الرمال السوداء.. حكاية ذهب مصر الأسود الذي تنتظره الصناعات العالمية - غاية السعودية
غاية السعودية يكتُب.. في تحرك لافت يكشف عن إدراك متزايد لقيمة الثروات الطبيعية الكامنة، بدأت مصر مرحلة جديدة من التنقيب عن مواردها المدفونة، وفي مقدمتها الرمال السوداء التي تحمل بداخلها عناصر نادرة ذات أهمية استراتيجية واقتصادية متعاظمة، حيث تستعد الدولة لتوظيف هذه الثروة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة منها خلال المرحلة المقبلة.
الرمال السوداء ثروة كبيرة ظلت لعقود مدفونة على السواحل دون استغلال كافٍ، بدأت تتصدر المشهد الاقتصادي والصناعي لما تحمله من إمكانيات واعدة تدخل في صميم الصناعات العالمية الحديثة.
ما هي الرمال السوداء؟
الرمال السوداء هي رواسب شاطئية ثقيلة، ذات لون داكن، تتكون في الأساس عند مصبات الأنهار، وتحديدًا عند التقاء النيل بالبحر.
وتتميز هذه الرمال بأنها تحتوي على نسب عالية من المعادن الثقيلة التي تدخل في صناعات متعددة ومتقدمة، ما يجعلها من الموارد ذات القيمة الاستراتيجية.

امتداد جغرافي واسع من أبو قير إلى العريش
وفي هذا السياق، قال الدكتور أحمد عبد الكريم، عضو اللجنة العلمية بالشركة المصرية للرمال السوداء، إن هذه الرمال تمتد بطول 400 كيلومتر تقريبًا، على طول الساحل الشمالي من منطقة أبو قير غربًا حتى العريش شرقًا، نتيجة للترسيب الطبيعي القادم من نهر النيل إلى البحر المتوسط.
وأكد عبد الكريم، في تصريحات تليفزيونية، أن مصر تمتلك 11 موقعًا غنيًا بالرمال السوداء من شمال البلاد إلى جنوبها، ما يعزز فرص الاستغلال الصناعي الواسع، حيث تضم الرمال السوداء 6 معادن رئيسية تُستخدم في ما يقرب من 49 صناعة متطورة، من بينها: صناعة الدهانات، والجلود، والبلاستيك، والسيراميك، وأنابيب البترول، والسيارات الكهربائية، والغواصات، والصواريخ، والطائرات، وغيرها من الصناعات ذات الأهمية الاقتصادية العالية.
مصر تمتلك أكبر احتياطي عالمي من الرمال السوداء
بحسب ما أكده الخبراء، فإن مصر تمتلك أكبر احتياطي من الرمال السوداء في العالم، يُقدر بـ 65% من الاحتياطي العالمي، بإجمالي يبلغ 5 مليارات متر مكعب من الرمال السوداء على مستوى العالم، وهذا الرقم يضع مصر في موقع ريادي عالمي إذا تم استغلال هذه الموارد بالصورة المثلى.
وبعد استخراج الرمال، يتم فصل المعادن من الرمال السوداء باستخدام أجهزة خاصة داخل وحدات صناعية متطورة تقام بالقرب من مناطق الترسّب، وهذه العمليات التحويلية تُنتج مواد خام تدخل مباشرة في الصناعات الاستراتيجية، ما يحول الرمال السوداء من مجرد رواسب ساحلية إلى منتجات صناعية عالية القيمة، تُعزز من القدرات الاقتصادية لمصر وتفتح آفاقًا واسعة للتصدير والصناعات المحلية.

6 ملايين طن من المعادن المشعة والعناصر الأرضية النادرة
وفقًا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تحتوي الرمال السوداء المصرية على ما يقرب من 6 ملايين طن من المعادن المشعة والعناصر الأرضية النادرة، مثل اليورانيوم والثوريوم، إلى جانب عناصر أخرى نادرة باتت تُستخدم بشكل متزايد في تطبيقات التكنولوجيا الحديثة، مما يعكس أهمية هذه الثروات في المستقبل الصناعي للدولة.
من بين المناطق الواعدة، تتصدر منطقة أبو طرطور قائمة المواقع الغنية بالعناصر الأرضية النادرة، وتشير دراسة حديثة إلى إمكانية استغلال مخلفات تركيز الفسفور في أبو طرطور كمصدر جديد لاستخلاص هذه العناصر، وهو ما يمثل تطورًا نوعيًا في استراتيجيات الاستفادة من الموارد التعدينية وتحقيق قيمة مضافة من المخلفات المعدنية.
8 ملايين جنيه لاستكشاف واستغلال الرمال السوداء
في خطوة تعكس جدية الدولة في تطوير هذا القطاع، خصصت الحكومة نحو 8 ملايين جنيه خلال العام المالي المقبل لعمليات الاستكشاف والتقييم والاستغلال الاقتصادي للرمال السوداء ومعادنها، وتأتي هذه المخصصات كإشارة إلى بداية مرحلة جديدة تعتمد على التوسع في أعمال التنقيب وتحقيق أكبر عائد ممكن من هذه الثروات.
وتشير هذه التحركات إلى إدراك الدولة العميق لأهمية ما تمتلكه من ثروات استراتيجية غير مستغلة بعد، وبينما تتسارع وتيرة التغيرات في سوق الصناعات التكنولوجية عالميًا، تبدو مصر على أعتاب مرحلة واعدة، تستثمر فيها في ما ظلت لعقود طويلة تعتبره "مخزونًا مؤجلًا" من المعادن النادرة.

مصر في موقع متقدم على خريطة الموارد المستقبلية
الاستثمار في الرمال السوداء والعناصر الأرضية النادرة قد لا يكون مجرد مشروع اقتصادي، بل تحول استراتيجي يمكن أن يضع مصر في موقع متقدم ضمن خريطة الموارد المستقبلية.
وفي الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم على تأمين احتياجاتها من العناصر الأرضية النادرة، تضع مصر قدمها بثبات على طريق استثمار أحد أهم مواردها الطبيعية غير التقليدية، والرمال السوداء لم تعد مجرد رواسب شاطئية مهملة، بل باتت ركيزة استراتيجية تحمل في طياتها مستقبلًا اقتصاديًا واعدًا، ومع تخصيص موازنة رسمية لعمليات الاستكشاف والاستغلال، تبدأ مصر فصلًا جديدًا من حكاية ثرواتها المدفونة، لتُحسن توظيفها لتصبح لاعبًا محوريًا في سباق المعادن النادرة.
كُنا قد تحدثنا في خبر الرمال السوداء.. حكاية ذهب مصر الأسود الذي تنتظره الصناعات العالمية - غاية السعودية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية السعودية الالكتروني.