قال المهندس أحمد حامد، استشاري التحول الرقمي، ومستشار عام النظم الأمنية بالجمعية المصرية للأمم المتحدة، إن الزراعة المصرية تشهد تحولاً جذرياً بفضل دمج التقنيات الحديثة في مختلف مراحل العملية الإنتاجية، فمن خرائط نظم المعلومات الجغرافية وصور الأقمار الصناعية، وصولاً إلى الطائرات المسيرة وأجهزة الاستشعار المتطورة، تهدف مصر إلى إدارة مواردها الزراعية بكفاءة غير مسبوقة، مما يقلل التكاليف ويحمي الموارد المائية والتربة.
وأضاف "حامد"، أنه لم تعد التكنولوجيا حكراً على الشركات الكبرى، بل أصبحت في متناول المزارع البسيط، فباستخدام الطائرات المسيرة المزودة بكاميرات خاصة، يمكن للمزارع الآن مراقبة حالة النباتات ومحصوله بدقة، وتحديد احتياجات التربة من المياه والأسمدة، موضحا أن هذه البيانات الدقيقة تتيح له تقليل الهدر، مما يخفض التكاليف ويرفع الإنتاجية، فعلى سبيل المثال، يمكن لهذه التقنيات أن تخبر المزارع بالوقت المناسب للري والكمية المطلوبة، مما يساهم في التعامل مع أي مشكلة في مهدها قبل أن تتفاقم.
وأوضح أنه على المستوى الوطني، استطاعت الدولة الاستفادة من هذه التقنيات في ضبط منظومة الدعم الزراعي، فمن خلال تتبع الأسمدة المدعمة رقمياً من المصنع وحتى وصولها إلى المزارع، تمكنت الوزارات المعنية من وقف عمليات التهريب وضمان وصول الدعم لمستحقيه، وقد أظهرت الأرقام الرسمية أن أكثر من 40 مليون شيكارة سماد تم صرفها عبر هذه المنظومة الجديدة في العام الماضي وحده.
ولفت إلى أنه لم تقتصر التكنولوجيا على مراقبة المحاصيل فقط، بل امتدت لتشمل فحص التربة دون الحاجة إلى الحفر، فالرادار النفاذ للأرض وأجهزة الاستشعار القريبة أصبحت أدوات أساسية لفحص خصائص التربة مثل الرطوبة والملوحة والكثافة، مما يتيح للمزارعين اتخاذ قرارات أفضل بشأن الزراعة والري، مع الحفاظ على البنية التحتية من شبكات الري.
وأشار إلى أن المستقبل القريب للزراعة المصرية يعتمد على دمج هذه التقنيات مع أنظمة أكثر ذكاءً، فمن خلال تطبيقات إنترنت الأشياء والبرمجيات التحليلية، سيحصل المزارع على تنبؤات دقيقة بشأن الطقس، الأمراض المحتملة، واحتياجات الأرض، وقد أظهرت بعض التجارب أن الطائرات المسيرة يمكنها رصد أمراض النبات في مراحل مبكرة بدقة تتجاوز 90%، مما يوفر نفقات كبيرة، موضحا أن نجاح هذا المسار يتوقف على خطوات رئيسية أولها تدريب صغار المزارعين لتمكينهم من استخدام الأدوات الرقمية بفعالية، فضلا عن دعم الشركات الناشئة المحلية لتطوير حلول تكنولوجية منخفضة التكلفة تناسب احتياجات السوق المصري، علاوة على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي التنبؤي لمواجهة التحديات المتزايدة للتغيرات المناخية.
وأكد أن هذه الثورة التكنولوجية لا تعد مجرد تحسينات عابرة، بل هي خطوة استراتيجية نحو تحقيق الأمن الغذائي المستدام، وضمان مستقبل أكثر ازدهاراً للقطاع الزراعي في مصر.