إحدى أكبر مزارع الرياح البحرية في العالم تهدد الطيور (تقرير)

تحوّل أحد أكبر مشروعات مزارع الرياح البحرية في العالم إلى صداع يؤرّق نشطاء البيئة لما يَنتُج عنه من تهديدات وجودية مباشرة بالنسبة إلى الطيور البحرية في المنطقة.

ويتخوّف أنصار البيئة من أن يؤدي تطوير موقع مزرعة الرياح المقترحة برويك بنك (Berwick Bank) على الساحل الشرقي لإسكتلندا، إلى إزالة الموائل الخاصة بالطيور؛ ما يتسبّب باندثارها في نهاية المطاف.

وكان من المخطط أن تولّد مزرعة الرياح نفسها كهرباء نظيفة تصل إلى 4.1 غيغاواط؛ وهي سعة تكفي لتشغيل أكثر من 6 ملايين منزل، وفق أرقام طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وتعادل السعة الكهربائية المولّدة من المشروع ضعف الكهرباء المُستعمَلة في منازل إسكتلندا جميعها؛ ما يوفّر انبعاثات كربونية تصل إلى 8 ملايين طن سنويًا.

وإلى جانب تدمير الموائل الطبيعية للأنواع الحية، من الممكن أن تتسبّب توربينات الرياح بحوادث مميتة عند اصطدام الطيور المهاجرة بها؛ ما يَحد من التوسع في مثل تلك المشروعات النظيفة التي يُراهَن عليها في تسريع التحوّل الأخضر.

مزارع الرياح البحرية.. الوجه الآخر

حذّر خبراء البيئة من أن خطط بناء واحدة من أكبر مزارع الرياح البحرية في العالم لها تداعيات مدمرة بالنسبة إلى الطيور البحرية، حسب ما أورده تقرير نشره موقع التلفزيون الإسكتلندي إس تي في (stv).

وستحوي المزرعة المقترحة 307 توربينات ستُبنى في خليج فورث الخارجي الذي يَبعُد نحو 40 كيلومترًا قبالة السواحل الإسكتلندية، وبالقرب من مستعمرات الطيور الرئيسة مثل: باس روك (Bass Rock)، وذا آيسل أوف ماي (the Isle of May).

وتُعد المنطقة المذكورة مركزًا لمجموعة متنوعة من الأنواع الحية، بما في ذلك طيور البفن -أو "ببغاء البحر-، وأبوموس، والغلموت، والأقحوان، وغيرها.

وشهدت جزيرة كريغليث الواقعة قبالة نورث برويك زيادةً متسارعة في أعقاب عقدَيْن من الأعمال التي تستهدف المحافظة على البيئة وأنواعها الحية.

فقد ساعد أكثر من ألف متطوع في إزالة نبات الخطمي، وهو نبات كان يغطّي في السابق 80% من الأراضي، ويحول دون تعشيش طيور البفن في جحورها.

وحاليًا يُقدّر عدد أزواج الطيور المتكاثرة التي تعيش في كريغليث بنحو 5 آلاف زوج، قياسًا بنحو 1000 زوج في عام 2007.

غير أن أعداد الطيور في المملكة المتحدة تشهد تناقصًا ملحوظًا؛ إذ وجدت أحدث إحصائية شملت الطيور البحرية أن قرابة 70% من أنواع الطيور البحرية في إسكتلندا قد تراجعت على مدى 20 عامًا.

7 أنواع طيور في خطر

أوضحت الإحصاءات ذاتها أن هناك 7 أنواع من الطيور البحرية تسجل تراجعًا في العدد على مدى 50 عامًا.

ويخشى أنصار المحافظة على البيئة إمكان أن تهدد مزرعة رياح "برويك بنك" وجود طيور البفن وغيرها من أنواع الطيور البحرية الأخرى التي تعيش شرق الساحل.

ويُعد شهر يوليو/تموز التوقيت الذي تقوم فيه طيور البفن الصغيرة في خليج فورث بأولى رحلاتها.

