يزداد التوجه نحو ابتكار بطاريات ليثيوم أيون أكثر استدامة لتلبية المتطلبات البيئية، دون التضحية بالأداء، إذ غالبًا ما تعتمد هذه البطاريات على مواد مثيرة للجدل وباهظة الثمن.
ويتضاعف الطلب بسرعة هائلة على حلول تخزين طاقة أنظف وأقل تكلفة وأكثر أخلاقية، وتعمل جميع السيارات الكهربائية، وأنظمة تخزين الكهرباء عبر الشبكة، والأجهزة الإلكترونية المحمولة ببطاريات ليثيوم أيون.
لطالما كان الكوبالت مكونًا رئيسًا في بطاريات الليثيوم أيون، وخاصةً في الكاثود، وهو الجزء المسؤول عن تخزين وإطلاق أيونات الليثيوم؛ إلّا أن الكوبالت يُعدّ سامًّا ومكلفًا.
وفي أحدث التطورات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يعمل الباحث المغربي الحسين المعطاوي، من جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، على تطوير تقنيات البطاريات الخالية من الكوبالت،
الباحث المغربي الحسين المعطاوي
يركّز أحدث أبحاث الباحث المغربي الحسين المعطاوي على طريقة تُسمى التنشيط بأنيون الفلور، في كاثودات أكسيد النيكل والليثيوم أحادية الجسيم؛ بهدف إنتاج بطاريات ليثيوم أيون عالية الأداء، فعّالة من حيث التكلفة وصديقة للبيئة، بحسب ما نقلته منصة "موروكو وورلد نيوز" (Morocco World News).
ويقول المعطاوي: "بالنسبة للكوبالت، هناك مشكلتان رئيستان.. الأولى هي ارتفاع سعر الكوبالت، والثانية هي سمّيته".
واستجاب مصنّعو البطاريات والباحثون لذلك بمحاولة تقليل محتوى الكوبالت؛ فمنذ عام 2010، خفضت تركيبات البطاريات استعمال الكوبالت من 100% في أكسيد كوبالت الليثيوم (LCO) إلى نحو 10% في التقنيات الحالية، مثل أكاسيد النيكل والمنغنيز والكوبالت، وأكاسيد النيكل والكوبالت والألومنيوم، المستعملة في السيارات الكهربائية من قِبل شركات مثل تيسلا (Tesla).
والآن، الهدف هو الاستغناء تمامًا عن الكوبالت مع الحفاظ على أداء مماثل.
ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، يتمحور بحث "المعطاوي" حول أكسيد النيكل والليثيوم، وهي مادة كاثود غنية بالنيكل تُغني عن الكوبالت تمامًا.
وعلى الرغم من واعديتها، تُعرف مادة أكسيد النيكل والليثيوم بعدم استقرارها الهيكلي، خاصةً عند شحنها وتفريغها بشكل متكرر.
ولحلّ هذه المشكلة، أضاف "المعطاوي" وزملاؤه كمية صغيرة من الفلور إلى الهيكل باستعمال عملية جديدة تجمع بين التخليق الحراري المائي والطحن الكروي (عملية ميكانيكية تُستعمل لتقليل حجم الجسيمات في المواد المختلفة عن طريق صدمها بكرات معدنية داخل أسطوانة دوارة).
وقال: "الفكرة هنا هي تعزيز الرابطة بين النيكل والأكسجين بإضافة كمية صغيرة من الفلور، ما يجعل الهيكل أكثر مقاومة للتدهور في أثناء الدورة".
بطاريات ليثيوم أيون مبتكرة
تُعدّ بطاريات الليثيوم أيون المبتكرة هذه خطوة كبيرة إلى الأمام في مجال تكنولوجيا البطاريات الخالية من الكوبالت؛ إذ توفر هذه الإستراتيجية "ميزة مزدوجة": استقرارًا هيكليًا أفضل، وسعة تخزين عالية.
وأوضح الباحث المغربي أنه على الرغم من أن كاثودات النيكل والليثيوم المشبَعة بالفلور ما تزال قيد الاختبار على نطاق المختبر، فإنها تُظهِر نتائج واعدة مقارنةً بالمواد التقليدية القائمة على الكوبالت.
وقال: "نحن ننافس أكاسيد النيكل والمنغنيز والكوبالت، وأكاسيد النيكل والكوبالت والألومنيوم، ليس فقط من حيث الأداء، ولكن أيضًا من حيث التكلفة".

ووفق التفاصيل لدى منصة الطاقة المتخصصة، يُعدّ الفلور العنصر الأكثر كهرسلبية في الجدول الدوري، ما يعني أنه يتمتع بقدرة كبيرة على جذب الإلكترونات (الكهرسلبية أو السالبية الكهربائية هي مقياس لمقدرة الذرة في الجزيء التساهمي على جذب الإلكترونات في الروابط الكيميائية).
وعند استبدال كمية صغيرة من الأكسجين في أكسيد النيكل والليثيوم بالفلور، فإن ذلك يُقوّي الروابط الكيميائية داخل المادة، ما يجعلها أقل عرضة للتشقق أو التدهور في أثناء دورة البطارية.
ووجد "المعطاوي" وزملاؤه أن التغيرات في حجم مادة الكاثود خلال دورات الشحن والتفريغ قد انخفضت بنسبة 2% بفضل التنشيط بالفلور، وهذا الانخفاض في التغير الحجمي يعني أن المادة تدوم لمدة أطول، وتظل أكثر موثوقية.
وقال: "لاحظنا أنه مع الفلور، انخفض التغير الحجمي بنحو 2%.. هذا أحد الآثار الإيجابية لإضافة الفلور إلى بنية أكسيد النيكل والليثيوم".
عقبات البطاريات الخالية من الكوبالت
إن إنشاء كاثود مستقر وعالي الأداء وخالٍ من الكوبالت ليس بالمهمة السهلة؛ فمن أكبر العقبات التقنية التحكم في مورفولوجيا الجسيمات، أو شكلها وحجمها، وهو ما أقرّ به الباحث المغربي الحسين المعطاوي.
وقال: "من الصعب جدًا التحكم في مورفولوجيا الجسيمات.. كان علينا تحسين كل شيء من الطحن الكروي إلى التكليس (عملية معالجة حرارية تُطبَّق على المواد الخام والمواد الصلبة الأخرى من أجل إحداث تحلُّل حراري، وتحوّل طوري، أو إزالة الجزء المتطاير من المادة)، مع التأكد من أن درجة الحرارة لا تتجاوز 800 درجة مئوية لتجنُّب المشكلات الهيكلية".
وكان التحدي الآخر هو ضمان توزيع الفلور بالتساوي في جميع أنحاء المادة، ولتحقيق ذلك، كان على الفريق معايرة نسبة فلوريد الألومنيوم المستعمل بوصفه مادة أولية، إذ تُركّز الأبحاث الجارية الآن على إيجاد الحدّ الأقصى من الفلور الذي يمكن إضافته دون الإخلال ببُنية المادة.
والهدف النهائي هو توسيع نطاق هذه التقنية من خلايا معدنية بحجم المختبر إلى أنظمة بطاريات كاملة، وهذا ما يزال على بُعد خطوات قليلة، وفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ويقول المعطاوي: "إن تطوير مادة مخصصة ليس بالأمر السهل.. يتطلب الأمر اختبارها في ظل ظروف مختلفة، مثل درجة الحرارة، وكثافة التيار، وما إلى ذلك".
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: