أخبار عاجلة

"البحار اللبنية": لغز الضوء الليلي في المحيطات بين الأساطير والعلم الحديث

"البحار اللبنية": لغز الضوء الليلي في المحيطات بين الأساطير والعلم الحديث
"البحار اللبنية": لغز الضوء الليلي في المحيطات بين الأساطير والعلم الحديث

لعدة قرون، تناقل البحارة قصصًا غريبة عن بحار مضيئة تظهر فجأة في الليل، حتى أن بعضهم زعموا أنهم تمكنوا من القراءة على سطح السفينة دون الحاجة إلى أي مصدر ضوء صناعي. ورغم ما بدت عليه تلك الحكايات من غرابة، فإن العلم بدأ اليوم يكشف النقاب عن واحدة من أكثر الظواهر البحرية غموضًا والتي تُعرف باسم "البحار اللبنية".

ما هي البحار اللبنية؟

تشير "البحار اللبنية" إلى ظاهرة توهج ضوئي حليبي اللون يغطي مساحات شاسعة من سطح المحيط، قد تصل إلى 100 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل تقريبًا مساحة كوريا الجنوبية.
هذا التوهج لا يلمع بشكل متقطع كما تفعل بعض العوالق البحرية، بل يشع بضوء ثابت وباهت، يمكن رصده من الفضاء بواسطة الأقمار الصناعية، وقد فُسرت هذه الظاهرة أخيرًا بطريقة علمية بعد قرون من الغموض.

بداية الاكتشاف العلمي

بدأ الباحثون، وعلى رأسهم جاستن هدسون من جامعة ولاية كولورادو، بتوثيق هذه الظاهرة من خلال جمع أكثر من 400 حالة مؤكدة لظهورها حول العالم، مما ساعد على إنشاء قاعدة بيانات شاملة.

ويأمل هدسون وفريقه أن تساهم هذه البيانات في توجيه السفن إلى مناطق البحار اللبنية مستقبلًا، لإجراء دراسات ميدانية وفهم تفاصيل أكثر دقة عن كيفية نشوء هذه الظاهرة.

المسبب البيولوجي

بحسب التحليل العلمي الأحدث، يُعتقد أن بكتيريا بحرية تُعرف باسم Vibrio harveyi هي المسؤولة عن التوهج اللبني.
تتميز هذه البكتيريا بأنها تنتج ضوءًا ثابتًا ذاتيًا دون الحاجة إلى حركة المياه (كما في حالة العوالق النباتية المضيئة).

وقد تكون هذه الإضاءة الحيوية وسيلة لجذب الأسماك بهدف البقاء داخل أجهزتها الهضمية لفترة أطول. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من التساؤلات المفتوحة، أبرزها:

لماذا يحدث هذا التوهج بكثافة في مناطق معينة؟

هل يعكس وجود هذه البكتيريا صحة النظام البيئي أم يشير إلى اختلاله؟

مشاهدات البحارة

أفاد عدد من البحارة الذين صادفوا هذه الظاهرة بأن الضوء المنتشر يشبه توهج النجوم البلاستيكية التي يزين بها الأطفال غرف نومهم.
وأكد بعضهم أنه كان بإمكانهم القراءة ليلاً على سطح السفينة دون الحاجة لأي مصابيح، في مشهد أشبه بالخيال العلمي.

هل هي نادرة أم أكثر شيوعًا مما نعتقد؟

رغم أن ظاهرة "البحار اللبنية" تُعد نادرة الحدوث، إلا أن بعض العلماء يعتقدون أنها قد تكون أكثر شيوعًا مما هو موثّق، لكنها تتطلب ظروفًا بيئية بالغة الدقة لتحدث، مثل:

درجات حرارة معينة للمياه

تركيزات محددة من البكتيريا

غياب التيارات البحرية الشديدة

وبسبب ندرتها وصعوبة رصدها لحظة حدوثها، لم يتم توثيقها علميًا بشكل موسّع إلا في السنوات الأخيرة، مع تطور وسائل الرصد الفضائي والبحث البحري.

بين الأسطورة والعلم

تجسد "البحار اللبنية" نموذجًا حيًا لكيفية تحوّل الأساطير البحرية القديمة إلى حقائق علمية مذهلة.
فرغم مرور أكثر من أربعة قرون على أولى الروايات عن هذه الظاهرة، فإنها لا تزال تحتفظ بشيء من غموضها وسحرها، وتدفع العلماء إلى التعمق أكثر في فهم أعماق المحيطات المظلمة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مبابي: هنري مهد لنا الطريق.. وتحطيم رقمه أمر جنوني
التالى "إي تاكس" تحتفي بنجاح وزارة المالية في "التسهيلات الضريبية"