
يوافق اليوم 11 سبتمبر بداية السنة المصرية الجديدة، حيث يدخل المصريون أول أيام شهر توت، وهو الشهر الأول فى التقويم المصرى القديم الذى عُدّ أول تقويم وضع على وجه الكرة الأرضية لتنظيم الأيام والسنين والشهور، وهذا التقويم لم يكن مجرد أداة لحساب الزمن، بل ارتبط بمواسم الحصاد والأعياد الدينية والفصول الأربعة: الشتاء والربيع والصيف والخريف، ومع كل دورة جديدة لهذا التقويم العريق، يطرح السؤال نفسه: كيف يمكن للمصريين استعادة الاستناد إلى السنة المصرية للحفاظ على هويتهم الثقافية والتاريخية منتصرين على الصراعات الجيوسياسية؟
أول نظام زمنى شامل فى تاريخ البشرية
من جانبه، قال أستاذ التاريخ القديم الدكتور محمد عبد العاطى لـ"البوابة نيوز": "وُضع التقويم المصرى منذ آلاف السنين، ويُعتبر أول نظام زمنى شامل فى تاريخ البشرية. فقد نجح المصريون القدماء فى تقسيم السنة إلى ١٢ شهرًا، كل شهر ٣٠ يومًا، وأضافوا خمسة أيام تُعرف بـ"أيام النسىء" ليكتمل العام.
وأضاف أن السنة المصرية ارتبطت بفيضان النيل وموسم الزراعة، فجاءت الشهور متزامنة مع الحياة اليومية للمزارع المصرى، مثل "توت" و"بابة" و"كيهك"، هذا الارتباط جعل التقويم المصرى أكثر من مجرد وسيلة للعد، بل هو مرآة لعلاقة المصريين بالأرض والمياه والسماء، منتصرا بشخصيته الفريدة على أى صراعات جيوسياسية تحدث حولنا ولذلك فإن العودة للاحتفاء بالسنة المصرية تحمل بعدا ثقافيا وسياسيا وتاريخيا واقتصاديا وهوية أصيلة تفرض نفسها .
التقويم المصرى سبق كل تقويمات العالم
كما أضاف قائلًا: “إن السنة المصرية ليست مجرد تقويم، بل هى وثيقة حضارية تثبت عبقرية المصريين القدماء فى ربط الزمن بالطبيعة والإنسان ، وأضاف أن التقويم المصرى سبق كل تقاويم العالم، بما فيها الميلادى والهجرى، وهو ما يعكس ريادة المصريين فى فهم الزمن وتنظيمه بإرادة الخالق الله سبحانه وتعالى بل الرسالات والأديان السماوية وهو تكريم من الله نتمنى أن يكتمل بصلابة مصر وشعبها منتصرين على الصراعات الجيوسياسية”.
وأوضح أن بداية السنة المصرية فى ١١ سبتمبر تتزامن مع موسم الحصاد ونهاية الفيضان، ما يؤكد عمق الصلة بين المصريين ونهر النيل. ويرى أن استعادة الاعتماد على هذا التقويم يعزز الانتماء والوعى بالهوية المصرية المتفردة.
تعزيز الروابط الاجتماعية بين المصريين
فى ذات السياق، أوضح أستاذ علم الاجتماع الدكتور سامى منصور لـ"البوابة نيوز"، أن الاحتفال بالسنة المصرية فى ١١ سبتمبر يمكن أن يصبح مناسبة وطنية تعزز الروابط الاجتماعية بين المصريين، فالتقويم المصرى القديم لم يكن مجرد نظام حسابى، بل كان أساسًا لطقوس جماعية وأعياد ارتبطت بالزراعة والحياة اليومية. وأكد أن العودة إلى إحياء السنة المصرية ستعيد للأجيال الجديدة شعورهم بالانتماء لجذور حضارية ضاربة فى عمق التاريخ، والمصريين متميزين كشعب ودولة ولذلك هم دائما منتصرين على الصراعات الجيوسياسية التى تهزم المجتمعات الأخرى.
وأضاف أن تقويمًا مثل هذا، الذى يجمع بين الزمن والطبيعة والمجتمع، قادر على إعادة صياغة الهوية المصرية فى مواجهة التغيرات الثقافية المعاصرة.
أسس لفكرة المواسم الزراعية والأعياد الشعبية
وأردف الباحث الأثرى الدكتور أحمد حسن قائلا لـ"البوابة نيوز" : إن التقويم المصرى القديم يمثل جزءًا لا يتجزأ من التراث المصرى المادى والمعنوى، فالشهور المصرية مثل"توت"و"برمهات"و"بشنس" لا تزال مستخدمة فى الريف المصرى حتى اليوم لتحديد مواعيد الزراعة والحصاد.
وأشار إلى أن التقويم المصرى أسس لفكرة المواسم الزراعية والأعياد الشعبية، وهو ما يجعل استعادته أمرًا ضروريًا لإحياء الهوية المصرية، وأكد أن الاهتمام بالسنة المصرية الجديدة يربط بين الماضى والحاضر، ويمنح المصريين فرصة لتثبيت أنهم دائما منتصرين على الصراعات الجيوسياسية لإعادة الاعتزاز بتاريخهم كأول من نظم الزمن على وجه الأرض.
إرث حضارى عظيم
ويختتم الباحث الأثرى الدكتور أحمد حسن قائلًا لـ"البوابة نيوز": “مع بداية السنة المصرية الجديدة فى ١١ سبتمبر من كل عام، يجد المصريون أنفسهم أمام إرث حضارى عظيم صنعه أجدادهم ليكون أول تقويم ينظم الزمن ويحدد الفصول الأربعة والأعياد ومواسم الحصاد. إن إحياء السنة المصرية ليس مجرد عودة إلى الماضى، بل هو خطوة نحو المستقبل عبر تعزيز الهوية المصرية وربط الأجيال بتراثهم. فالاعتماد على التقويم المصرى يعنى تذكير العالم بأن مصر كانت أول من وضع نظامًا شاملاً لحساب الزمن، وهو ما يرسخ مكانتها كأعظم منبع للحضارة”.