رغم أن الحوادث النووية أو الإشعاعية نادرة الحدوث، إلا أن آثارها المحتملة قد تكون كارثية وتتجاوز الحدود في غضون ساعات قليلة. من هنا يبرز الدور الحيوي لـ مركز الحوادث والطوارئ التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، الذي يعمل على مدار الساعة كغرفة عمليات عالمية لمراقبة أي طارئ نووي أو إشعاعي، والتنسيق مع الحكومات والمنظمات الدولية لتقليل المخاطر وحماية الأرواح والبيئة.
مدير المركز: كل دقيقة تصنع الفارق
ويقول كارلوس توريس فيدال، مدير مركز الحوادث والطوارئ: "أكثر من 1500 مستخدم من 173 دولة و21 منظمة دولية يعتمدون على أنظمتنا للإبلاغ السريع والمساعدة. مهمتنا أن نضمن أن تصل المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب، لأن كل دقيقة في الطوارئ قد تصنع الفارق بين السيطرة على الوضع أو تحوله إلى كارثة عابرة للحدود."
استجابة فورية للأزمات
المركز يضم 29 خبيرًا دائمًا وأكثر من 200 موظف احتياطي، جاهزين للتدخل فور تلقي أي بلاغ يفي بالمعايير الدولية.
في يناير 2024، وبعد أقل من ساعة على وقوع زلزال قوي في اليابان، تلقى المركز بلاغًا عبر نظام USIE يفيد بتأثر ست محطات نووية محتملة. وفي غضون دقائق، أكد خبراء المركز سلامة الوضع وأرسلوا التحديثات فورًا إلى الحكومات والجمهور، مما ساهم في طمأنة الرأي العام.
وفي مايو 2024، تدخلت الوكالة لمساعدة ليبيريا بعد العثور على مصدر إشعاعي في مصرف لمياه الأمطار بأحد المستشفيات الكبرى، وهو ما سمح باستمرار العمل الطبي دون تعطيل أو مخاطر.
إطار قانوني دولي
ينفذ المركز مهامه وفق اتفاقيات دولية أساسية، أبرزها:
اتفاقية التبليغ المبكر عن الحوادث النووية، التي تلزم الدول بتبادل المعلومات العاجلة لتقليل المخاطر.
اتفاقية تقديم المساعدة في حالات الحوادث النووية أو الطوارئ الإشعاعية، التي تتيح للدول طلب الدعم الفني واللوجستي عند الحاجة.
أدوات متقدمة للجاهزية
يعتمد المركز على مجموعة من الأنظمة والأدوات التقنية:
USIE: منصة آمنة لتبادل المعلومات بين الدول.
IRMIS: لعرض بيانات الإشعاع عالميًا وتحديد الإجراءات الوقائية المناسبة مثل الإخلاء أو الاحتماء.
أداة تقييم المفاعلات: تعرض وضع المنشآت النووية بلغة مبسطة ورسوم بيانية ملونة لسرعة إيصال المعلومات.
شبكة RANET الدولية: تضم دولًا تقدم فرق خبراء ومعدات لمساندة أي دولة تحتاج إلى دعم ميداني.
شراكات إقليمية ودولية
الوكالة تتعاون بشكل وثيق مع منظمات دولية مثل:
منظمة الصحة العالمية (WHO) لدعم الاستجابة الطبية.
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) لتوفير بيانات التشتت الجوي.
اللجنة المشتركة بين الوكالات للطوارئ النووية والإشعاعية (IACRNE)، حيث تتولى الوكالة أمانتها العامة.
تدريب وتعزيز القدرات الوطنية
لا يقتصر عمل المركز على التدخل أثناء الأزمات، بل يشمل أيضًا بناء القدرات الوطنية عبر تدريبات عملية، وورش عمل، وبعثات تقييم ميدانية (EPREV) لمراجعة خطط الدول واستعداداتها بما يتماشى مع المعايير الدولية.
فمن خلال الجاهزية الدائمة، والأنظمة التقنية المتطورة، والتعاون الدولي، يظل مركز الحوادث والطوارئ في الوكالة الدولية للطاقة الذرية خط الدفاع الأول للعالم في مواجهة أي طارئ نووي أو إشعاعي، ضامنًا أن تكون السلامة العالمية دائمًا أولوية قصوى.