فجر يوم الخميس، 21 أغسطس 2025، تم تنفيذ حكم الإعدام في سجن استئناف القاهرة، بعد أن استُكملت جميع الإجراءات القانونية، وأُخطر أهل الضحية والمتهم على حد سواء، ليتم إسدال الستار على واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها محافظة الإسماعيلية، يرصد لكم تحيا مصر تفاصيلها.
جريمة هزت مدينة بأكملها
في ظهيرة يوم عادي بمدينة الإسماعيلية، وسط الزحام المعتاد وحركة المارة، انقلب المشهد إلى رعب حقيقي، حين ظهر شاب في العشرينات من عمره يحمل سلاحًا أبيض ويتجه بخطى سريعة نحو رجل يقف مطمئنًا على جانب الطريق. لحظات قليلة كانت كفيلة بتحويل هذا اللقاء إلى فاجعة مروعة، حين انقض الشاب على الرجل وذبحه أمام أعين الناس، ثم راح يسير في الشارع وهو يحمل رأس الضحية المفصولة عن الجسد.
لم يكن أحد يتخيل أن ما يشاهده حقيقي، البعض اعتقد أنها مشاهد تمثيلية، لكن الحقيقة كانت أبشع بكثير. الرجل الذي نُحر أمام الجميع هو جار المتهم وصديقه القديم، والقاتل هو عبد الرحمن نظمي، الملقب بـ"دبور"، والذي اشتهر بعدها باسم "سفاح الإسماعيلية".
بداية القصة: من هو دبور؟
عبد الرحمن نظمي، شاب من أبناء محافظة الإسماعيلية، يبلغ من العمر 29 عامًا تقريبًا. كان معروفًا في منطقته بأنه شاب مضطرب السلوك، أدمن تعاطي المخدرات لفترة طويلة، وكان دائم الشجار، خصوصًا بعد انفصاله عن زوجته، بحسب ما رواه بعض الجيران، مر دبور بتغيرات نفسية واضحة في الفترة الأخيرة قبل الجريمة، وكان كثير التردد على أماكن تعاطي المواد المخدرة، وخاصة الإستروكس.
المجني عليه، بحسب أقوال الشهود، كان صديقًا قديمًا لدبور، لكن بينهما خلافات قديمة عادت إلى الواجهة قبل الجريمة بأيام، ومع ذلك، لم يكن أحد يتوقع أن تلك الخلافات ستنتهي بجريمة قتل بهذا الشكل الوحشي.
لحظة ارتكاب الجريمة
في ظهيرة يوم الحادث، خرج دبور من منزله وهو يحمل سكينًا كبيرة رصده المارة وهو يتجه نحو ضحيته بخطى حازمة، ثم قام بطعنه في الرقبة عدة مرات بطريقة عنيفة، حتى فصل الرأس تمامًا. ولم يكتفِ بذلك، بل ظل يحمل الرأس المقطوعة ويمشي بها أمام المارة، وسط صرخات النساء وصيحات الذهول من الرجال.
بعض الشبان حاولوا التصدي له، لكنه أصاب اثنين منهم أثناء محاولتهم منعه من الهروب. وأخيرًا، استطاع مجموعة من الأهالي الإمساك به وتسليمه إلى الشرطة التي حضرت على الفور.
القبض والتحقيقات
عند القبض عليه، كان دبور في حالة غير طبيعية، تتسم بالهياج والانفعال. في قسم الشرطة، بدأ يروي تفاصيل الجريمة بهدوء مفاجئ، وأكد أنه ارتكبها بسبب خلافات قديمة، وأنه كان يشعر بأن المجني عليه يهدده دائمًا، كما أقر بتعاطيه المخدرات قبل تنفيذ الجريمة، لكنه لم يُظهر أي ندم حقيقي.
النيابة العامة بدأت التحقيقات في الحال، ووجهت إليه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، ومحاولة قتل آخرين، بالإضافة إلى حيازة سلاح أبيض بدون ترخيص.
