في سياق التوترات الأوروبية المتصاعدة حول دعم أوكرانيا، أثار نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني جدلًا دبلوماسيًا جديدًا بسخريته من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وفقًا لصحيفة لوموند الفرنسية، رد سالفيني على اقتراح ماكرون بإرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا بعد وقف إطلاق النار، قائلًا بلكنة ميلانية تعني "ابتعد"، ومضيفًا: "اذهب إلى هناك إذا أردت. ارتدِ خوذتك، سترتك، بندقيتك واذهب إلى أوكرانيا".
هذه التعليقات، التي جاءت كرد على جهود ماكرون لتعبئة الدعم الأوروبي لأوكرانيا، أدت إلى استدعاء السفير الإيطالي في باريس، إيمانويلا داليساندرو، يوم الجمعة 23 أغسطس 2025، حيث وصفت مصادر دبلوماسية فرنسية التصريحات بأنها "غير مقبولة" وتتعارض مع الثقة والعلاقات التاريخية بين البلدين، بالإضافة إلى التقارب الأخير في دعم أوكرانيا.
يعكس هذا الحادث تاريخًا من الصدامات بين باريس وروما، خاصة منذ تولي حكومة جورجيا ميلوني اليمينية السلطة في 2022، حيث سبق لسالفيني أن وصف ماكرون بـ"المحرض على الحرب" و"المجنون".
ويثير هذا التصعيد تساؤلات حول ما إذا كانت سخرية سالفيني ستعمق الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل الاختلافات حول سياسة دعم أوكرانيا.
وفقًا لتحليلات، فإن تصريحات سالفيني، الذي يشغل أيضًا منصب وزير النقل في الحكومة الإيطالية اليمينية الشعبوية، تعكس رفضًا لأفكار ماكرون الطموحة لتعزيز الدفاع الأوروبي المستقل، مما قد يعيق الجهود المشتركة لمواجهة التحديات الروسية. على الرغم من التقارب الاستراتيجي الذي شهدته العلاقات الفرنسية-الإيطالية مؤخرًا، مثل اللقاءات بين ماكرون وميلوني في روما في يونيو 2025 لتعزيز التعاون في الدفاع والمنافسة الاقتصادية، إلا أن مثل هذه الحوادث قد تعمق التصدعات والانقسامات داخل الاتحاد، خاصة بين الدول الغربية مثل فرنسا وبريطانيا التي تدعم تعزيز الدعم لأوكرانيا، والأخرى ذات التوجهات اليمينية الشعبوية في إيطاليا وبولندا وغيرها التي تفضل الحذر.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه الصدامات قد تكون مؤقتة، إذ أن الضغوط الخارجية مثل الصراع في أوكرانيا قد تدفع إلى تعزيز الوحدة الأوروبية بدلًا من تعميق الانقسامات، شريطة أن تتمكن القيادات من تجاوز الخلافات الشخصية والسياسية.
وبينما قد تبدو سخرية سالفيني من ماكرون كحادث دبلوماسي عابر، إلا أنها تكشف عن توترات أعمق في الاتحاد الأوروبي حول السياسات الخارجية والدفاعية. وفقًا لمصادر دبلوماسية، فإن مثل هذه التصريحات قد تعيق التقارب بين روما وباريس، اللتين وقعتا معاهدة في 2021 لتعزيز التنسيق داخل أوروبا، مما يعرض الوحدة الأوروبية للخطر في وقت يحتاج فيه الاتحاد إلى تماسك أكبر أمام التحديات الجيوسياسية. ومع تزايد الضغط على ماكرون داخليًا بعد فقدان حليفه الرئيسي في روما سابقًا، قد يؤدي هذا إلى تعميق الانقسامات، إلا إذا تم التعامل معه كفرصة للحوار البناء بدلًا من التصعيد.