة تحديات المستقبل.
 

الدكتور شوكت المصري: نحتاج إلى إعادة تشكيل الخدمات الثقافية لتتواءم مع متغيرات العصر

342.jpg
الدكتور شوكت المصري 


فيما أكد الدكتور شوكت المصري، أستاذ مساعد النقد الأدبى الحديث بأكاديمية الفنون بالقاهرة على ريادة مصر الثقافية، وهى لا تدع أى مجال فى الشك إذ قال: "إن الأزمة ليست فى دور مصر الريادى فى الثقافة والفنون، وإن الريادة متحققة لمصر بالضرورة، فمصر دولة رائدة سواء عبر واقعها الحالى عن هذه الريادة أو تأخر قليلًا لمجموعة من الأسباب وهى التى يمكن أن نتحدث فيها". وأشار "المصري" إلى أن الإشكالية الأولى تتمثل فى الفعل الثقافى فى الشارع المصرى هى إشكالية التلقي، والجمهور المستهدف فقد أصبح لدينا عدد كبير من وسائل الاتصال والمعرفة وتبادل المعلومات على اختلاف قيمة هذه المعلومات وعلى اختلاف مستوى هذه الفنون، وأصبح لدينا منصات الكترونية تقوم ببث المسلسلات والأفلام وأصبح لدينا قنوات يوتيوب وأفلام سينمائية عادية وأصبح لدينا النشر الورقى والنشر الالكترونى ومواقع تعمل عروضًا للكتب ومراجعات عنها، وبالتالى أصبح المعروض أو ما يمكن أن نسميه بوسائل الاتصال بالمتلقى متعددة".
وعن أشكالية العمل الثقافى المؤسسى فى ظل تلك المتغيرات لفت "المصري" إلى أن "مشكلة العمل الثقافى المؤسسى يجب أن يتطور لمواكبة هذه الوسائل والوسائط المتعددة الجديدة وذلك على مستويين الأول هو القدرة على الانتشار، والثانى هو على مستوى الانتقاء وتقييم المنتج المعرفي، وهو تقديم منتج ذى قيمة وفى نفس الوقت تقديمه على تلك الوسائل بشكل أكثر فاعلية، وهو ما سيضعنا أمام إشكالية أخرى: هل نحن مع شيوع المنتج الثقافى أو بمعنى أدق الكيف؟ أم الكم؟ وهى المعادلة الصعبة،– لو أخذنا قضية "البست سيلر" -على سبيل المثال -سنجد أننا أمام تساؤل وهو هل يطمح المثقفون أن تطبع وزارة الثقافة وما يمثلها من هيئات كالهيئة العامة للكتاب أو هيئة قصور الثقافة الكتب الأكثر مبيعًا أم تبحث عن الكتب المتحققة فنيًا والمتفردة والمتميزة، وفى الحقيقة إننا لا بد أن نصل بالكتب المتميزة وبالكتابات الحقيقية إلى أن تصبح أكثر مبيعًا وأكثر انتشارًا وهذه هى المعادلة الصعبة والتى يجب أن تصب كافة الإجراءات والخطط إلى استهدافها". مستكملًا: "وهناك إشكالية أخرى تخص العمل الثقافى والتى تتمثل فى وصول العمل الثقافى إلى مستحقيه والتى تتجسد فى تغيير اللوائح المنظمة لبعض القطاعات والارتباط بالقطاع الخاص، والبحث فى شكل تلك اللوائح من حيث زمنها وعيوبها فسنجد على سبيل المثال هناك بعض اللوائح التى تعود لفترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، وهذا يعنى أننا يجب أن نبحث عن تحديث لتلك اللوائح خاصة فيما يتعلق بالشق المالي، من حيث مرتبات العاملين فى العمل الثقافى وميزانيات بعض الفعاليات من مؤتمرات المعارض وغيرها، وفى الوقت نفسه يجب تفعيل دور القطاع الخاص دون التقصير فى حق المحتوى المقدم، بحيث لا يصبح القطاع الخاص له حق التدخل فى نوع المحتوى المقدم للجمهور، مثل البحث عن رعاة لبعض الكتب المترجمة فى مقابل وضع اللوجو على غلاف الكتاب – على سبيل المثال- دون التدخل فى نوعيه الكتاب المترجم أو من يقوم بعملية الترجمة نفسها"

