قدم المخرج والمدرب الإيطالي أليسيو ناردين، مساء اليوم الأحد، ورشة "القناع والكوميديا"، التي تقوم فكرتها على وضع القناع في قلب العملية التدريبية للممثل.
القناع ليس مجرد أداة جمالية
وقال أليسيو ناردين، إن القناع ليس مجرد أداة جمالية، بل وسيلة تعيد الممثل إلى جذور الأداء المسرحي، وأردت أن أفتح أمام المشاركين رحلة تبدأ من التقاليد، مثل كوميديا ديلارتي، وصولاً إلى أشكال معاصرة وتجريبية، فنحن لا نكرر الماضي، بل نبحث في جوهر المسرح حيث يصبح الممثل خالق الفعل ومصدره.
وأشار ناردين إلى أن الورشة جمعت بين الجانب العملي والنظري، حيث ارتكز المسار التدريبي على ثلاثة محاور رئيسية: الجسد من خلال تقنية البايوميكانك، الارتجال، تقنيات القناع واستخداماته، فالممثل يحتاج إلى أن يعي الخلفية الفكرية والجمالية، وفي الوقت ذاته يكتشف بنفسه طاقة الجسد والخيال.
وعن تأثير الكوميديا ديلارتي في المسرح المعاصر، أوضح ناردين، أنها ليست مجرد تراث يعود للقرن السادس عشر، بل نظام متكامل ألهم كبار المسرحيين، فقد تأثر بها موليير في كتاباته، وطوّر منها مايرهولد في روسيا تقنية البايوميكانك، كما استلهمها كريج في تجاربه المعتمدة على الحركة والارتجال، وأكد أن الأهمية لا تكمن في محاكاة الأقنعة القديمة، بل في استعادة جوهر الأداء من خلال الإيقاع والديناميكية والفعل الجسدي.
وفي تقييمه لتفاعل المتدربين المصريين والعرب، صرح ناردين قائلاً: لقد فوجئت بالحماس والانفتاح لدى المشاركين، وكانوا متعطشين للتجريب ويمتلكون رغبة حقيقية في كسر الحدود التقليدية للأداء، والارتجال بالنسبة لهم لم يكن مجرد تدريب، بل لحظة اكتشاف شخصية جديدة، وهذا أمر نادر أن تجده مجتمعًا في ورشة قصيرة المدة.
وأكد ناردين، أن هذه هي مشاركته الأولى في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، مضيفًا: شعرت منذ اللحظة الأولى أنني أمام فضاء حي يحتفي بالتنوع والانفتاح، والقاهرة مدينة مليئة بالطاقة، والمهرجان فرصة ثمينة للتواصل مع ثقافات وتجارب مختلفة.
وعن العروض التي شاهدها خلال المهرجان، أفاد ناردين: لقد شاهدت أكثر من عرض، وأعجبت بالجرأة في التجريب والبحث عن أشكال جديدة للعرض المسرحي، فقد شاهدت عرضاً لتونس يمتلك حسًا مدهشًا في المزج بين التراث والحداثة، فالمهرجان هنا ليس مجرد واجهة لعرض أعمال، بل مختبر حي للتجارب المسرحية.
وفي ختام تصريحاته، وجه ناردين رسالة إلى الممثلين الشباب في مصر قائلاً:أنصحهم بأن يثقوا في الجسد كمنبع للإبداع، وأن يجعلوا من القناع وسيلة للبحث وليس غاية، فالمسرح لا يقوم على الكلمات وحدها، بل على حضور الممثل وإيقاعه وإبداعه، وإذا عادوا إلى هذا الجوهر، فسوف يجدون طريقهم إلى تجارب أكثر عمقًا وحداثة".
يشار إلى أن فعاليات الدورة الثانية والثلاثين بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، تختتم في الثامنة مساء غدا الإثنين، بالمسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية.