وبفضل الأعمال الجارية في كريغليث، فإن لدى الكثير من تلك الطيور فرصة للقيام بتلك الرحلات.

فعلى مدى نحو عقدَيْن من الزمن، عمل المتطوعون على قطع أشجار الخطمي من أجل المساعدة في الحفاظ على أعداد الطيور البحرية في الجزيرة.

وقال أحد المتطوعين، ويُدعى جون هانتر: "حينما شرعنا في العمل لم يكن هناك الكثير من طيور البفن تعشش في جحورها؛ وربما لم يتجاوز عددها 100، لكن نعتقد أن هناك الآن 5 آلاف زوج من تلك الطيور موجودة في جحورها؛ ولذا يبدو الأمر واعدًا بالنسبة إليها".

وأضاف: "سيتعين علينا مواصلة العمل لعدة سنوات أخرى في إرسال فرق العمل اللازمة للسيطرة على نمو نبات الخطمي"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

مخاوف بيئية

على الرغم من المخاوف البيئية، فإن شركة الطاقة إس إس إي رينيوابولز (SSE Renewables) قالت إن مشروع مزرعة رياح "برويك بنك" لا غنى عنه لتحول الطاقة في إسكتلندا.

ولم تُصدِر الحكومة الإسكتلندية بَعْد قرارها النهائي بشأن المشروع، بعد قرابة عامَيْن من تقديم "إس إس إي رينيوابولز" طلبها الخاص بالحصول على ترخيص بشأنه في أواخر عام 2022.

ووصفت "إس إس إي رينيوابولز" "برويك بنك" بأنه أحد أهم مشروعات طاقة الرياح البحرية في العالم؛ غير أن تقييم الآثار البيئية الذي أجرته الشركة بشأن المشروع أظهر إمكان حصول أكثر من 31 ألف حالة تصادم بالطيور خلال العمر التشغيلي للمشروع.

وقالت الشركة: "نشعر ببالغ القلق إزاء التأثير المقترِن بالمشروع؛ وهذه الطيور البحرية تكافح بالفعل على الجزر التي نهتم بها؛ وستحلّق بالقرب من موقع المشروع عند خروجها بحثًا عن الطعام".

وتابع: "نحن بحاجة إلى النظر إلى تلك القضايا وبذل قصارى جهدنا من أجل حماية تلك الطيور البحرية، فهذا أمر بالغ الأهمية"، حسب تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

الطاقة النظيفة مهمة.. ولكن

حذّر المسؤول في الجمعية الملكية لحماية الطيور في إسكتلندا (RSPB)، إيدان سميث، من أن مشروع "برويك بنك" قد يكون له تأثير "مدمر حقًا" في الطيور البحرية.

وأضاف سميث: "ثمة هلع من استعمال التوربينات؛ فالطيور ترى شيئًا غير معتاد في بيئتها وتتجنّب التحليق في تلك المنطقة".

وتابع: "إذا كان هذا مكانًا تعتمد عليه الطيور للتغذية، ولا تستطيع العثور على طعام في مكان آخر، فربما تواجه صعوبةً في إطعام صغارها أو قد تُهلك جوعًا".

وطالب سميث بوجوب إعادة استثمار الأرباح المتحققة من مشروعات طاقة الرياح البحرية لحماية موائل الطيور البحرية، مردفًا: "نحتاج إلى تحقيق التوازن بأقل أضرار ممكنة؛ فنحن نحتاج إلى المصادر المتجددة دون شك، لكن في الوقت ذاته نرغب في أن تعيش طيورنا البحرية في سلام وتزدهر".

وأتم: "إذا كان الحل لمشكلة تغير المناخ يعني تدمير بيئتنا الطبيعية، فهذا ليس حلًا على الإطلاق".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:
1.تأثر الطيور البحرية بأحد أكبر مزارع الرياح البحرية في العالم من موقع التلفزيون الإسكتلندي "إس تي في".
2.سعة الكهرباء المخطط توليدها من المزرعة من الموقع الرسمي للمشروع.