مكاريوس , تحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، ذكرى نياحة البابا مكاريوس الثاني، البابا التاسع والستين من بطاركة الكرسي المرقسي، الذي انتقل إلى السماء عام 1122 ميلادية، بعد مسيرة حافلة بالزهد والقداسة والخدمة.

البابا مكاريوس الثاني راهب الإسقيط العاشق للتأمل
وُلد عاشقًا لحياة الرهبنة والسكون، فانطلق بقلب مشتاق إلى برية شيهيت، حيث اختار أن يترهب في دير القديس مقاريوس الكبير، أحد أقدم وأقدس الأديرة القبطية في صحراء وادي النطرون.
كان راهبًا بسيطًا متفرغًا للعبادة وقراءة الكتاب المقدس والتأمل في معانيه العميقة، حتى اشتهر بين مجتمعه بالرزانة، والزهد، والفضيلة، فرُسم كاهنًا نظرًا لما تحلّى به من تقوى وحكمة.

رفض الكرامة فتقلدها بتواضع
بعد نياحة البابا ميخائيل الثامن والستين، اجتمع أساقفة الكنيسة وشيوخ الرهبنة في البرية، وأجمعوا على اختيار الراهب مكاريوس ليكون خليفة للقديس مرقس الرسول.
وبالرغم من محاولاته رفض المنصب وتواضعه الشديد، إلا أن إلحاح المجمع الكنسي وتوافق الآراء جعل منه البابا القادم. اقتيد إلى القاهرة، حيث تمت رسامته بطريركًا في كنيسة السيدة العذراء المعلقة، وأُعلنت رسامته بثلاث لغات: اليونانية والقبطية والعربية.

البابا مكاريوس الثاني سبعة وعشرون عامًا من القداسة والبذل
خلال فترة خدمته التي امتدت لـ سبعة وعشرين عامًا، ظل البابا وفيًا لطريق النسك والتقوى، لم تغيّره السلطة، ولم تغره الألقاب أو المظاهر. كان ناسِكًا متعبدًا، محبًا للفقراء، كريمًا في عطائه، لا يطلب مالًا من أحد، بل يصرف الفائض عن احتياجاته على أعمال الرحمة والخير.
ظل مواظبًا على التعليم والوعظ، مرشدًا روحيًا لأبناء الكنيسة، وبابًا مفتوحًا لكل من لجأ إليه. وعندما حانت ساعة رحيله، مضى في هدوء وسلام، كما عاش، تاركًا وراءه سيرة ناصعة لرجل لم يسعَ إلى الكرامة، لكنها لحقت به، وحمل صليبه بتواضع وأمانة حتى النهاية.