
تشهد مصر ومعظم دول الشرق الأوسط موجة شديدة الحرارة، في إطار سلسلة من التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، نتيجة تأثر البلاد بمرتفع جوي أدى إلى ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة.
وقالت الدكتورة منار غانم، عضو المركز الإعلامي بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، إن البلاد تمر بذروة الموجة الحارة، متأثرة بمرتفع جوي في طبقات الجو العليا، مع زيادة فترات سطوع الشمس وارتفاع معدلات الرطوبة، وذلك بسبب تعرض منطقة شرق البحر المتوسط لظاهرة مناخية تعرف باسم "القبة الحرارية"، وهي موجة حر حادة وغير مسبوقة.
وأوضحت هيئة الأرصاد الجوية أن الموجة شديدة الحرارة ستستمر على أغلب أنحاء الجمهورية، حيث من المتوقع أن تسجل درجة الحرارة العظمى في القاهرة الكبرى 42 درجة مئوية في الظل، وتصل إلى 49 درجة في جنوب الصعيد، بينما تتراوح درجات الحرارة المحسوسة بين 41 و47 درجة على معظم المناطق، وسط ارتفاع نسب الرطوبة التي تزيد الإحساس بحرارة الطقس.
ماهي القبة الحرارية؟
تُعد "القبة الحرارية" ظاهرة مناخية نتيجة لتكوّن منطقة ذات ضغط جوي مرتفع في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، تؤدي إلى تسخين الهواء في الطبقات السفلى بفعل عملية ديناميكية تُعرف بـ "التسخين تحت الضغط".
في حالة تكون "القبة الحرارية"، يُضغط الهواء نحو الأسفل تحت تأثير المرتفع الجوي العلوي، ما يؤدي إلى تكوّن ما يُعرف بالقبة الحرارية، وهي كتلة من الهواء السطحي الساخن تختلف شدتها باختلاف الموقع الجغرافي، قوة المرتفع الجوي، وتوقيت حدوث الظاهرة خلال العام.
القاتل الصامت
وتأتى خطورة ارتفاع الحرارة بانه يتسبب بضرر شديد سواء على المستوى الإنساني او البيئي، حيث قال نائب الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، كو باريت: "يُطلق على الحرارة الشديدة أحيانًا اسم القاتل الصامت، ولكن مع العلم والبيانات والتقنيات الحديثة، لم يعد الصمت عذرًا. فكل حالة وفاة ناجمة عن الحرارة الشديدة يمكن الوقاية منها".
وتُشير التقديرات المُنمذجة إلى أنه بين عامي 2000 و2019، حدثت حوالي 489,000 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة كل عام، وهذه الأرقام لا تعبر بشكل كافي فمن المعترف به عالميًا أن التشخيص والإبلاغ الرسمي عن الأمراض والإصابات والوفيات المرتبطة بالحرارة لا يتم الإبلاغ عنها بالشكل الكافي.
ويعتبر تأثير تغيرات المناخية في المدن أكثر وضوحا، ويكون تأثير الحرارة على صحة الإنسان أكثر بسبب تأثير "جزيرة الحرارة الحضرية"، كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة هم الأكثر عرضة للخطر.
ذروة الحرارة في 2025
كان شهر يوليو 2025 ثالث أدفأ شهر يوليو على مستوى العالم (بعد يوليو 2023 و2024)، وفقًا لخدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، وتستمر ارتفاع درجات الحرارة في شهر أغسطس الجاري.
وأفاد تحديث صادر عن المركز العالمي للأرصاد الجوية في بكين بتاريخ 5 أغسطس الماضي أن درجات الحرارة العظمى تجاوزت 42 درجة مئوية في أجزاء من غرب آسيا وجنوب آسيا الوسطى ومعظم شمال إفريقيا وجنوب باكستان وجنوب غرب الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي، مع تجاوز درجات الحرارة في بعض المناطق 45 درجة مئوية.
كما تجاوزت درجات الحرارة العظمى في جنوب غرب جمهورية إيران الإسلامية وشرق العراق 50 درجة مئوية محليًا، مما تسبب في انقطاعات في إمدادات الكهرباء والمياه والتعليم والعمل.
وأصدرت الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية في المغرب تحذيرًا من ارتفاع درجات الحرارة إلى ما بين 40 و47 درجة مئوية خلال أسبوع 4 أغسطس.
وقال عمر بدور، رئيس مراقبة المناخ في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: "عادةً، خلال فصل الصيف، قد يؤدي الجمع بين الحرارة الشديدة على السطح والهواء البارد في الأعلى إلى هطول أمطار غزيرة وفيضانات مفاجئة مدمرة على التضاريس المرتفعة، مما يؤثر على حياة المزيد من الناس والبنية التحتية والانهيارات الأرضية".
ظواهر أخرى
تزامناً مع موجة الحر الشديد شهد صعيد مصر في أقصى الجنوب، تقدم الفاصل المداري داخل الحدود المصرية مما تسبب في نشوب رياح جنوبية حارة ورطبة محملة ببعض الأتربة نتيجة نشاط الرياح المصاحب للسحب الرعدية في المناطق المدارية
ووفقا لهيئة الأرصاد الجوية المصرية فإن الفاصل المدارى ( ITCZ)يفصل بين الكتلة الشمالية الجافة والكتلة الجنوبية الرطبة حيث يمثل حزام من الضغط المنخفض يدور حول الأرض بشكل عام بالقرب من خط الاستواء وتتجمع الرياح التجارية لنصفي الكرة الشمالي والجنوبي.
وخلال فى فصل الصيف يتحرك الفاصل المداري (ITCZ) نحو الشمال في نصف الكرة الشمالي، مما يؤثر على بعض المناطق الجنوبية للوطن العربي مثل السودان واليمن وأجزاء من السعودية ومصر.
موعد انخفاض ذروة الحرارة
توقعت عضو المركز الإعلامي بالهيئة العامة للأرصاد الجوية الدكتورة منار الغانم، انخفاض درجات الحرارة بداية من السبت القادم لتسجل القاهرة 37 درجة مئوية، وتعود درجات الحرارة إلى المعدلات الطبيعية بحلول الأحد والاثنين بالأسبوع المقبل.
ودعت الغانم، المواطنين إلى اتباع عدد من الإجراءات المهمة في سبيل حماية أنفسهم من القبة الحرارية مثل ارتداء ملابس قطنية فاتحة وفضفاضة، وغطاء للرأس، وشرب المياه باستمرار، وشرب السوائل الكافية قبل الخروج من المنزل، إضافة إلى عدم التعرض لأشعة الشمس المباشرة والاحتماء بمناطق الظل.