يشهد المشهد الطاقوي في الجزائر جدلًا حول من يمثل البلاد أمام منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وتحالف "أوبك+" خلال المرحلة المقبلة، بعد التشكيل الوزاري الجديد الذي أفرز وزارتين معنيتين بملف الطاقة.
وقالت مصادر، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، إن هذا الجدل يعود إلى أن التشكيل الأخير تضمّن تغيير اسم وزارة الطاقة والمناجم التي كان يقودها محمد عرقاب لتصبح "المحروقات والمناجم"، بالتزامن مع استحداث وزارة جديدة للطاقات المتجددة.
ويعني هذا التغيير -وفق المصادر- أن الجزائر بات لديها وزير للمحروقات والمناجم يتولى الإشراف على النفط والغاز والتعدين، إلى جانب وزير آخر للطاقة والطاقات المتجددة، وهو ما يفتح تساؤلات حول تمثيل البلاد في المنظمات الدولية الخاصة بالنفط والغاز.
وبحسب المصادر ذاتها؛ فإن التوجه الحالي يقضي بفصل الاختصاصات بين الوزيرين، مع إسناد ملفات النفط والغاز إلى محمد عرقاب، في حين يتولى مراد عجال مسؤولية ملف الكهرباء والطاقة المتجددة؛ بما يتماشى مع خبراته السابقة في قيادة مجمع سونلغاز.
مَن يمثل الجزائر أمام أوبك؟
ردًا على سؤال لـ"الطاقة" حول: مَن يمثل الجزائر أمام أوبك؟ أوضحت المصادر أن الوزير محمد عرقاب سيكون مسؤولًا عن كل ما يتعلق بملف النفط والغاز؛ ما يجعله الممثل الرسمي للدولة أمام منظمة أوبك وتحالف أوبك+، فضلًا عن دوره في منتدى الدول المصدرة للغاز، وذلك استمرارًا لمسيرته السابقة.
ويُعَد عرقاب شخصية محورية في قطاع الطاقة بالبلاد؛ إذ تولى وزارة الطاقة والمناجم منذ فبراير/شباط 2021، واحتفظ بموقعه في التشكيل الحكومي الجديد الذي أعلنه الرئيس عبدالمجيد تبون في 14 سبتمبر/أيلول 2025، لكن باسم مختلف وصلاحيات أوسع.
وأشارت المصادر إلى أن عرقاب أدى دورًا بارزًا خلال السنوات الماضية في تطوير قطاع الغاز الطبيعي وتعزيز صادرات الجزائر إلى أوروبا، إضافة إلى دفعه بخطط الهيدروجين الأخضر التي أصبحت جزءًا من إستراتيجية الدولة في تنويع مزيج الطاقة.
وأكدت المصادر، في تصريحاتها إلى منصة الطاقة المتخصصة، أنه رغم تغيير اسم الوزارة إلى "المحروقات والمناجم"؛ فإن مسؤوليات عرقاب لا تزال تشمل الملفات الإستراتيجية المتعلقة بالنفط والغاز؛ بما يضمن للجزائر تمثيلًا مستقرًا داخل أوبك وأوبك+.
وترى المصادر أن بقاء الوزير محمد عرقاب في هذا المنصب يعكس رغبة الجزائر في الحفاظ على استقرار سياساتها النفطية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الأسواق العالمية والتقلبات المستمرة في أسعار الخام والغاز الطبيعي.
وأكدت المصادر أن الجزائر لن تجازف بتمثيل مزدوج أمام المنظمات الطاقوية؛ ما يجعل الوزير محمد عرقاب المرجح الأبرز للاستمرار بصفته ممثل البلاد أمام أوبك، في حين يُركِّز مراد عجال على الملفات المرتبطة بالطاقة المتجددة.
مراد عجال والطاقات المتجددة
بحسب المصادر نفسها؛ فإن الوزير مراد عجال يتولّى اختصاصات الكهرباء والطاقة المتجددة، مستفيدًا من خبراته الطويلة في قيادة مجمع سونلغاز؛ إذ أدار واحدًا من أكبر المرافق الحكومية المسؤولة عن إنتاج وتوزيع الكهرباء والغاز في البلاد.
ويأتي تعيين عجال وزيرًا للطاقات المتجددة في وقت حساس؛ إذ تسعى الجزائر إلى تسريع خطط التحول الطاقوي، وزيادة مساهمة الطاقة النظيفة في المزيج الوطني للكهرباء، بما يواكب المستهدفات المعلنة حتى منتصف القرن الجاري.
ويمتلك عجال خبرة عملية واسعة؛ إذ عمل في مواقع ميدانية بقطاع الكهرباء منذ بداياته، وتدرج في مناصب متعددة قبل أن يصبح رئيسًا لمجمع سونلغاز، وهو ما عزز مكانته بصفته أحد أبرز خبراء الكهرباء والطاقات البديلة في الجزائر.
وأوضحت المصادر أن عجال سيقود مشروعات إستراتيجية لزيادة القدرات المتجددة، خاصة في مجالات الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر، في إطار رؤية شاملة لتقليل الاعتماد على النفط والغاز في إنتاج الكهرباء.
يشار إلى أن وزير الطاقة والطاقات المتجددة سبق له الإشراف على مبادرات لتحسين شبكات التوزيع وإدارة الطلب المتزايد على الكهرباء، وهو ما يتكامل مع خطط الحكومة لرفع كفاءة استهلاك الطاقة وتوسيع الاستثمارات في البنية التحتية للطاقة النظيفة.
وأكدت المصادر، في تصريحاتها إلى "الطاقة"، أن عجال سيكون الواجهة الرسمية لملف الطاقة المتجددة في الجزائر، في حين يظل التمثيل في المحافل النفطية العالمية حكرًا على عرقاب، وهو ما يضمن وضوح الأدوار وتكامل المهام بين الوزارتين الجديدتين.
وبهذا الفصل المؤسسي، تراهن الجزائر على الجمع بين تعزيز دورها في أوبك وأوبك+، وخلال الوقت نفسه تسريع خطواتها نحو مستقبل طاقوي أكثر استدامة يقوده وزير الطاقات المتجددة مراد عجال.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
