فيما وصف بالصدمة لمحبي الشوكولاتة، تترقب الأسواق ارتفاعا كبيرا في الأسعار لتأخر إمدادات حبوب الكاكاو من دول أفريقية.
وذكرت شبكة سي إن بي سي، في تقرير لها، إن عشاق الشوكولاتة حول العالم على موعد مع موجة جديدة من زيادة في الأسعار، نتيجة تداعيات مستمرة من أزمة إمدادات في سوق الكاكاو، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على تجار التجزئة، وقد يمتد أثره حتى العام المقبل.
ووفقا لما أوردته الشبكة، فإن أسعار الكاكاو قفزت إلى مستويات قياسية بفعل عوامل مركبة، منها سوء الأحوال الجوية، وتفشي الآفات الزراعية، بالإضافة إلى تراجع الإنتاج في غرب إفريقيا، التي تعد المصدر الرئيسي لحبوب الكاكاو عالميا، إذ توفر نحو ثلاثة أرباع الإنتاج العالمي.
وتزامنت تلك الزيادات مع موجة تضخمية عالمية دفعت أسعار المواد الغذائية، وعلى رأسها الشوكولاته، إلى الارتفاع.
ففي المملكة المتحدة، كشف تقرير صادر عن مؤسسة ويتش لحماية المستهلك أن الشوكولاته كانت الفئة الغذائية الأعلى تضخما خلال عام 2024 بنسبة بلغت 11%.
أما في الولايات المتحدة، فقد شهدت منتجات شهيرة ارتفاعا بنحو 12%.
ورغم تسجيل أسعار العقود الآجلة للكاكاو بعض التراجع خلال العام الحالي، من 8،177 دولار للطن المتري إلى 7،855 دولار، إلا أن هذه الانخفاضات لم تنعكس بعد على أسعار المنتجات النهائية.
وتوضح خبيرة السلع الزراعية في "جي بي مورجان" تريسي ألين، أن هناك تبعات لما شهدته الأسواق حيث بلغت أسعار الكاكاو مستويات غير مسبوقة، ما أدى إلى تحميل تكاليف الإنتاج المرتفعة على المستهلكين.
وعلى الرغم من بوادر التحسن في جانب المعروض، مدفوعة بتحسن الأحوال المناخية وارتفاع وتيرة الإنتاج في بلدان كالإكوادور والبرازيل، إلا أن التوقعات لا تشير إلى عودة أسعار الكاكاو إلى ما كانت عليه قبل الأزمة.
ويرجح خبراء السوق أن تستقر الأسعار عند مستويات مرتفعة في ظل استمرار التحديات الهيكلية في سلاسل الإمداد.
في المقابل، اجمع الخبراء على أن التحديات الهيكلية الراسخة في دول الإنتاج الرئيسية، وعلى رأسها غانا وكوت ديفوار لا تزال تشكل عائقا جوهريا أمام تعافي الإمدادات العالمية.
وتشمل هذه العقبات انتشار الأمراض الزراعية، وغياب الاستثمارات الكافية في البنية التحتية للزراعة، مما يُبقي الضغوط التضخمية قائمة في أسواق الكاكاو.
وفي المملكة المتحدة، يواجه المنتجون أعباء إضافية ناجمة عن ارتفاع الحد الأدنى للأجور وتزايد تكاليف العمالة، بينما تنذر الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة بإضافة مزيد من الأعباء على الأسعار النهائية للمنتجات.
وفي ضوء هذه المعطيات، ورغم بعض التفاؤل بتحسن محدود في العرض مع اقتراب موسم عيد الفصح، فإن المستهلكين على الأرجح سيواصلون دفع أسعار مرتفعة مقابل منتجات الشوكولاته، لفترة لا يُتوقع أن تكون قصيرة.
وبحسب بيانات المنظمة الدولية للكاكاو، تصدرت كوت ديفوار قائمة الدول المنتجة للكاكاو خلال موسم 2024/2025، بإجمالي إنتاج بلغ نحو 2.23 مليون طن متري، ما يعزز موقعها كأكبر مصدر عالمي لهذه المادة الحيوية.
وجاءت غانا في المرتبة الثانية بإنتاج يقدر بحوالي 883.6 ألف طن، محافظة على دورها المحوري في سوق الكاكاو العالمي، رغم التحديات المناخية والهيكلية التي تواجهها.
أما المركز الثالث، فكان من نصيب إندونيسيا بإنتاج قدره 700 ألف طن متري، تلتها نيجيريا ثم البرازيل بإجمالي 287 و250 ألف طن متري على التوالي، ما يعكس استمرار تنوع خارطة الإنتاج العالمي خارج غرب إفريقيا، ولو بنسب أقل.
وكان محصول الكاكاو في كوت ديفوار وغانا قد شهد تراجعا ملحوظا في 2024 بسبب عوامل عدة منها التغيرات المناخية التي أدت إلى جفاف واسع يغطي أكثر من ثلث الأراضي، إلى جانب أمطار غزيرة تسببت في تعفن الحبوب وانتشار أمراض مثل فيروس تورم الشوكولاتة
كما زادت أنشطة التعدين غير القانوني للذهب من تلوث المياه وتهجير المزارعين، جميغ هذه العوامل أدت إلى تراجع الإنتاج بنسبة تفوث 10% في الموسم الأخير، مما أثر على إمدادات الكاكاو العالمية ورفع الأسعار بشكل حاد.