لم تكن كلمات الطفل الفلسطيني عبد الله أبو زرقة، صاحب السنوات الخمس، سوى صرخة بريئة خرجت من قلب الجوع، لكنها اخترقت الضمائر في كل مكان حين قال: «أنا جعان». عبارة قصيرة، لكنها تحوّلت إلى عنوان لمعاناة غزة، ومرآة لجوع أطفالها تحت الحصار الطويل.
جسد أنهكه المرض والحصار
وُلد عبد الله بجسد ضعيف، يفتك به هشاشة العظام ونقص فيتامين (د)، ما أدى إلى تآكل الكالسيوم وضعف قفصه الصدري، ليصبح التنفس والحركة معركة يومية. في غزة، حيث نقص الأدوية مزمن، كان مرضه يتفاقم بلا علاج مناسب.
رحلة علاج لم تكتمل
بعد جهود مضنية، تمكنت أسرته من نقله إلى تركيا أملًا في العلاج. لكن الأمل تبدّد سريعًا حين ساءت حالته فجأة داخل أحد مستشفيات مدينة أضنة، حيث أعلن الأطباء وفاته. وهكذا، توقفت صرخة «أنا جعان» عند حدود الموت، بينما ظلّ الحصار قائمًا.
مأساة تتواصل مع شقيقته
لم تنته القصة عند عبد الله؛ فشقيقته الصغيرة حبيبة ترقد اليوم في المستشفى بين الحياة والموت، تعاني تضخمًا في الكبد، تسممًا في الدم، وسوء تغذية حادًا. والدتها، المكلومة بفقدان ابنها، لا تزال تتمسك بخيط الأمل الأخير، تطالب بإنقاذ ابنتها قبل أن يتكرر المشهد ذاته.
غزة.. موت تحت الحصار
الأمم المتحدة تؤكد أن 80٪ من ضحايا التجويع في غزة هم من الأطفال. فيما يشير برنامج الأغذية العالمي إلى أن معدلات الجوع وسوء التغذية في القطاع بلغت مستويات غير مسبوقة منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023.
صرخة في وجه العالم
رحل عبد الله، لكن صرخته ستبقى: «أنا جعان». ليست صرخة طفل فقط، بل نداء إنساني يذكّر العالم بأن في غزة أطفالًا يواجهون الموت يوميًا بسبب الحصار والجوع. إنها دعوة عاجلة لفتح المعابر، إدخال الغذاء والدواء، وإنقاذ من تبقّى من أرواح بريئة.
في النهاية؛ يودّع العالم عبد الله، تبقى قصته شهادة على أن الجوع أخطر من الرصاص، وأن إنقاذ طفل في غزة يعني إنقاذ مستقبل شعب بأكمله.
){kind=link}