الأنبا برسوم.. تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم، الاربعاء الموافق الخامس من شهر نسئ وفقًا للتقويم القبطي، بذكرى رحيل القديس الأنبا برسوم العريان.
وفقًا لما ورد في كتاب السنكسار، الذي يُسجل سير القديسين والشهداء، وُلد الأنبا برسوم العريان في مصر لعائلة مرموقة. كان والده الوجيه مفضل يعمل كاتبًا لدى الملكة شجرة الدر، فيما تنتمي والدته إلى عائلة التبان. بعد وفاة والديه،
استولى خاله على جميع ما تركاه له، لكن القديس لم يعترض أو يطالب بحقه. قرر أن يترك العالم وراءه ويعيش حياة الزهد مستلهمًا حياة القديس الأنبا بولا أول السواح. أمضى خمس سنوات خارج المدينة، متأقلمًا مع قسوة الصيف وبرودة الشتاء، مرتديًا فقط عباءة صوف بسيطة.

معلومات عن الأنبا برسوم
لاحقًا، اختار عزلة أكثر صرامة، فحبس نفسه في مغارة داخل كنيسة القديس مرقوريوس أبي السيفين لمدة عشرين عامًا. قضى هذه الفترة مكرسًا نفسه للصوم والصلاة بلا انقطاع. بعد ذلك، انتقل إلى سطح الكنيسة حيث واصل عبادته وزهده مدة تقارب خمسة عشر عامًا وسط ظروف جوية قاسية حتى أصبح جلده داكنًا بفعل النسك الشديد. هكذا قضى القديس حياته في التفاني الروحي والعبادة المستمرة.

تعرض الشعب المسيحي لاضطهاد
في عصره، تعرض الشعب المسيحي لاضطهاد شديد، حيث أغلقت الكنائس وأُجبر المسيحيون على ارتداء العمائم الزرقاء. أما القديس برسوم العريان، فقد قبض عليه الوالي وأوسعه ضربًا شديدًا ثم سجنه. وبعد إطلاق سراحه، توجه إلى
دير شهران، حيث عاش فوق سطح الكنيسة وزاد من نسكه وتقشفه، رافضًا استبدال عمامته البيضاء بالزرقاء. كان حكّام تلك الحقبة، من أمراء وقضاة وغيرهم، يترددون عليه ويشهدون تمسكه بعمامته البيضاء دون أن يجرؤ أي منهم على إجباره على الالتزام بالزي المفروض، إذ تجلّت قوة الله في حياته. ظل القديس في
الصلاة والتضرع حتى رفع الله غضبه عن شعبه، ثم تنيح في شيخوخة صالحة سنة 1033 للشهداء، عن عمر يناهز الستين عامًا، حيث دفن في دير شهران.
البابا شنودة الثالث تحدث عن الأنبا برسوم
البابا شنودة الثالث تحدث عن هذا القديس قائلاً إنه كان نموذجًا واضحًا لطالبي الملكوت ورمزًا حيًا للجهاد الروحي. رغم أن القديس برسوم العريان لم يكن كاهنًا أو راهبًا أو شماسًا، إلا أنه جسّد حياة الجهاد والسعي لخلاص النفس بشكل ملهم.
سيرة هذا القديس تظل محببة إلى قلوب الكثيرين، لأنه ترك العالم وراءه وتبع الرب يسوع بكل حب وإيمان، مدركًا أن العالم مليء بالغرور وشهوات المال. تخلى عن كل شيء وانشغل بالعلاقة الروحية مع المسيح، ليصبح علامة واضحة لمن يرغبون في السير على طريق الجهاد الروحي.

لماذا سمى بالعريان
أطلق الناس عليه لقب “العريان” بسبب ثيابه البسيطة التي لم تكن تغطي جسده بالكامل. فقد كان يرتدي قطعة من الصوف (عباءة صوفية صغيرة) لا تستر جسده تمامًا، وكان جزء منه مكشوفًا في حر الصيف وبرد الشتاء، مما جعل الناس يطلقون عليه هذا اللقب.