في أسواق النفط، لا تأتي التقلبات من فراغ؛ فكل خبر سياسي أو اضطراب جغرافي يترك بصمته فورًا على حركة الأسعار، ومع أن الآمال انعقدت مؤخرًا على انفراجة في الأزمة الأوكرانية، جاءت المستجدات لتبدد تلك التطلعات، وتعيد إلى الواجهة شبح نقص المعروض وتشديد العقوبات، لتدخل الأسواق من جديد في دوامة القلق والتذبذب.
أسعار النفط العالمي اليوم الأربعاء
شهدت أسعار النفط العالمية صباح اليوم الأربعاء ارتفاعًا ملحوظًا بعد أن عادت المخاوف بشأن الإمدادات إلى الواجهة، وذلك نتيجة تعثر محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا التي كان يعوّل عليها لإنهاء الحرب الممتدة منذ سنوات، هذا التعثر يعني استمرار العقوبات المفروضة على موسكو وربما تشديدها، وهو ما انعكس بشكل مباشر على أسواق الطاقة العالمية.
ارتفعت عقود أكتوبر الأكثر تداولًا 15 سنتًا
ففي تعاملات العقود الآجلة، ارتفع خام برنت تسليم أكتوبر بنسبة 0.21% ليصل إلى 65.93 دولارًا للبرميل، بينما زادت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم سبتمبر – التي تنتهي آجالها اليوم – بنسبة 0.59% لتسجل 62.72 دولارًا، في حين ارتفعت عقود أكتوبر الأكثر تداولًا 15 سنتًا مسجلة 61.92 دولارًا للبرميل.
وكانت الأسواق قد أغلقت أمس الثلاثاء على انخفاض تجاوز 1% مدفوعة بآمال قرب التوصل إلى تسوية سياسية، وهو ما كان سيفتح الباب لتخفيف العقوبات وزيادة المعروض، لكن المستجدات أوضحت أن هذه الرؤية كانت مفرطة في التفاؤل، خاصة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أشار فيها إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "قد لا يكون راغبًا في التوصل لاتفاق حاليًا".
وأضاف ترامب أنه يسعى لجمع بوتين ونظيره الأوكراني زيلينسكي في لقاء مباشر، يعقبه قمة ثلاثية ربما تُعقد في المجر، إلا أن روسيا لم تعلن بعد موقفها النهائي من المشاركة.
وفي تحليله للموقف، كتب دانيال هاينز، كبير استراتيجيي السلع في بنك ANZ، أن التوصل لحل سريع للأزمة مع روسيا أصبح احتمالًا بعيدًا، مما يجعل المخاطر الجيوسياسية ذات تأثير مستمر ومباشر على أسواق الطاقة.
ولم تقتصر الضغوط على البعد السياسي فحسب، بل زادت تعقيدًا بسبب أنباء عن تعطل عمليات مصفاة تابعة لشركة "بي بي" في ولاية إنديانا الأمريكية بطاقة إنتاجية تقارب 440 ألف برميل يوميًا.
حيث تسببت الفيضانات الناجمة عن عاصفة رعدية قوية في توقف بعض الأنشطة التشغيلية، ما قد يضغط على سوق الوقود المحلي في الولايات المتحدة ويرفع مستويات الطلب على الخام.
اضطرابات الإنتاج في بعض المصافي
ويجمع محللون على أن تداخل هذه العوامل – من تعثر المحادثات الدبلوماسية واستمرار العقوبات، إلى اضطرابات الإنتاج في بعض المصافي – قد يعزز الاتجاه الصعودي لأسعار النفط في الفترة المقبلة، خصوصًا مع بقاء الطلب العالمي قويًا واقتراب فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وهو ما يضع الأسواق أمام مرحلة جديدة من عدم اليقين.