شهدت موريتانيا -للمرة الأولى في تاريخها- توقيع عقدين مهمين بين القطاعين العام والخاص، لإطلاق أول محطة كهرباء هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتخزين بالبطاريات، وهو المشروع الذي يمثل نقلة نوعية في مسار التحول الطاقوي للبلاد.
وبحسب بيان حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، حضر مراسم التوقيع وزير الاقتصاد والمالية أحمد ولد أبوه، ووزير الطاقة والنفط محمد ولد خالد، إلى جانب مسؤولي شركة "صوملك" الحكومية، وممثلين عن شركة "إيوا غرين إنيرجي" المنفذة للمشروع.
وقال مستشار وزير الطاقة أحمد فال، في تصريحات خاصة إلى منصة "الطاقة"، إن هذه الشراكة تعد الأولى من نوعها في موريتانيا، من جوانب عديدة؛ أولها أنها المرة الأولى التي لا يعود فيها منتج مستقل للكهرباء، يبيع الكهرباء للمشغل الوطني.
وأضاف: "مثلًا، الحكومة الموريتانية لم تعد تبني المحطات وتجري أعمال صيانتها، وأصبحت تتفق مع القطاع الخاص، وتكون شركة صوملك مجرد مشترٍ للطاقة وتتولى مهمة توفير الكهرباء للمواطنين".
أول محطة كهرباء هجينة في موريتانيا
قال مستشار وزير الطاقة إن الصفقة الخاصة بأول محطة كهرباء هجينة في موريتانيا يبنيها القطاع الخاص، تتميز بأن الشركات موريتانية وطنية، وتبلغ قيمتها نحو 300 مليون دولار.
وبحسب أحمد فال؛ فإن هذه الصفقة يتم من خلالها بناء المنشآت وإدارتها لمدة 15 عامًا، وتتولى الشركات تعبئة الموارد والنواحي الفنية واستيراد المعدات وتشغيل المحطة خلال هذه المدة، لحين استرداد تكاليفها وتحقيق أرباح.
وفي الوقت نفسه، وفق تصريحات المسؤول الموريتاني إلى منصة الطاقة المتخصصة، فإن حكومة البلاد سوف تستفيد من إنشاء هذه المحطة، لأنها سيكون لديها مصدر مهم للطاقة، من الكهرباء المتجددة المولدة من طاقتي الشمس والرياح.

ويأتي هذا المشروع ضمن خطة موريتانيا الطموحة لتوسيع استعمال مصادر الطاقة المتجددة، وتفادي الاعتماد على الاقتراض الخارجي، من خلال استقطاب استثمارات مباشرة من القطاع الخاص، بما يسهم في تعزيز استقلالية قطاع الكهرباء ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة.
وتعد المحطة الجديدة الأولى من نوعها في البلاد، بقدرة إجمالية مركبة تصل إلى 160 ميغاواط من الطاقة الشمسية و60 ميغاواط من طاقة الرياح، إضافة إلى خاصية التخزين بالبطاريات التي توفر 370 ميغاواط/ساعة من الكهرباء.
ويتيح هذا النظام الهجين ضمان استقرار الإمدادات، خصوصًا في أوقات ضعف الرياح أو غياب الإشعاع الشمسي بسبب العوامل المناخية؛ ما يضمن استمرارية تشغيل الشبكة الوطنية بالكفاءة المطلوبة على مدار اليوم.
كما سيوفر المشروع ما بين 60 و100 ميغاواط يوميًا طيلة مدة التشغيل، التي تمتد 15 عامًا بموجب عقد الشراكة؛ ما يُسهِم في سد العجز المتزايد بالطلب على الكهرباء، مع تقليص فاتورة استيراد الوقود التقليدي.
وستتولى شركة "إيوا غرين إنيرجي" تعبئتها بالكامل، مع تحملها مسؤولية التشغيل والصيانة خلال مدة العقد، في حين ستشتري شركة صوملك الكهرباء المنتجة وتتولى عملية تسويقها بأسعار أقل من المصادر التقليدية.
وتستغرق مدة بناء المشروع 12 شهرًا، لتدخل المحطة الخدمة الفعلية في سبتمبر/أيلول 2026، ما سيعزز موقع موريتانيا بوصفها وجهةً ناشئةً للاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة على مستوى القارة الأفريقية.
شراكة إستراتيجية لتحول الطاقة
قالت الحكومة الموريتانية إن المشروع يمثل بداية مرحلة جديدة في إدماج القطاع الخاص ضمن إستراتيجية الطاقة الوطنية، من خلال تفعيل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي أقرته موريتانيا خلال الأعوام الماضية.

وتسمح هذه الآلية بتنفيذ مشروعات طاقة كبرى من دون تحميل الدولة أعباء مالية مباشرة؛ ما يقلل من الحاجة إلى القروض الخارجية، ويفتح الباب أمام تمويلات مستدامة تستند إلى الجدوى الاقتصادية والتقنية للمشروعات.
كما ينسجم المشروع مع خطة موريتانيا لتوسيع مزيج الكهرباء، بالاعتماد على مصادر متجددة مثل الشمس والرياح، إلى جانب تطوير مشروعات تعمل بالغاز، بما يضمن تنويع القاعدة الإنتاجية وتحقيق أمن الطاقة الوطني.
ومن شأن دخول القطاع الخاص بقوة في مجال الكهرباء أن يُحدث تحولات جوهرية، سواء في مستوى الكفاءة التشغيلية أو في خفض التكلفة، إضافة إلى نقل الخبرات والتقنيات الحديثة إلى السوق الموريتانية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويعزز المشروع مكانة موريتانيا على خريطة الطاقة في غرب أفريقيا، باعتبارها قادرة على جذب استثمارات ضخمة، وفتح فرص تعاون إقليمي لتصدير الكهرباء في المستقبل، مع ما يوفره ذلك من عوائد اقتصادية وتنموية واسعة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..