تقدَّم الباحث عقيد دكتور أحمد يحيى بدراسة مهمة نُوقشت بقاعة الاحتفالات بكلية الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة صباح السبت 6 سبتمبر 2025 بعنوان "دور الشرطة في حماية وتعزيز الحق في الكرامة الإنسانية".
وكانت لجنة المناقشة من قامات عِلمية قديرة ومقدرة، منهم العالم الجليل الأستاذ الدكتور/ صلاح الدين فوزي أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة المنصورة-عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي-وعضو المجمع العلمي المصري، والأستاذة الدكتورة / نجوى خليل الأستاذ بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية- وعضو المجلس القومي للمرأة- ووزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية (سابقًا)، والأستاذ الفاضل اللواء دكتور/ قدري عبد المجيد الأستاذ ورئيس قسم العلوم الإنسانية والاجتماعية بكلية الشرطة، والأستاذ الفاضل اللواء دكتور/ راضي عبد المعطي عضو هيئة التدريس بقسم القانون العام بكلية الشرطة- ومساعد مدير مركز بحوث الشرطة (سابقًا)- ورئيس جهاز حماية المستهلك (سابقًا).
وزارة الداخلية ترسخ لحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية
تعرَّضت الرسالة لحق الكرامة الإنسانية باعتباره الجوهر الأخلاقي والدستوري الذي تقوم عليه كافة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ودوره في ترسيخ دعائم وجسور الثقة المتبادلة بين الدولة بمؤسساتها المختلفة وبين المواطنين، بما في ذلك من تأثير واسع ونتائج إيجابية مؤكدة على حالة الرضا الشعبي وتعزيز ولاء أفراد المجتمع للوطن.
الدراسة تدعم جسور الثقة بين الشرطة والمواطنين
أكدت الدراسة أن الأساس لبناء مجتمعات مستقرة تقوم على تحقيق السلام والعدل الاجتماعي والتنمية المستدامة هو حماية وتعزيز كرامة الإنسان، وخاصة في ظل التحديات والصراعات المستمرة والمتجددة التي تواجه الإنسانية، والتفاوتات الاجتماعية، والاقتصادية، والعقائدية الحادة التي نعيشها في ظل التطورات التكنولوجية غير المحدودة. كما يعتبر الحق في الكرامة الإنسانية درعًا لحماية حقوق الفئات الأكثر احتياجًا من أفراد المجتمع، حيث يضمن لهم كافة حقوقهم الأساسية دون تمييز مع توفير حياة كريمة لهم بما يعزز من كرامتهم.
الشرطة والكرامة الإنسانية.. استراتيجية أمنية متوازنة على ضفاف التاريخ
وتهدف هيئة الشرطة باعتبارها ذراع السلطة التنفيذية للدولة وأداتها الرئيسية إلى وضع سياسات أمنية متوازنة، تضمن احترام حقوق الإنسان، وتعزز من كرامته مع الحفاظ على متطلبات النظام العام.
ولقد استعرض الباحث التطور التاريخي لحقوق الإنسان في الحضارات المختلفة، حيث أكدت نتائج البحث أن الحضارة المصرية القديمة التي نشأت على جانبي نهر النيل هي أول حضارة في التاريخ رفعت شعار حقوق الإنسان، وعظمت منه، وطبقته بصرامة في كافة جوانب الحياة المختلفة تقديرا لكرامة الإنسان وقدسيته.
حقوق الإنسان في الشرائع السماوية.. تأصيل واحد وفهم مختلف
ثم استعرض الباحث موضع حقوق الإنسان في الشرائع السماوية الثلاث التي أكد البحث تأصيلها فيهم جميعًا، لخروج تلك الشرائع من مشكاة واحدة، إلا أن الفهم الضيق وبعض النصوص الدخيلة في بعض الفترات والحقب التاريخية قد أسفر عن بعض المساس بتلك الحقوق، إلى أن جاء الإسلام بمنظومته العقائدية والتشريعية والأخلاقية المتكاملة، من أجل الارتقاء بالإنسانية وبما يكفل للناس جميعًا دون تمييز الحياة الكريمة التي تضمن الوصول إلى أعلى درجات الرقي والكمال الإنساني.
ولقد تعرَّض الباحث لحق الكرامة الإنسانية في التاريخ الدستوري المصري، حيث وجد أن دستور عام 1956م هو أول دستور مصري يعترف صراحة بكرامة الإنسان، ثم جاء دستور عام 1971م ليؤكد بعبارات تدل دلالة واضحة على ضرورة احترامها صراحة في أكثر من موضع، إلى أن جاء الدستور الحالي لعام 2014م الذي أقرَّ حق الكرامة الإنسانية في مادة خاصة ومستقلة كحق اصيل ومنفصل من حقوق الإنسان ثم أكد الدستور على احترام الكرامة الإنسانية صراحة في العديد من المواضع الأخرى الأمر الذي نسج سياجًا مترابطًا من الاحترام والحماية لذلك الحق في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الدساتير المصرية.
ورغم حداثة ذلك النص الدستوري فإن عددًا من القوانين المصرية السابقة عليه قد أفردت حمايتها لكرامة الإنسان، لعل من أهمها قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937م وذلك بمجابهته لجرائم السب والقذف والتعذيب واستعمال القسوة، الأمر الذي يؤكد سمو الكرامة الإنسانية في الضمير المصري باعتباره حقًا مقدسًا ومستقلًا من حقوق الإنسان.
ثم استعرض الباحث حماية الحق في كرامة الإنسان خلال صور نشاطات العمل الأمني المختلفة لحفظ النظام العام، والضمانات الإجرائية العملية التي تلتزم بها هيئة الشرطة خلال أعمال الضبط الإداري والقضائي المنوطة بها، وخاصة أثناء تنفيذ العقوبات الجنائية بمراكز الإصلاح والتأهيل المجتمعي وخاصة للفئات الأولى بالرعاية، حيث جاء التشريع المصري بنصوص دقيقة وحاكِمة للحقوق التي تضمن عدم المساس بكرامة الإنسان أثناء هذه الفترة لتحقيق اغراضها في الإصلاح والتأهيل.
أهمية تعميق الترابط المجتمعي بين رجال الشرطة والمواطنين
كما سلَّط الباحث الضوء على أهمية تعميق الترابط المجتمعي بين رجل الشرطة والمواطن تأصيلًا للحق في الكرامة الإنسانية من خلال مجهودات وزارة الداخلية الدؤوبة على تعميق مفهوم العلاقات العامة مع جمهورها الداخلي والخارجي، وكذا دورها الاجتماعي المتمثل في تقديم العديد من الخدمات الجماهيرية بشكل لائق وكريم، وأثر ذلك على تحسين الصورة الذهنية لها، وكيفية الاستفادة من ذلك في التأثير على الرأي.