الأزمة ليست في دور مصر الريادي في الثقافة والفنون 
 

مشددًا على ضرورة إعادة الربط بين القطاع الحكومى والخاص قائلًا: "نحن فى حاجة لإعادة الربط بين القطاع المؤسسى الحكومى وبين القطاع الخاص، وهو ما يحتاج أيضًا أشخاصًا لديهم أفكار جديدة فى هذا المجال، أو بمعنى أدق نحتاج إلى موظفين قادرين على إدارة هذا الأمر وتنفيذه حتى يصبح واقعًا ملموسًا وأعتقد أن هذا جزء رئيسى وأن كل ما نحتاجه هو إعادة تشكيل الخدمات الثقافية لتتواءم مع متغيرات العصر".

 

د. جهاد عواض: هناك محاولات لإضعاف دور المثقف الحقيقي القادر على الفعل الثقافي
 

343.jpg
الدكتورة جهاد عواض

الثقافة حق أصيل وعلى من يتولى مسؤولية المواقع الثقافية وغيرها من المناصب التى تشتبك بالأساس مع الجمهور سواء بالمواقع الثقافية أو الجامعية، لأنها تتعلق وبشكل مباشر فى كيفية تقديم خدمات لابد وأن يتوافر فيما يقدمها عدة مقومات أبرزها الانفتاح الثقافى والفكري، وأنه لابد وأن تتوافر به شروط عدة لعل أبرزها ما أشارت إليه الدكتورة جهاد عواض أستاذة الأدب المقارن والنقد المساعد وعضو لجنة الثقافة والفنون بالمجلس القومى للمرأة قائلة: "هناك الكثير من الأشياء التى تؤثر فى المجتمع المصرى لتحقيق الريادة فى جميع الأصعدة، وإذا ما ذكرنا توافق القيادة السياسية فى مصر حول تلك الرؤية إلا أن هناك بعض التحديات التى قد تواجه تلك الإرادة من حيث تولى المناصب القيادية فى بعض المجالات والتى يشوبها ما يسمى بـ "الحفاظ على كرسى المنصب" بغض النظر عن صلاحية تلك الشخصيات فى مناصبها أم لا؟، ولا نستغرب أننا قد نجد من يتولون بعض المناصب المهمة دون وجود كفاءة حقيقية، وهو ما يؤثر بشكل كبير على العملية الثقافية سواء فى التعليم أو فى الثقافة أو الصحة، وهو ما يؤدى بالتالى إلى خطورة وتدنى الخدمات التى يجب أن تقدمها تلك الجهات".
فيما أكدت “عواض” أنه وعلى الرغم بكل ما مرت به مصر فى الفترات الماضية وأنه قد بات الظن أن بعض أصحاب تلك الأفكار الظلامية قد اختفت إلا أن هناك بعض الشواهد التى تنبئ بعودتهم مرة أخرى إذ قالت مؤكدًة: "فى عام ٢٠١٣ خرجنا جميعًا من أجل إنقاذ مصر من يد الإخوان، وحاربنا كافة أشكال التطرف الفكرى من خلال دعم الثقافة والأفكار حاولنا خلالها أن نعالج آثار تلك الهجمة الظلامية وعودة الهوية المصرية كما كانت، إلا أن هناك عودة لبعض من أصحاب تلك العقول وتصدرهم المشهد بل وأخذ مناصب بداخل الجامعات، وأخشى أن يكون هذا الرجوع بنية الانتقام ممكن خرجوا عليهم فى ٢٠١٣، وأن تلك البيئة لن تكون داعمة من أجل النهوض وعودة الريادة المصرية، وهل هذا الظهور سيناسب بنية العمل بداخل أروقة الجامعات وأخشى أن تعانى الجامعة من تراجع أكثر مما نحن عليه، لأ وجود تلك الأفكار لن يصنع البيئة الصالحة للنهوض".

