تشهد ساحل العاج منذ أيام موجة احتجاجات شعبية متنامية، تجلّت في مسيرات حاشدة جابت شوارع العاصمة أبيدجان، رفضًا لإعلان الرئيس الحسن واتارا، البالغ من العمر 83 عامًا، نيته الترشح لولاية رئاسية رابعة في الانتخابات المقررة أكتوبر المقبل.
وقد ارتفعت أصوات المتظاهرين بشعارات حادة مثل "كفى يكفي!" و*"لا ديمقراطية حقيقية دون عدل حقيقي"*، تعبيرًا عن رفضهم لما يرونه مسارًا لترسيخ الحكم الفردي وإقصاء الخصوم السياسيين.
دوافع الغضب الشعبي
إعلان الترشح لولاية جديدة
يستند واتارا في قراره إلى تعديل دستوري أُقر عام 2016، أعاد ضبط عدّاد الفترات الرئاسية المسموح بها، ما يمنحه الحق القانوني – وفق تفسيره – في الترشح مجددًا، رغم توليه الرئاسة منذ 2011 وفوزه بولايتين متتاليتين. هذه الخطوة أعادت الجدل حول شرعية إعادة ضبط الولايات، وسط اتهامات بأنها وسيلة للتحايل على روح الدستور.
إقصاء شخصيات معارضة
استبعاد شخصيات بارزة من السباق الرئاسي، مثل الرئيس الأسبق لوران غباغبو ورئيس بنك كريدي سويس السابق تيجاني تيام، أثار موجة استياء داخل الأوساط السياسية والشعبية. وترى المعارضة أن هذا الإقصاء يهدف إلى تضييق الخناق على المنافسة الحقيقية وضمان سيطرة واتارا على العملية الانتخابية.
تصاعد القمع السياسي
منظمات حقوقية وأحزاب معارضة اتهمت السلطات بتصعيد حملات التضييق على الحريات، عبر موجات اعتقالات طالت نشطاء سياسيين، واستخدام القوة المفرطة لتفريق المظاهرات، خاصة في ضاحية يوبوغون التي شهدت مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين.
خلفية سياسية متوترة
ساحل العاج عرفت خلال العقدين الماضيين أزمات سياسية حادة، أبرزها الحرب الأهلية التي اندلعت بين عامي 2010 و2011 عقب انتخابات متنازع على نتائجها، وأسفرت عن سقوط آلاف القتلى وتهجير عشرات الآلاف. وصول واتارا إلى السلطة جاء بعد تدخل عسكري إقليمي ودولي دعمه في مواجهة غباغبو، لكن المشهد السياسي ظل هشًا، مع استمرار الانقسامات العرقية والسياسية.
قرار الترشح لولاية رابعة يضع البلاد مجددًا أمام اختبار سياسي وأمني حساس، إذ يرى كثير من المراقبين أن تجاوز القيود الدستورية على مدد الحكم غالبًا ما يكون مقدمة لاضطرابات سياسية في إفريقيا، كما حدث في غينيا وكينيا وأوغندا.
تقييم المشهد الحالي
مخاوف على المسار الديمقراطي
يعتبر محللون أن ترشح واتارا مجددًا قد يقوّض الثقة في العملية الانتخابية، ويؤدي إلى تراجع المؤشرات الديمقراطية التي حققتها البلاد خلال العقد الأخير.
خطر انفجار سياسي
مع إصرار المعارضة على المطالبة بالمشاركة الكاملة وضمانات النزاهة، واستمرار السلطة في إجراءاتها المثيرة للجدل، تزداد احتمالات اندلاع مواجهات سياسية وأمنية، خصوصًا مع اقتراب موعد الاقتراع.
في النهاية الاحتجاجات الحالية في ساحل العاج ليست مجرد رد فعل على إعلان ترشح الرئيس، بل هي انعكاس لتراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية ممتدة، وشعور متزايد بأن الديمقراطية في البلاد تواجه تحديًا حقيقيًا. وبينما يترقب الإيفواريون ما ستؤول إليه الأوضاع في أكتوبر، يبقى السؤال: هل تكون الانتخابات المقبلة محطة لتعزيز المسار الديمقراطي، أم خطوة أخرى نحو ترسيخ سلطة الفرد؟