تسرب الهيدروجين في الأماكن المغلقة.. دراسة تخرج بنتائج صادمة

من المرجح أن يؤدي تسرب الهيدروجين إلى اشتعاله في الأماكن المغلقة؛ ما يدق جرس إنذار للتقنيات المستعمِلة لهذا الوقود منخفض الانبعاثات، مثل المركبات الهيدروجينية، وفق نتائج دراسة بحثية حديثة حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).

ومن الممكن أن يؤدي تسرب غاز الهيدروجين إلى حوادث غير مأمونة العواقب مثل الحرائق والانفجارات الشديدة، ولا سيما في الأماكن المغلقة أو ذات التهوية المحدودة.

كما أن تسرب الهيدروجين من المنشآت الصناعية يقترن عادةً بإطلاق انبعاثات بمستويات مرتفعة؛ ما يمثل انتكاسةً لأنصار الطاقة النظيفة بأشكالها المختلفة.

ولدى الهيدروجين المُنتَج في المنشآت الصناعية القدرة على التسرب بمعدل يتراوح بين 1% و2%، بل قد يزداد أحيانًا إلى 4.2%.

وبناءً عليه؛ فرغم أن الهيدروجين لا يُدرَج بقائمة غازات الدفيئة؛ فإن تسبُّب انبعاثاته الصناعية في تسريع وتيرة الاحترار العالمي يعادل 12.8 مرة تأثير غاز ثاني أكسيد الكربون، وفق نتائج دراسة منفصلة.

ويتناقض هذا مع معادلة الحياد الكربوني التي تتطلب مصادر طاقة متجددة خالية تمامًا من الانبعاثات؛ إذ قد يَنتُج عن تراكم مستويات الهيدروجين في الغلاف الجوي ثبات الميثان به لمدة أطول.

علامات استفهام

أظهرت دراسة بحثية فرنسية حديثة أن فرص الاشتعال الذاتي للهيدروجين المتسرب في مكان مغلَق، أعلى مما كان متصورًا في السابق؛ ما يضع علامات استفهام عديدةً أمام المستقبل الواعد للوقود منخفض الانبعاثات وفرص استبداله بمصادر الوقود الأحفوري في قطاعات عديدة مثل النقل والصناعات الثقيلة.

وتركز معظم الدراسات التي تناولت مسألة تسرب الهيدروجين على الحوادث الحاصلة في الهواء الطلق، غير أنها لم تحدد حجم تأثير التسرب في الأماكن المغلقة حتى الآن.

ووجد مؤلفو الدراسة الجديدة أن الأسطح القريبة من تسرب الهيدروجين من الممكن أن تتسبب بموجات صدمة تضغط وتسخن خليط الهيدروجين والهواء إلى نقطة الاشتعال التلقائي.

وتشير موجات الصدمة إلى ظاهرة فيزيائية تحدث عندما ينتقل جسم بسرعة تفوق سرعة الصوت.

ومن الممكن أن يشتعل الهيدروجين ذاتيًا دون شرارة حينما تتراوح درجات الحرارة من نحو 500 إلى 600 درجة مئوية في وجود الأكسجين، في حين يؤدي ضغط الغاز دورًا حاسمًا في رفع درجة الحرارة إلى تلك النقطة.

فمن الممكن أن يحدث اشتعال ذاتي للهيدروجين المتسرب من خزان يحوي هذا الغاز عند ضغط يصل إلى نحو 100 بار، عند درجات الحرارة المحيطة.

والبار هو وحدة لقياس الضغط؛ والبار الواحد يعادل تقريبًا الضغط الجوي العادي عند مستوى سطح البحر، وهو يساوي 100,000 باسكال.

وتُزوَّد معظم المركبات الهيدروجينية بخزانات تحوي غاز الهيدروجين المضغوط عند ضغط 250 أو 700 بار، وفق أرقام رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

أرقام تفصيلية

حسب نتائج الدراسة المنشورة في دورية كومباسشن أند فليم (Combustion and Flame)، فإن تسربًا للهيدروجين بعرض 1 مليمتر عند ضغط 65 بارًا قد يشتعل ذاتيًا إذا كان على بُعد 11 مليمترًا أو أقرب من الجدار.

ومع ذلك؛ فإن الهيدروجين نفسه المتسرب من الجدار على بُعد 12 مليمترًا لن يشتعل، وفق النتائج ذاتها التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وقالت الدراسة: "في أسوأ السيناريوهات، فإن نظام هيدروجين عند ضغط جوي منخفض 60 (أو ما يعادل 60.795 بار)، ربما يكون عُرضةً لاشتعال ذاتي إذا ظهر شَق كبير مع وجود عائق على مسافة 10 سنتيمترات من التسرب، كما هو الحال في حجرة المحرك".

ويُقر الباحثون بأن نتائجهم لا تأخذ في الحسبان سرعة فتحة التسرب، والتي يمكن أن تؤثر بقوة في تطوير موجة الصدمة أو احتكاك الأسطح العاكسة.

واستطردوا: "ومع ذلك تشير النتائج إلى تأثير قوي للغلق في مخاطر الاشتعال".

ومن الممكن أن يتسبب وجود الكهرباء الساكنة والاحتكاك والأسطح الحفازة مثل الصلب المقاوم للصدأ، كذلك في اشتعال الهيدروجين المتسرب، عند درجات حرارة أقل مما يحدث في الاشتعال الذاتي.

أسباب تسرب الهيدروجين

تُعزى حوادث تسرب الهيدروجين إلى واحد أو أكثر من العوامل التالية:

• التآكل:

قد يؤدي التآكل إلى تلف المواد المصنعة؛ منها الأجهزة والمعدات المستعمَلة في التعامل مع الهيدروجين؛ ما ينتُج عنه تسرب الغاز.

• الشقوق:

تزداد فرص ظهور الشقوق في الأنابيب والخزانات بمضي الوقت نتيجة تزايد الضغوط عليها أو تعرضها المستمر لدرجات الحرارة المتغيرة؛ ما يساعد في تسرب الهيدروجين.

• الأضرار الميكانيكية:

يمكن أن تؤدي الصدمات أو الحوادث إلى إتلاف الأجهزة والمعدات؛ ما ينتُج عنه في النهاية تسرب الهيدروجين.

• عيوب التصميم أو الصيانة:

من الممكن أن يتسبب سوء تصميم الأجهزة أو الصيانة غير الجيدة بحصول حوادث تسرب هيدروجين، ولا سيما إذا لم تُختبَر الأجهزة بشكلٍ كافٍ.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1. احتمالية اشتعال الهيدروجين المسرب، ذاتيًا من دراسة منشورة في دورية "كومباستشن أند فليم" نقلًا عن منصة "ساينس دايركت".
2. تسرب الهيدروجين من المنشآت الصناعية من دراسة منشورة في مجلة نيتشر (Nature).