من المسئول عن عودة أصحاب الفكر الظلامي في المشهد الجامعي والثقافي مرة أخرى؟
 

وتساءلت "عواض" من المسئول عن عودة الإخوان فى صدارة المشهد مرة أخرى بداخل أروقة الجامعة بل وتقلدهم مناصب بداخلها؟ بالتزامن مع عدم وجود ثقافة الردع؟ فمن المعروف أن المخطئ هو من يتم معاقبته؟ ولكن ما نراه فى اليوم الراهن هو يمكن الإفلات من العقاب إذا كان المرء يستطيع الإفلات او يجد من يسنده وأننا فى حاجة إلى رفع لافته من يخطئ لابد وأن يتم محاسبته، وأن أستعيد كلمه الرئيس الراحل أنور السادات حينما اعترف بخطأ فى خروج الإخوان المسلمين من السجون، فهم يرون أن السلطة كافرة، وبالتالى أن أستكمل على ما قاله الرئيس السادات وأوكد أنه لا وجود لوطن أو وطنية فى خطاب الجماعة، وعند عودتهم وتوليهم مناصب سواء بداخل الجامعة أو المواقع او المؤسسات الثقافية كل تلك السلطات تمكنهم مرة أخرى من الدولة المصرية، لأن الخطورة الحقيقة هنا هو وجود أجيال تحت أيديهم مرة أخرى، وهذا يجسد خطرًا على الأمن القومي، وأنه لابد الانتباه لذلك" 
وهنا لابد وأن نشير إلى أمر أخر وهو معيار الكفاءة التى يجب أن تتوافر فيمن يتولى المناصب القيادية مؤكدًا على أنه أحيانًا هناك بعض المسؤولين غير دارسين للملفات التى يقومون على إدارتها أو أن قدراتهم أقل بكثير من حجم تلك الملفات القائمين عليها، وهذا يؤدى إلى خلل كبير جدًا فى إدارة ومعالجة تلك الملفات، فنحن الآن نواجه كارثة مزدوجة أولها عودة بعض الوجوه الإخوانية فى بعض المواقع الثقافية والجامعية، وأيضًا عدم وجود الكفاءات فى بعض تلك المناصب، وهذا يشير إلى خطر وتراجع بالتالى فى دور مصر الريادى وهويتها الثقافية والتى لابد وأن تبنى بالأساس على تعزيز الهوية المصرية وبناء الإنسان، ولا يجب أن يقف المثقف الحقيقى أمام تلك الإشكالية التى قد تنفجر بين لحظة وأخري، وأن المثقف الحقيقى هو من يمتلك الأدوات العلمية الحقيقة والتى تتناسب قدراته مع حجم التحديات التى تواجهها الدولة المصرية، وأن عملية إضعاف هذا الدور للمثقف الحقيقى يمثل خطرًا كبيرًا".
 

محمود الضبع: الأزمة الحقيقية أزمة وعى وعلينا أن نعيد النظر فى السياسات الثقافية وفى مفهومنا للثقافة 
 

344.jpg
الدكتور محمود الضبع


بالعودة إلى استراتيجية وزارة الثقافة والتى اتخذت رؤيتها وشعارها بـ"الثقافة ركيزة تحقيق التنمية المستدامة وبناء الإنسان المصري" هذا الشعار الذى يتم من خلاله كل ما تقوم به الوزارة من أنشطة ومبادرات ثقافية هدفها تحقيق التنمية المستدامة وأيضًا بناء الإنسان وإرساء مبادئ العدالة الثقافية وهنا نتطرق إلى رسالة الوزارة كما جاءت فى الاستراتيجية والتى نصت على التالي: "تعزيز قيم المواطنة وتعميق الولاء والانتماء للهوية المصري، ودعم البيئة الممكنة للإبداع والتميز، وتمثل العدالة الثقافية محورًا أساسيًا فى تقديم الخدمات الثقافية دون تمييز بين المواطنين، مع الرعاية الكاملة للمناطق والفئات الأكثر احتياجًا، وتسعى الوزارة إلى الشراكة مع كل الأطراف بما يعزز مكانة وريادة مكانة مصر الإقليمية والدولية".

لا نزال قادرين على تصدير الفنون والآداب والمفكرين ونستطيع أن نفعل ذلك لقرون طويلة مقبلة.. وعلينا أن نعيد قراءة التاريخ بوعى

 