تم عرض المتهم على الطب الشرعي لإجراء فحص نفسي، وخلص التقرير إلى أنه سليم عقليًا ونفسيًا وقت ارتكاب الجريمة، ما يعني أنه كان مدركًا تمامًا لأفعاله، ويمكن محاسبته جنائيًا دون عذر.
المحاكمة والحكم
تمت إحالة القضية إلى محكمة الجنايات، التي بدأت جلساتها وسط اهتمام إعلامي وشعبي غير مسبوق. في الجلسات، سردت النيابة مشاهد الجريمة بالتفصيل، وعرضت فيديوهات مصورة من كاميرات المراقبة، التي أوضحت لحظة ارتكاب الجريمة بشكل صادم.
دفاع المتهم حاول الدفع بأنه كان تحت تأثير المخدرات، وأنه لم يكن في وعيه الكامل، لكن المحكمة لم تقبل هذا الدفاع، خصوصًا بعد تقرير الطب النفسي الذي أكد سلامة قواه العقلية.
بعد عدة جلسات، قضت المحكمة بـالإعدام شنقًا للمتهم، مؤكدة أن الجريمة خرجت عن كل حدود الإنسانية والأخلاق والدين، وأن تنفيذ حكم الإعدام ضروري لردع من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الأفعال.
الطعن ورفض النقض
لم يستسلم دفاع دبور للحكم، وقدم طعنًا أمام محكمة النقض، مطالبًا بإعادة النظر في الحكم، مشيرًا إلى وجود إخلال في الدفاع وأخطاء في تطبيق القانون، إلى جانب الظروف النفسية للمتهم.
لكن بعد دراسة القضية، رفضت محكمة النقض الطعن، وأيّدت الحكم بالإعدام، ليصبح بذلك نهائيًا وباتًّا، غير قابل لأي طعن جديد.
خلال فترة حبسه، كان دبور يُرسل رسائل إلى عائلته يطلب منهم أن يسامحوه، ويطلب الدعاء، كما ظهر عليه التغير في سلوكه داخل محبسه، بحسب بعض التقارير. في إحدى رسائله الأخيرة، طلب مصحفًا وسواكًا وأوصى بسداد ديونه، وكأنّه يتهيأ للنهاية.
وفي فجر يوم الخميس، 21 أغسطس 2025، تم تنفيذ حكم الإعدام في سجن استئناف القاهرة، بعد أن استُكملت جميع الإجراءات القانونية، وأُخطر أهل الضحية والمتهم على حد سواء.
نُفذ الحكم بهدوء، لكن وقعه كان كبيرًا على أهالي الإسماعيلية، الذين شعروا بشيء من العدالة يتحقق، بعد انتظار دام قرابة 4 سنوات.

عقب إعلان تنفيذ حكم الإعدام، سادت حالة من الارتياح وسط أهالي الضحية، بل إن بعض المناطق في الإسماعيلية خرج فيها سكانها تعبيرًا عن رضاهم بالحكم. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، عادت قصة دبور إلى الواجهة مجددًا، وتناقل الناس قصته كعبرة لمن يفكر في ارتكاب الجرائم البشعة.
خاتمة: جريمة لن تُنسى
قصة سفاح الإسماعيلية لن تُمحى من ذاكرة المصريين بسهولة، فقد جمعت بين البشاعة والعلنية والتوثيق المصور، ما جعلها تختلف عن أي جريمة مماثلة. لكنها في النهاية أكدت أن القانون يظل حاضرًا، وأن العدالة، وإن تأخرت أحيانًا، لا تتخلى عن دورها في الاقتصاص للمظلومين.
رحل دبور، وبقيت قصته درسًا قاسيًا عن المصير المظلم لمن يسلك طريق العنف والإدمان، وعن خطر التغاضي عن الانهيار الأخلاقي في بعض البيئات، خصوصًا حين تتراكم عوامل الإحباط، والمخدرات، والانفصال الاجتماعي.