في تطور مثير يفتح أبوابًا جديدة من أجل فهم أكثر دقةً لحقيقة ما جرى في هجمات 11 سبتمبر 2001، كشفت صحيفة صنداي تايمز البريطانية أدلة لم تتكن معروفة من قبل تثير تساؤلات جدية حول شخصية عمر البيومي، المواطن السعودي الذي اعتقلته السلطات البريطانية في أعقاب الهجمات.
وعلى الرغم من أن تقرير لجنة 11 سبتمبر الصادر في عام 2004 وصف البيومي بأنه "من غير المحتمل تورطه سرًا مع المتطرفين من مخططي ومنفذي الاعتداءات"، إلا أن الأدلة التي تم العثور عليها في شقته في عام 2001، والتي تم الكشف عنها مؤخرًا في دعوى قضائية مرفوعة من عائلات ضحايا 11 سبتمبر، تلقي الضوء على وجه آخر تمامًا للحقيقة.
تاريخ من التناقضات والشكوك
كانت قصة عمر البيومي مليئة بالتناقضات منذ البداية. فقد كان يعيش في الولايات المتحدة بتأشيرة طالب، بينما كان يتلقى راتبًا من شركة طيران سعودية في كاليفورنيا، على الرغم من أنه لم يكن يحضر فصولًا دراسية ولم يكن يذهب إلى العمل.
ووفقًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، كان البيومي على الأرجح عميلًا للاستخبارات السعودية، وكانت له علاقات وثيقة باثنين من خاطفي الطائرات.
هذا التناقض بين مظهره كطالب عادي ودوره الخفي كعميل استخباراتي كان كافيًا لإثارة الشكوك، لكن الأدلة الجديدة التي ظهرت تعمق من هذه الشكوك بشكل كبير.
كواليس غامضة - فيديو الكابيتول: مراقبة أم سياحة؟
ولفتت صنداي تايمز إلى أن أحد أبرز الأدلة التي كشفت عنها القضية هو مقطع فيديو صوره البيومي في واشنطن في صيف عام 1999.
في هذا الفيديو، لا يظهر البيومي مجرد سائح عادي يلتقط صورًا تذكارية، بل يقوم بتوثيق مداخل ومخارج مبنى الكابيتول ونقاط الأمن والمباني المجاورة بتفاصيل دقيقة.
وفي التسجيل، يشير البيومي إلى وجود "خطة" ويقول "سأذهب إلى هناك وأقدم لكم تقريرًا مفصلًا عما هو موجود".
يعتقد ريتشارد لامبرت، المشرف السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، أن هذا الفيديو كان يهدف إلى تقديم معلومات استخباراتية لمخططي هجمات القاعدة.
وقد أشار إلى أن معرفة موقع واشنطن مونيومنت بالنسبة للمباني الأخرى أمر بالغ الأهمية لأي شخص يخطط لهجوم.
ورغم أن الحكومة السعودية تصر على أن الفيديو مجرد تسجيل سياحي، فإن جينا بينيت، محللة مكافحة الإرهاب السابقة في وكالة المخابرات المركزية، تؤكد أن هذا الادعاء لا يتماشى مع طبيعة المحتوى.
مخطط الطائرة والمعادلة الغامضة: أدلة منسية
إضافة إلى الفيديو، عثرت الشرطة البريطانية في شقة البيومي على وثيقة تحتوي على رسم تخطيطي لطائرة ومعادلة رياضية.
هذه الوثيقة، التي تم تخزينها لأكثر من عقد من الزمان، كشف عنها بالصدفة في عام 2012، عندما كان المسؤولون يخططون لإعادة تخزين أو تدمير صناديق الأدلة.
بعد تحليلها من قبل خبراء في الطيران، توصلوا إلى أن المعادلة يمكن استخدامها لحساب معدل هبوط الطائرة لاستهداف هدف على الأفق.
وعندما سُئل البيومي عن الرسم التخطيطي في إفادة قدمها عام 2021، اعترف بأنه يخصه، لكنه ادعى أنه لا يتذكر الكثير عنه، قائلًا "ربما كانت هذه معادلة درسناها من قبل في المدرسة الثانوية، وكنت أحاول أن أتذكر ما إذا كنت سأتمكن من حلها أم لا".
علاقات البيومي بالخاطفين: صدفة أم دعم منظم؟
لا يوجد دليل قاطع يثبت أن البيومي شارك المعادلة مع أي من الخاطفين، لكن الأدلة تشير إلى أنه كان له دور أساسي في دعمهم.
فقد التقى بالخاطفين نواف الحازمي وخالد المحضار، وهما أول من وصلا إلى الولايات المتحدة، في مطعم بلوس أنجلوس.
بعد هذا اللقاء، ساعدهما في الانتقال إلى سان دييجو، ووقع على عقد إيجار شقتهما، وساعدهما في فتح حساب مصرفي، وعرّفهما على آخرين في المجتمع المحلي، مما مكنهما من الحصول على هويات حكومية والالتحاق بمدارس لتعليم الطيران.
وتقول جينا بينيت إن البيومي كان لا غنى عنه لنجاح مخطط الخاطفين، لأنهم كانوا يتحدثون الإنجليزية بالكاد ولم يكن لديهم أي خبرة سابقة في الحياة الغربية.
ويعتقد المحققون أن هذا الدعم كان حاسمًا لنجاح خطتهما، ويرفضون بشكل قاطع فكرة أنها كانت مجرد صدفة بريئة.
أسئلة معلقة حول العدالة والتحقيق
إن الكشف عن هذه الأدلة الجديدة يضعنا أمام أسئلة حرجة حول التحقيقات التي جرت بعد هجمات 11 سبتمبر.
لماذا لم يتم إطلاع فريق التحقيق في سان دييجو على فيديو الكابيتول؟ ولماذا تم تخزين مخطط الطائرة والمعادلة لسنوات دون تحليل؟ يقول داني جونزاليس، المحقق السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، إنه لم يكن يعلم بوجود الفيديو طوال 15 عامًا قضاها في العمل على القضية، وأن هذا الإخفاق يثير غضبه.
ويضيف أنه لو كان يملك هذه الأدلة، لكان قد استخدمها لبناء قضية جنائية ضد البيومي بتهمة التآمر والقتل الجماعي.
هذه التفاصيل الجديدة لا تضع البيومي في دائرة الاتهام مرة أخرى فحسب، بل تثير أيضًا تساؤلات حول إخفاقات استخباراتية محتملة، واحتمال وجود أدلة أخرى لم تُكشف عنها بعد، مما يجعل قضية 11 سبتمبر بعيدة كل البعد عن إغلاقها نهائيًا بشكل تام.