لا أدري، وربما الكثيرون مثلي، ما هو الدور الحقيقي لمجلس الأمن اليوم؟
هذا الكيان الذي أُنشئ ليكون حامي السلم والأمن الدوليين، أصبح أشبه بديكور سياسي فاقد الفاعلية، لا يتحرك إلا بضغط القوى الكبرى، ولا ينطق إلا بما تسمح به واشنطن ولندن وباريس، بينما تُعربد إسرائيل في المنطقة بلا رادع، وتضرب كل دولة تراها عائقًا أمام مخططاتها، دون أن يصدر عن المجلس حتى بيان إدانة شكلي.
آخر الجرائم التي تُظهر عجز المجلس أن إسرائيل استهدفت اجتماعًا سياسيًا لحركة المقاومة الفلسطينية في الدوحة، بينما كان أعضاؤه يناقشون مبادرة أمريكية لوقف إطلاق النار.
أي استخفاف أكبر من ذلك؟ صواريخ تنطلق على وفد سياسي في عاصمة عربية، وكأن الأمر مشهد عابر في فيلم أكشن رخيص، لا جريمة دولية تستحق عقابًا أو حتى تحركًا أمميًا.
إذا كان مجلس الأمن مكبّل اليدين بسبب سطوة الفيتو الأمريكي – الأوروبي، فما جدواه إذن؟ لماذا لا يُعلن حل نفسه ما دام وجوده والعدم سواء؟ بل كيف يمكن أن يستمر، بينما الدولة المستضيفة – الولايات المتحدة – تمنع وفودًا دولية من دخول أراضيها لحضور اجتماعاته،
كما فعلت مع الوفد الفلسطيني، بل ورفضت منح تأشيرة للرئيس محمود عباس؟ أليس هذا استهزاءً بالمؤسسة ذاتها؟ أليس من الأولى نقل مقره إلى بلد آخر أكثر حيادية، أو إعلان وفاته رسميًا بدلًا من تمثيل مسرحية مكشوفة؟
العالم ينهار والحروب تنتشر كالنار في الهشيم.
قوى دولية كبرى تفرض إرادتها، وعصابات ترتدي ثوب دول مثل إسرائيل وأمريكا تستبيح سيادة الضعفاء، دون محاسب ولا رادع.
ومع وصول الصواريخ الإسرائيلية إلى قطر، لم يعد هناك مجال للشك: المخطط ليس غزة فقط، ولا فلسطين وحدها، بل المنطقة كلها.
إسرائيل لم تُخف يومًا أطماعها الممتدة من النيل إلى الفرات، وتتحرك بخطوات ثابتة لإضعاف كل قوة عربية أو إسلامية، لتبقى هي الجندي الوحيد في الميدان.
أقولها بوضوح: لا وقت للشعارات الفارغة. لا وقت لانتظار بيانات الشجب. المطلوب اليوم توحّد عربي حقيقي، لا اجتماعات بروتوكولية ولا خطب فضفاضة، بل تنظيم صفوف عسكرية واقتصادية وإعلامية لمواجهة هذا المشروع الاستعماري الجديد.
ولا مانع – بل من الضرورة – أن نتعاون مع قوى كبرى مثل الصين أو روسيا أو باكستان أو حتى إيران، فالمعادلة صارت واضحة: من لا يمتلك سلاح الردع سيبقى تحت رحمة المعتدي.
أما مجلس الأمن، فقد انتهت صلاحيته، وأصبح شاهد زور على جرائم العصر.
آن الأوان لنعترف بذلك ونبني أدواتنا بأيدينا، بدلًا من التعويل على سراب.