أخبار عاجلة

محلل سياسي: بوليفيا تتحول نحو اليمين ولكن سيظل إرثها الاشتراكي باقيا

محلل سياسي: بوليفيا تتحول نحو اليمين ولكن سيظل إرثها الاشتراكي باقيا
محلل سياسي: بوليفيا تتحول نحو اليمين ولكن سيظل إرثها الاشتراكي باقيا

في السابع عشر من الشهر الجاري ،رفض الناخبون البوليفيون بأغلبية ساحقة حزب الحركة نحو الاشتراكية (إم أيه إس) اليساري الذي كان قويا في السابق بعد قرابة عشرين عاما في سدة الحكم . وفي مطلع الألفية الثانية،أصبح حزب إم أيه إس ومؤسسه إيفو موراليس، وهو زعيم نقابة مزارعي الكوكا ، رمزا لما اعتبره كثيرون عصرا جديد للدمج السياسي للسكان الأصليين والفقراء في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية. وبالنسبة لآخرين ، كان هذا  تيارا من الاستبداديين اليساريين الراديكاليين.

 

ويقول كريستوفر ساباتيني، وهو زميل باحث أول في برنامج أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة والأمريكتين في معهد تشاتام  هاوس البريطاني(المعروف رسميا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية) ،  إنه بعد عقدين من تعزيز السلطة الشخصية، والفضيحة والانهيار الاقتصادي، يريد الناخبون البوليفيون  تغييرا.

 

والمرشحان الرئاسيان اللذان سوف يتواجهان في الجولة الثانية للانتخابات في التاسع عشر من شهر أكتوبر /تشرين الأول المقبل ، هما السيناتور (يمين الوسط) رودريجو باز والرئيس المؤقت المحافظ السابق  (2001-2002) خورخي ”توتو“ كويروجا ، وهو خصم منذ فترة طويلة  لحزب الحركة نحو الاشتراكية .

 

وأضاف ساباتيني ، في تقرير تشؤخ المعهد ،أن السؤال الذي يطرح نفسه  هو ماذا سوف يحدث لإرث حزب إم أيه إس ، بالنسبة لكل من الجانب الجيد  من هذا الإرث ، والمتمثل في  منح صوت سياسي للسكان الاصليين البوليفيين ، والجانب السيئ منه والمتمثل في أفول عبادة الشخصية لموراليس والاستقطاب والانهيار الاقتصادي.

 

وربما يكون الشيء الأكثر أهمية  هو ما سوف تعنيه هزيمة مدوية لحزب إم أيه إس بالنسبة للحكومات  اليسارية المناهضة للديمقراطية التي كانت قوية في السابق في أمريكا اللاتينية ، والتي لاتزال تحكم في كوبا ونيكاراجوا وفنزويلا ، وبالنسبة لعلاقات بوليفيا الوثيقة مع الصين.

 

وقبل عقدين من الزمن، بدت حركة الاشتراكية  قوة  لا تكاد  تقهر ، وتم انتخاب مؤسسها موراليس رئيسا للبلاد  ، و تم  انتخاب  مرشحي الحزب لعضوية الكونجرس (البرلمان).

 

وأصبح موراليس، وهو من سكان أيمارا  الأصليين، الوجه الجديد لما اعتقد كثيرون أنه نظام حزبي أكثر شمولا  وتمثيلا   في الدولة التي غالبية مواطنيها من السكان الأصليين  .

 

وبعد مرور عامين على انتخابه، دعا الرئيس موراليس إلى عقد جمعية تأسيسية أعادت صياغة  الدستور، بهدف إبراز التوازن   الجديد للقوة  الشعبية  والسياسية. 

 

وتضمن ذلك الانتخاب الشعبي لكل القضاة ومنح حقوق جديدة للسكان الأصليين وذوي الأصول الأفريقية وإطلاق اسم جديد للبلاد: وهو دولة بوليفيا متعددة القوميات.

 

ولكن مع حلول عام 2025،شعر البوليفيون بالسأم . ووفقا لاستطلاع للرأي قبل الانتخابات ،  اعتقد أكثر من 93% من الناخبين أن وضع البلاد سيء أو سيء جدا.

 

وتابع ساباتيني  أنه ليس من الصعب تصور السبب وراء ذلك . فقد شهد اقتصاد بوليفيا ازدهارا اقتصاديا   بعد فترة  قصيرة من  تنصيب موراليس عام 2006. واستفادت البلاد بشكل خاص من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي العالمية، نظرا لأنها دولة غنية بالغاز .