كيف يمكن العمل على ذلك من أجل تحقيق تلك الريادة؟.. قال الدكتور محمود الضبع أستاذ النقد الأدبى الحديث ورئيس دار الكتب والوثائق القومية السابق: فيما يتعلق بريادة مصر الثقافية علينا أولًا إعادة النظر فى مفهومنا للثقافة، فهل نعنى بالثقافة مجرد إنتاج الكتب والمخطوطات أم أننا نعنى بالثقافة كل ما ينتجه الإنسان من فكر يمكن تحويله إلى صيغة من صيغ المحتوى المعرفى المتداولة، - على سبيل المثال- علينا ان نوسع مفهومنا عن الثقافة ليشمل الدراما التليفزيونية والإعلانات والميديا والسوشيال ميديا والتصوير والكتابة الإبداعية وكتابة التاريخ، وكتابة الجغرافيا وكل ما ينتجه العقل المصرى فى المرحلة الأخيرة، بل إن الثقافة قد اتسع مفهومها عالميًّا ليشمل الآن أنواع الطبخ وطرق الحياة والعادات والمعارف الشعبية وكل ما ينتج عن البشر، وإذا حكمنا هذا المفهوم على المجتمع المصرى فلن نجد أغنى من مصر فى مفرداتها الثقافية".
متابعًا: "فمصر ثرية بعناصرها الثقافية سواء ما ينتمى إلى الحضارة المصرية القديمة أو الثقافة الإسلامية، أو ما ينتمى إلى الحضارة المعاصرة، إذن أين تكمن المشكلة؟، تكمن المشكلة هنا حول هذا الوعى بمفهوم الثقافة، وهو ما يحتاج منا إلى تنوير المشتغلين فى العمل الثقافى والإعلامي، والميديا أيضًا، فى أن مفهوم الثقافة أوسع من مجرد قصة أو كتاب أو مسرحية، وأن مفهوم الثقافة يشمل الإنتاج الفكري، ولو نظرنا إلى الثقافة من هذا المنظور سنجد أن مصر متقدمة جدًا".
مستكملًا: "وهنا أريد أن أشير إلى مثال بسيط، هناك بعض المسلسلات التليفزيونية ومنها مسلسل "لام شمسية" ومسلسل "النص" ففى كلا المسلسلين نجد أن الشخصيات التى عملت على صناعة تلك الأعمال هى شخصيات غير مشهورة أو معروفة ولم تكن مدرجًة فى قوائم المثقفين المصريين الموجودين فى المؤسسات الرسمية، لكنهم أنتجوا عملًا إبداعيًا أبهر العالم، وأنا هنا أعطى مثالًا عن مفردة واحدة لوزارة الثقافة على أن مصر ليست متأخرة ولكن المتأخر فى مصر هو الوعى بما نتحدث عنه.. هذا من جانب، ومن الجانب الأخر أن المتأخر هو عدم تقديرنا من قيمة ما نملك".
وبتساءل الدكتور الضبع: "ماذا يفيد الإنسان إذا كان يمتلك كنزًا مدفونًا وهو لا يعرف أنه يمتلك هذا الكنز، فهو لا يفيده بشيء، إذن إن كل ما علينا هو أن نعيد مفهوم الثقافة، وأن مصر ليست متأخرة، وأن هذه الدعوة بتأخر مصر هى دعوة استهدافية مؤامرة، - للأسف- أتت من الجوار لتحاول أن تشكك المصريين فيما يمتلكون وفيما يعرفون وما لديهم حتى ما يثار مؤخرًا من أن مصر فقدت بعض عناصرها عن طريق التهريب من الخارج إلا أن ما تمتلكه يفوق عشرات الأضعاف ما تم تبديده فى فترة حكم الإخوان وما أعقبته من محاولات خارجية تستهدف مصر، وأؤكد على أنه بالرغم من ذلك لن يؤثر على مصر ودورها الريادي"
مختتمًا: "إننا لا نزال قادرين على تصدير الفنون والآداب والمفكرين والمدربين والمدرسين، والكتاب، ونستطيع أن نفعل ذلك لقرون طويلة قادمة، وعلينا أن نعيد قراءة التاريخ بوعى لنعرف بشدة كيف وصلت مصر -فى بعض الأحيان - إلى الحضيض ولكنها تعود مرة أخرى، ولا يوجد شعب فى العالم حدث ما يحدث عبر تاريخه إلا أنه يعود مرة أخرى، وفى فترة الحكم العثمانى على مصر أكبر دليل على ذلك بالرغم من محاولة تفريغها من مبدعيها وترحيلهم إلى إسطنبول، ولكنها عادت مرة أخرى".
 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق القبض على حارس عقار اعتدى على كلب بـ"شومة" في القاهرة
التالى سمارت ينهي إستعداده لمواجهة أبوالنمرس في إفتتاح مباريات القسم الثالث