 

وبعد مرور 100 يوم على توليه السلطة ، قأمت حكومة موراليس  بتأميم قطاع النفط والغاز في بوليفيا.  وفي البداية، تم ضخ   عائدات صادرات الغاز  في برامج الرعاية الاجتماعية التي  قلصت الفقر وخفضت أسعار الطاقة والمواد الغذائية من خلال الدعم العام.

 

ولكن اسعار الغاز تراجعت في نهاية المطاف في الوقت الذي تم فيه القيام باكتشافات  في كل مكان ، وعجزت شركة الغاز المملوكة للدولة عن ضخ استثمارات لمواصلة الانتاج وأدخار أموال .

 

ومع  حلول عام  2024، كان الاقتصاد يحقق نموا  بأكثر  قليلا من 1%. أما اليوم، فقد تم  تقريبا استنفاد  احتياطيات البنك المركزي ، وبلغت  نسبة التضخم 23%في يونيو، واضطرت البلاد إلى استيراد الوقود.

 

وقد أدى ذلك إلى نقص في الوقود وارتفاع  أسعار المواد الغذائية، مما جعل اسعار الاحتياجات الأساسية تفوق القدرة الشرائية للكثير من المواطنين.

 

وبالإضافة إلى إرث الفشل الاقتصادي، سوف يضطر الفائز في جولة الإعادة في 19 أكتوبر إلى مواجهة آثار عبادة شخصية موراليس والقاعدة الموالية له .

 

وبعد منعه من الترشح لإعادة انتخابه وتحصنه  في مجمع في غابة لتجنب اعتقاله بتهمة اغتصاب قاصر، دعا موراليس أتباعه إلى إبطال بطاقات الاقتراع الخاصة بهم في 17 أغسطس في محاولة لتجريد الانتخابات من الشرعية. 

 

ورغم خسارتهم الكبيرة لشعبيتهم في صناديق الاقتراع، من غير المرجح أن يظل الرئيس السابق وحزبه على الهامش لفترة طويلة.

 

وسواء  تم تنصيب  باز أو كويروجا في شهر نوفمبر /تشرين الثاني المقبل، سوف يواجه الرئيس الجديد تحديات كثيرة . ومن المرجح أنه سوف يتعين عليه إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي لاستعادة سيولة البنك المركزي ،وسوف يتضمن ذلك خفض النفقات العامة بما في ذلك البرامج الاجتماعية السخية  والدعم  من جانب حزب إم أيه إس .

 

وسوف يتمتع أي من الرئيسين بدعم كتلة وسط كبيرة نسبيا من النواب في مجلس النواب.    

 

وسوف يساعد هذا على تسريع وتيرة سياسات مثل منح امتيازات تأخرت كثير بالنسبة لاحتياطيات بوليفيا  الغنية بالليثيوم للمستثمرين الغربيين، بدلا من المستثمرين الصينيين والروسي الذين كان تم في الأصل منحهم  الوصول التفضيلي ولكنهم لم يسعوا لزيادة الانتاج.

 

وربما تساعد مثل هذه الاستثمارات في تخفيف حدة أزمة  التقشف المالي الحتمي.

 

وسوف يعني التحول صوب اليمين أيضا تغييرات في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية لبوليفيا . ومن غير المرجح  أن تراقب الدول الحليفة   لحزب إم أيه إس في المنطقة مثل كوبا وفنزويلا المشهد ببساطة من الهامش في الوقت الذي ينزلق فيه حليفهما الاشتراكي إلى غياهب النسيان ونفس الأمر ينطبق على الصين.

 

وأعرب كل من باز وكويروجا عن خطط لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة التي كانت فاترة  إبان حكم موراليس،الذي طرد الوكالة الامريكية لمكافحة المخدرات  من البلاد .

 

ولكن أي علاقات أوثق مع البيت الأبيض سوف يرافقها حتما ضغط لقطع أو خفض العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع بكين.

 

وسوف يراقب موراليس كل هذه التطورات ، وربما يتم هزيمته واضعافه ولكن لايزال يمكنه حشد الشارع . ولم يكن  أبدا الدعم الانتخابي ، أو عدمه بالتالي ، ذو أهمية كبيرة  بالنسبة لموراليس .ورغم أنه صعد لسدة الحكم في نهاية المطاف من خلال الانتخابات ، فإنه لم يلتزم بها أبدأ.

 

ورغم التحليل الاحتفالي الذي يعلن أن هذه الانتخابات تعد بمثابة نهاية حقبة حزب إم أيه إس  ونموذجها للاشتراكية في بوليفيا، فإنه ربما يكون من المناسب  توخي قليل من الحذر .

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تفاصيل إنشاء مدرسة جديدة للتعليم المزدوج داخل مصنع بالفيوم
التالى الهيئة العامة للتأمين الصحي ترصد حصاد الخدمات المقدمة للمستفيدين في إقليم القناة